خبرٌ صغير، لكنه خطير وله مدلولات عميقة، لم تكترث له صحف الخرطوم، ولم يجد التحليل الكافي، وهو ما أورده الباحث الباحث العسكري المصري محمد الكناني، لقناة (آر تي) المصرية، بقوله إن الجيش المصري شرع في بناء قاعدة عسكرية في مثلث حلايب من ضمن (5) قواعد عسكرية جديدة في البحرين الأحمر والمتوسط. وإنه سيتم افتتاحها قريباً في إطار خطة التطوير الشامل للقوات البحرية المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط لمجابهة التحديات والتهديدات المتواجدة حالياً في المنطقة من ضمنها حماية المصالح الاقتصادية المصرية وحماية تأمين خطوط الملاحة العالمية، ودور مصر في حماية أمن الملاحة في شرق وجنوب شرق البحر المتوسط.
كنتُ أتمنّى أن أسمع رد فعل رسمي من الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية أو الناطق الرسمي باسم الحكومة الاستاذ فيصل محمد صالح.
فالموقف غير مُستغرَب من الحكومة المصرية والتي استخدمت القوة العسكرية المُفرطة واحتلت منطقة حلايب بسبب ضعف الحكومة السابقة التي كانت تُحارب في جبهات عديدة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، بل وتعامَلت بدبلوماسية مع ملف حلايب، الأمر الذي وجد استهجان الشعب السوداني باعتبار أن حلايب سودانية ولا مزايدة حولها، مما يعني أن الحكومة السابقة كان عليها أن تتخذ موقفاً قوياً فيها.
ومعروف أن مصر رفضَت التحكيم الدولي حول حلايب لأنها تُدرِك أن حجتها ودفوعاتها القانونية لا تؤهِّلها للخوض في استقطاع جزءٍ يسيرٍ من مثلث حلايب ناهيك عن المنطقة بأكملها.
ومعروف أن هناك جهات تريد إذكاء نار الفتنة بين الخرطوم والقاهرة، مما يتطلب ضرورة معالجة تلك الأزمة بالحكمة دون اللجوء لاي عنف، ولكن بالضغط المتواصل والاستعانة بالأصدقاء، خاصة دول الاتحاد الأوربي، بعد الانفتاح الذي عاشه السودان في أعقاب ثورة ديمسبر، والتي مكّنته من الجلوس إلى أطراف ما كان لأي مسؤول سوداني سابق أن يقترب ويجلس إليها، صحيح أن هناك أولويات تتطلب المناقشة، ولكن موضوع السيادة لا أعتقد أنه يقل عن أي موضوع آخر، فقضية حلايب قضية سيادية من الدرجة الأولى والتعامُل معها لابد أن يكون بحساسية عالية، ودون إفراط أو تفريط.
معروف أهمية منطقة حلايب كمنطقة سياحية على البحر الأحمر الذي يتميز بشعب مرجانية قلّما توجد في بحار العالم، فضلاً عن الأرض الغنية بكثير من المعادن كالذهب والبترول وغيرهما، وهي بلا شك ستكون مطامع لكثير من الدول التي تعمل على إذكاء نار الفتنة بين الخرطوم والقاهرة لعدم استغلال تلك الثروة.
على المجلس السيادي ومجلس الوزراء مخاطبة الحكومة المصرية رسمياً بإخلاء منطقة حلايب، والكل يُدرِك الظروف والملابسات التي احتلت فيها مصر المنطقة، وبعد رياح التغيير التي هبت على السودان يجب على مصر والمجتمع الدولي إعادة السودان، وأراضيه المستقطعة إلى وضعه الطبيعي دون أي مزايدات.