موازنة 2020 التحديات والفرص (1-2)
الموازنة العامة لأية دولة في العالم تعتبر هي الوثيقة الرسمية القانونية الملزمة للدولة وأجهزتها، وهي ليست رأياً أو مشروعاً أو دراسة أو بيان أو
أياً من ذلك، وهي قد تكون نتاج كل ذلك أو بعضه أو غيره، ولكن الموازنة وثيقة قانونية وتشريعية مكتملة الأركان، هي واجبة التطبيق إيراداً وصرفاً بحسب البنود والفصول ولا يجوز مخالفة فصولها أو ما يرد فيها إلا باتباع نفس المنهجية التي تمت بها إجازتها وهنالك مرونة داخل بنود الفصل الواحد فقطأ وهي تحتوي على ملخص التوجهات والسياسات العامة المجازة من قبل الدولة، وهي أيضاً أداة تخطيط وتنفيذ ومتابعة وتقويم وهي أيضاً اداة محاسبة للسلطة وأجهزتها وتخضع للمراجعة الداخلية أثناء التنفيذ
…. وفي قوانين الهيئات والشركات والمؤسسات تتبع المراجعة الداخلية
لمجلس الإدارة مباشرة، كما هو شائع والأصح مجلس المديرون… و كذلك تخضع للمراجعة البعدية بواسطة المراجع العام والذي تودع تقاريره عادة أمام
الجهة التشريعية أو الجهة التي أجازت الموازنة ابتداء…
والموازنات هنالك التي يكون بها فائض مثل أول موازنة لحكومة جمهورية السودان المستتقلة للعام 1956، والتي قدمها وزير المالية حينها السيد حماد توفيق في حكومة السيد إسماعيل الأزهري الذي كان رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية وكان السيد بابكر عوض الله رئيساً لمجلس النواب وكان أحمد محمد يس رئيس مجلس الشيوخ، ومجلس السيادة خمسة منهم الشاعر أحمد محمد صالح صاحب ديوان مع الأحرار. و الموازنو كما ذكرنا أن بها فائضاً حوالي أربعة ملايين من الجنيات، كانت كافية لشراء مليون وأربعمائة ألف أوقية من الذهب.. أو أن تكون متوازنة أو بها عجز.
ومن أشهر الموازنات التي بها
فوائض موازنات دول السويد والنرويج والدنمارك ومن أكبر الموازنات التي بها عجوزات وأضخمها موازنة وعجزاً هي الموازنة الأمريكية واليابانية والألمانية والفرنسية والبريطانية وحتى الصينية وكثير من الدول، أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا. وعادة يؤخذ معيار الإيرادات العامة للدولة
كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي … أي إجمالي الإنفاق العام و الخاص للسلع والخدمات والاستثمار في العام، ونجد أعلى تلك النسب في دول
الرفاه الاجتماعي في شمال أوروبا الاسكندنافية إذا تصل نسبة الموازنة إلى خمسين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي أغلب الدول الأوروبية
الاخرى إلى حوالي الأربعين بالمائة، وفي الموازنة الاتحادية للحكومة الأمريكية حوالي سبعة وعشرين بالمائة، والحكومة الأمريكية تمتلك أكبر
ناتج إجمالى محلي في العالم حوالي واحد وعشرين ترليوناً من الدولارات ولها أكبر موازنة وبها أكبر عجز، و بها أكبر عجز في الميزان التجاري وهي
أكبر دولة مدينة في العالم ولديها في الاحتياطي الفدرالي أكبر مخزون من
الذهب في العالم حوالي 8488 طناً من الذهب الخالص، ثم ألمانيا تمتلك 3370
طناً وإيطاليا 2452 طناً وفرنسا 2436 طناً. وتعتبر روسيا والصين أكبر
المشترين للذهب في العالم الآن. ونسبة موازنات الدول الأفريقة ودول الشرق الأوسط متدنية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مقارناً بالدول
الأخرى.. ففي منطقتنا نجد نسبة إيرادات الموازنة العامة في أثيوبيا حوالي واحد وعشرين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بينما في السودان
على اختلاف التقديرات تتراوح بين أقل من اثنين إلى ستة بالمائة، وتعاني عجزاً مستداماً.. فما هو الطريق إلى رفعها ومعالجة عجزها المستدام داخل
إطار الإصلاحات الهيكلية المطلوبة؟
ونواصل إن شاء الله.