*تقول الحكاية إن ملكاً أراد تفقّد رعيته وهو متنكر في زي تاجر حتى لا يعرفه الناس، ودخل الملك السوق، وظل يتجول في المحلات التجارية ويرى البضائع المختلفة ويسأل عن أسعارها حتى يعلم الجشع منهم من الذي يخاف الله في بيعه.
*لفت نظر الملك دكان على أطراف السوق ليست به بضاعة كثيرة، ويجلس في الدكان شيخ كبير، فأقبل عليه الملك وسلم عليه فرد عليه الشيخ التحية وابتسامة عريضة على وجهه، ثم سأله الملك عن بضاعته التي يبيعها في هذا الدكان.
*قال التاجر إنه لا يبيع بضاعة بثمن على الإطلاق، فتعجب الملك وقال له إني لا أرى أي بضاعة فماذا تبيع، فقال التاجر إني أبيع الحكمة ليستفيد منها الناس.
*ابتسم الملك وقال له إذن اعطني حكمة، فرفع له لوحة مكتوب عليها “فكّر قبل أن تعمل”، فسأله الملك كم ثمن هذه الحكمة فقال له التاجر “عشرة آلاف دينار”، ضحك الملك وقال له تبيع لي هذه الحكمة بألف دينار فرفض التاجر، وظل الملك يرفع السعر حتى وصل إلى تسعة آلاف دينار، وأيضًا رفض التاجر.
*ذهب الملك وتوقع أن يناديه التاجر ويقبل بالسعر الذي عرضه عليه، ولكن التاجر لم يفعل ذلك، وأثناء سير الملك في السوق تذكر أنه كان يريد أن يفعل شيئاً ما ولكنه تراجع عن فعله لما يسببه من ضرر له ولرعيته.
*وحينها أدرك الملك قيمة الحكمة التي كان التاجر يريد أن يبيعها له فعاد للتاجر واشترى منه الحكمه بالسعر الذي طلبه التاجر.
*وقبل أن يسلمه اللوحة وبها الحكمه اشترط التاجر على الملك أن يعلق هذه اللوحة في منزله وأمام غرفة نومه، وفي مجلسه وفي كل مكان في بيته.
*فعل الملك ما اشترطه التاجر عليه، وبعد مرور أعوام من شراء اللوحة كان قائد حرس الملك يدبر مكيدة لقتل الملك واستلام الحكم بدلاً عنه، فأغرىاء حلاق الملك بالاشتراك معه في قتل الملك ووافق الحلاق على ذلك.
*وفي يوم تنفيذ المكيدة كان الحلاق يستعد للذهاب للملك في غرفته وكان يرى على جدران القصر الحكمة “فكر قبل أن تفعل”، وهي معلقة في كل مكان، وعندما اقترب من باب غرفة الملك وجد نفس الحكمة معلقة وعند دخوله للغرفة وجدها كذلك معلقة، فانهار الحلاق أمام الملك واعترف له بالمكيدة.
*قبض على المدبرين وعلى رأسهم حرس الملك الخاص وأعفى الملك عن الحلاق، وحينها أراد الملك أن يذهب للتاجر ليشتري منه لوحة جديدة بها حكمة أخرى، ولكنه وجد متجره مغلقاً وبالسؤال عن التاجر أخبره التجار أن رحل عن الدنيا.
*فكر قبل أن تعمل حكمة لو استخدمها الجميع في حياتهم العامة لاستفادوا منها كثيراً، ولو استخدمها وزراء “قحت” لعبر السودان إلى بر الأمان.
*المطلوب من الحكومة الانتقالية بدءاً من رئيس الوزراء ومن بعده طاقمه الوزاري، أن يفكروا جيداً قبل أن يعملوا حتى لا تكثر بيانات النفي بعد التصريحات التي تُطلَق قبل التفكير.