القاضي محمد الأمين بن القرشي بن الشيخ البصير الحلاوي. ولد في مدينة رفاعة سنة 1308هـ الموافق 1886 م. والده كان أميراً في جيش المهدية وعمه الشيخ محمد الطيب البصير عينه المهدي قائداً للمنطقة الوسطى. والدته هي فاطمة بنت القاضي محمد إبراهيم وأخوال أمه هم آل البنا وهم بيت اشتهر بالشعر، ولعل ذلك كان له أثر في ما تميز به القاضي محمد الأمين القرشي من شعر جيد رصين. درس في خلوة أبي فروع قرب الحصاحيصا، ثم انتقل إلى خلوة جده الشيخ القرشي ود الزين في قرية طيبة القرشي. وبعد أن أكمل حفظ القرآن الكريم رجع إلى رفاعة وبدأ دراسة العلم على الشيخ يوسف ود نعمة.
ثم انتقل إلى الدراسة النظامية فدرس في مدرسة بابكر بدري، ثم درس في كلية غوردون وتخصص في قسم القضاء الشرعي. عمل بعد تخرجه في القضاء بالدويم ثم الخرطوم ثم بارا ثم سنجة ثم عين قاضياً لأبي زبد ثم أمدرمان ثم الحصاحيصا.
وفي عام 1922م عين قاضياً في عطبرة، ثم بورتسودان ثم الأبيض وأخيراً الحصاحيصا التي استمر بها إلى أن تقاعد عام 1946م. تم تعيينه مدرساً في كلية غوردون في قسم الشريعة سنة 1948م. ثم انتدبته الحكومة ليعمل مدرساً في كلية الحقوق في جامعة الخرطوم. وعمل معلماً بمعهد الإشراف بمكة المكرمة.
من مؤلفاته: سفينة الوصول لطالبي علم الأصول، تحفة الآثار في مصطلح حديث النبي المختار، سيرة يزيد بن أبي حبيب السوداني، منظومة القضاء الجنائي على مذهب مالك، روضة البيان نظم رسالة الدرديري في علم البيان، مناسك الحج على مذهب الإمام مالك وغيرها.
توفي الشيخ محمد الأمين القرشي عام 1976م عن عمر يناهز تسعين عاماً. ومن آثاره المشهورة عنه والمنتشرة: قصيدة في بدعة المولد وما يحصل فيه وفي ساحاته التي أعدت لذلك، وقد ركّز فيها على بعض الممارسات التي اشتهرت لدى العامة والخاصة أنها مما يفعل في ساحات المولد خاصة في ليلته الأخيرة!! وقد صاغ قصيدته في تساؤلات طرحها واستفهامات وضّحها، وهو يعلم جوابها من خلال ما صاغ في أبياته، وتساؤلاته بحاجة لأن يجاب عنها، وقد أردت أن أضع هذه القصيدة بين يدي القراء، فقد قال ــ رحمه الله:
إلى علـمائنا أهـل العقـول، إلى الشـبان منهم والكهـول
أسـوق القول ملتمساً جواباً ،،، من الكتب الصحيحة والنقـول
فإن أدوا الأمانة في وضـوح،،، فتلك سجية القـوم الفحـول
وإن خـافوا مـلاماً أو عتاباً ،،، فما فرق العليم عن الجهـول؟!
أبينوا نصحكم لتهذبونـــا،،، وسلوا صـارم الشرع الصقيل
لنفري هامة البـدع اللـواتي،،، نزلن وما عزمن على الـرحيل
أرى بـدعاً تشيب لها النواصي،،، إذا ما جـاء ميلاد الرسـول
كهـارب كالكواكب ساطعات،،، ورايـات تشـيع بالطبـول
إلى ساحــات لهو قد أعدت،،، كــأن شــرابها من زنجبيل
بها سـوق الحـلاوة بازدحام،،، برباـت القلائد والحــجول
تجـر ذيــولها متـبرجات،،، لتفتك بالتبـرج والــذيول
وبمجتـمع القـمار مغامرات،،، مع الشبان في الجـمع الوبيل
مسـارح للظباء خرجن فيها،،، مـراتع للخـلاعة والخمـول
وشـبان يرنحـهم غــرام،،، بكاسـات الصبا قبل الشمـول
يؤمــون الـمكان بلا حياء،،، وما أهـوى الجميلة للـجميل
يـطوف بها على الحلقات حتى،،، يخـادعها فتخـدع بالمـثول
عهــود أبرمت ووثيق عهد،،، ينفذ حكـمه بعد الوصــول
أفي عيـد النبي يكـون هذا،،، ويشهـده ذوو الرأي الأصيل؟!
وتفـعله المدائن كـل عـام،،، وتحسبه سيـحظى بالقبـول؟
مصـائب في بني الإسلام حلت،،، وفـاجعة تجـل عـن المثيل
وجـرح في فؤاد الدين يدمي،،، أصيب به من الصـاري الطويل
فهل يرضـى الرسول بما فعلنا،،، وقد جئنا بمعصية الرسـول؟!
ويعجبه السكوت على ضلال،،، تعاظم خطبه في كـل جيل؟!
سؤال حاك في صدري مراراً،،، وما رد الجــواب بمستحيل