خطاب الكراهية والتعليم
ليس هناك أيِّ علاقة بين المجتمع السوداني وحوار النخب في الأسافير والوزراء في مكاتبهم.. شعب راقٍ وساسة متخلفون!!
(1)
إذا كنا نحن المُتعلِّمون والمثقفون نتكلم بلغة الكراهية والحقد فماذا تركنا للمواطنين البسطاء.. العلم يُغيِّر من لغة الفرد ويجعله أكثر حِكمةً وقُدرةً على تقدير الأمور وتغليب العقل والمنطق.. لأنّه واجبنا كمُستنيرين ومُثقفين أن نُساهم بتوعية المُجتمع ونشر قيم المَحَبّة والسلام التي يَحثّنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
(2)
بدأت بهذه المقدمة والساحة الإسفيرية ملأى بالمُتناقضات.. فقد تلتقي بفيديو مقدم كدعوة لزواج مع صُور العروسين وأغنية “سباتة” تحمل كل التفاؤل والمُستقبل.. وقد تلتقي بفيديو يحكي أدب السفر وسائق اللوري “بلّه الجاك” الذي تسبقه نغمات بوري سيّارته اللوري وتستقبله جُمُوع سُكّان القرى والحلال فرحين بمقدمه ونغمات بُوريه التي تحكي أحلام الناس.
(3)
ولكن أيضاً تصطدم بمُشاهدة فيديو لطلاب جامعة يهتفون ضد زميلهم الكوز بإصرار وهم يُحيطون به وهو لا يُحرِّك ساكناً وإحدى الطالبات تزغرد مُشجِّعة!!
(4)
ولذلك صرنا لا نندهش عندما نرى طلاب مدرسة خارج حُدُود الوطن، حيث يُعاقب مُثيرو خطابات الكراهية الدينية بأساليب تربوية رادعة.. ففي بريطانيا شَاهدنا فيديو لطلاب مدرسة انجليزية وهم يضربون طالباً سودانياً وهو لا يُحرِّك ساكناً لأنه مُسلمٌ.. وتم نشر الفيديو على نِطَاقٍ وَاسعٍ.. والغريب أنّ مُعظم الطلاب المُعتدين إن لم يكن جُلّهم من الملوّنين أصحاب البشرة السمراء!! والنتيجة تمّ فصل جَميع من شارك في ضَربه وإحالتهم لدُور الأحداث لمدة ستة أشهر!!
(5)
وأيضاً الخبر الذي كان ينتظره الشارع السوداني أنه قد تمّت مُعاقبة مَن شَارَكَ بالطرد والتحريض بالاعتداء على عميد المدارس التابعة لكلية التربية جامعة الخرطوم بفصل ستة طلاب وطالبات في أسوأ حادثٍ لا يمت للخُلُق والتربية وتوقير واحترام الكبار، فقد كاد المعلم أن يكون رسولا.
(6)
(القرّاي يُوجِّه بسحب الأحاديث والآيات القرآنية من بعض المناهج الدراسية)، هذا هو مانشيت موقع “الانتباهة أون لاين” واسعة الاطّلاع، وما نقلته من خبر زيارة د. عمر القرّاي مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي لبخت الرضا بمدينة الدويم عن تفاصيل زيارته.
وقالت مصادر الصحيفة إنّ القرّاي دخل في اجتماعاتٍ مطولةٍ مع قادة بخت الرضا وجّه فيها بتخفيف المناهج وخَاصّةً مُقرّر التربية الإسلامية، وطالب القرّاي خُبراء المناهج بسحب الأحاديث والآيات القرآنية من مُقرّرات اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والأحياء والعلوم، وكشفت المصادر عن مُواجهة القرّاي مُعارضة من جانب المسؤولين في بخت الرضا، إلا أنه دخل في مُشاورات مُنفردة مع المُعلِّمين بغرض إقناعهم.
وكتب الكاتب الصحفي المعروف بروفيسور الركابي بالصيحة مقالاً خبرياً، تحليلياً أحدث ضجّة، ذكر ما دار من أحاديث مع د. القرّاي في لقاءات فردية وجماعية مع الخبراء والخبيرات بالمناهج في بخت الرضا.. حتى رأيه في الصلاة وإن كان حديثاً جانبياً وَجَدَ من الانتشار ما وَجَدَ وأعاد إلى الأذهان ما قيل عن صلاة الأصالة.. وعن حديث القرّاي عن رسالته وضرورة التغيير.
(7)
يا ليتنا نرى اتجاهاً من القادة السياسيين الجُدد.. النأي عن الأحاديث المُثيرة للجدل.. حسب ما فهمت من خبر قبلي، أن د. القرّاي يُريد أن يخفف من تكدُّس وزحمة المناهج عن طريق لجنة.. هؤلاء التنفذيون، لماذا لا يمسكون ألسنتهم عن التعرُّض للعقيدة واستفزاز رعايا الدولة من بسطائها وعلمائها.. والبُعد عن تصفية حسابات قديمة مع الكيزان.. الدين دين أمة محمد وليس دين الكيزان!!
(8)
هذه حكومة انتقالية، ومفهوم الحكومة الانتقالية معروفة ومهامها مُحَدّدة.. هي حل الأزمات المعيشية والاقتصادية وعمل برامج إسعافية إضافةً إلى إعداد البلاد لانتخابات قادمة.
(9)
يا ليت قيادات الجهاز التنفيذي ينأون بأنفسهم عن التصريحات التي تُثير المَشاعر الدينية، ونتمنى أن نَرَى توضيحاً أكبر في المؤتمر الصحفي للسيد وزير التربية عمّا أُثير من خلط للأوراق في زيارة د. القرّاي لجامعة بخت الرضا مركز مناهج حكومات السودان التاريخي.