* من شأن التأكيد الذي أطلقه رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، بأن قضية مشروع الجزيرة تتطلب كنس كل قياداته، ومحاسبة من قام بتدميره، وإلغاء القوانين السابقة للمشروع التي أدخلها العهد السابق وإيجاد قانون جديد ليحكم النظم الحديثة في المشروع واتحاد المزارعين وفق ديمقراطية حقيقية ، من شأنه أن يعيد ملف هذا المشروع (المدمر) إلى دائرة الضوء.
*حديث الإمام الصادق يأتي ولا يُنكر أحدٌ ما، فضلَ (مشروع الجزيرة) على الاقتصاد السوداني إلا مكابرٌ، ويؤكد ذلك تقريرٌ بريطانيٌّ عن المشروع في سنة 1950-1951 حين أشار إلى أن أرباحَ مشروع الجزيرة في ذاك العام بلغت (ثلاثة وعشرون مليون جنيه استرليني)!!! كانت حينها بريطانيا تُديرُ شؤونَنا..!!
* أتدرون ماذا فعلت حكومةُ الحاكمِ العام بتلك الأرباح؟ الحكومة البريطانية استخدمت هذه العائدات في تشييدِ المشاريعِ التالية: (ميناءُ بورتسودان، وتوصيل سكك حديد إلى الخرطوم – مدني – بورتسودان، وبناء الوزارات بالخرطوم. وبناء كليةِ غردون، (مباني جامعة الخرطوم حالياً) وبناء خزان سنار والقنوات والمواجر حتى نهاية المشروع، وإنشاء سكك حديد الجزيرة، واستجلاب وإنشاء المحالج والهندسة الزراعية!!.
*تعاقبتْ الحكومات على السودان وتعاقبت معها كذلك السياسات ولحق ما لحقَ بمشروعِ الجزيرة من تلك السياسات التي لم تأتِ برداً وسلاماً على المشروع فنال نصيبَه الأوفر من التدهورِ والإهمالِ وقيل الدمار ..
*مراقبون يؤرخونَ للتدهورِ الأخير لمشروع الجزيرة إلى العام 2005م في أعقابِ صدورِ قانون 2005م والذي قلبَ الامورَ رأساً على عقب، حيث تم إلغاءُ المفتشين والخفراءُ فتدهور الإنتاج بسبب ذاك القرار ووصل إلى مرحلة الصفر…
*هذا القانونُ كان بمثابةِ مسمارِ نعشٍ للمشروعِ حيث انتهى من مجلس الإدارة إضافةً الى الحرية التي أتيحت للمزارعِ في زراعة ما يشاء وقت ما يشاء، الأمر الذي ضربت به العروة الدورة الرباعية والتي كانت المنظمه لعملية الري المشروع حيث تعمل الإدارة على ري 50% من المساحة المزروعة .
* البعض يرى أن مشكلة مشروع الجزيرة سوء إدارة خاصةَ إدارة الري والتي أصبحت مشكلة متواصلة بصورة سنوية، فمشكلة الري بحسب هؤلاء تُعدُّ من أكثرِ التحديات التي واجهتْ المزارعين خلال السنوات الماضية، فتجاهُلُ إدارة الري لعمليات النظافة وتطهير الترع من الطمي وأشجار المسكيت أدى إلى توقفِ النشاط الزراعي والرعوي، الأمر الذي يتطلّب تصحيحاً من قِبل إدارةِ المشروع لإرجاع الحياة الزراعية لسكان الجزيرة.
* فيما يرى آخرون أن مشكلة مشروع الجزيرة إدارية فنية بحتة وأن بداية تدهورِهِ تعود إلى العام 1993م حين أصدرت حكومةُ الإنقاذ السابقة قراراً بتقليل نِسبِ مجلس الإدارة إلى 50% من المزارعين مخالفةً بذلك المثلثَ الذي يقوم به المشروع وهو الإدارة والري والمزارعين بعدها جاءت حكومة الإنقاذ بسياسة التحرير التي أخرجت البلاد من الزراعة والإنتاج.
*عموما فإن الجرائم التي اقترفت في حق مشروع الجزيرة – كما يقول مزارعون تحدّثوا بدأت بمحاربة الحكومة السابقة لزراعةِ القطنِ بالمشروع بتقليل المساحات وتدمير البنى التحتيةِ التي يعتمد عليها القطنُ من السكك حديد والمحالج إضافةَ إلى تفكيكِ الورش بالحصاحيصا ومارنجان والتي كانت تتم فيها عمليات الصيانة وتوفير الاسبيرات للمحالجِ والتي آصبحت خاليةً الآن..
* وجاءت الحلقةُ قبل الأخيرة في تدمير المشروع بدخول زراعة القطن المُحوّرِ وراثياً والذي كان وراءه وزير الزراعة آنذاك عبد الحليم المتعافي والذي كان مُصرّا عليه رغم المحاذير التي قدمها الخبراء الزراعيون.
*نهاية المشروع الرسمية كانت في العام 2008م خلال عهد الشريف ود بدر حين سرّح العمالَ والموظفين البالغ عددهم أكثر من (3) آلاف موظف.