الشرف الوطني غير قابل للبيع !
- هل يُعقل أن يفكر وطنيٌّ عاقلٌّ مُجرّد تفكيرٍ في تسليم الرئيس السابق سعادة المشير عمر البشير لما يُسمى بالمحكمة الجنائية الدولية “ICC” لتحاكمه بمقرها وقانونها؟! كيف يُفكِّر مَن يقول بهذا الهراء والثُخاء؟ هل يظن الوزير المُبتهج أن تسليم البشير هو مُجرّد تسليم لفردٍ؟! ثم كيف نقبل أصلاً تسليم أيِّ مُواطن سوداني، البشير أو غير البشير، لدولة أو جهة أو مؤسسة لتحاكمه خارج بلادنا وبما تراه من قوانين وإجراءات؟! هل عجز قضاؤنا وعدلنا بكل عراقته وتراكم تجربته عن محاكمة مواطن داخل البلاد وبقوانينها؟!
- نعم، لا يغيب علينا أنّ هناك مَن يُطالب بتسليم البشير ويسعى لذلك من باب المُكايدة السياسية والانشغال بتسجيل هدف في مرمى الخصوم دون حسب وانتباه للأهداف العديدة التي سيستقبلها المرمى الوطني! البشير – اتفقنا أو اختلفنا معه – هو مواطن سوداني وضابط جيش يحمل أرفع الرتب العسكرية التي تمثل الشرف الوطني، والبشير رئيسٌ سابقٌ له حصانته ومكانته، مُجرّد تفكير البعض في تسليمه لا يمثل إلا سهماً عكسياً في شباك الشرف والكرامة، بل يمثل ضربة غبية للقيم الوطنية الشاخصة في تاريخنا وحاضرنا .
- أصحاب النظرة السَّطحية الضيِّقة يتوهّمون أن تسليم البشير مُجرّد مسألة إجرائية لا تمس بكرامتنا الوطنية ولا تطعن في قيمنا وأخلاقنا وسُمعتنا بين الأمم! يظنون أنّها مُجرّد إجراء روتيني لا يأبه له رفقاء السلاح مِمّن حَملت أكتافهم علامات هذا الشرف الوطني العظيم! وربما يعتقدون أنّهم بذلك ينجحون في تسجيل هدفٍ “بهلواني” من شأنه شغل الناس عن الفشل والعجز الذي بات واضحاً في حياتنا حيث تَضاعفت الأزمات وتَراجعت الخدمات، ولم يعد أنين البسطاء ومُعاناتهم يشغل حكومة “قحت” أو يقلق منامها !
- مُحاكمة رئيس سابق، مُتحفّظ عليها من حيث المبدأ، طالما تعلّقت بتصرُّفات وقرارات اتخذها الرئيس بصفته تلك، كان البشير من المُصرِّين ليس على عدم محاكمة الرئيس الأسبق المشير جعفر نميري فحسب، بل كان مُصرّاً على عودته للبلاد وقضاء بقية حياته عزيزاً مُكرّماً بمعاش مشير ورئيس سابق وقد كان، حكومة “قحت” رأت محاكمة البشير، وها هي محاكمته جارية “زيتنا في بيتنا”، لكن أن يُفكِّر وزير في تسليم البشير فإنّ ذلك تفكيرٌ ساذجٌ غير ناضجٍ وغير محسوب الآثار والنهايات، والعاقل من انتبه وعاد لصوابه .
- الرئيس السابق عمر البشير، طال الزمن أو قصر، فهو إلى زوالٍ، فالموت مصيره ومصيرنا جميعاً، لكن ما يمس بالكرامة ويطعن في الشرف الوطني وقيم وأخلاق ورجولة أهل السودان وتقاليدهم الراسخة سيبقى وصمة عار محفورة تتوارثها الأجيال، وفي واقعنا وتاريخنا نجد أنّ “الخيابة والعيابة” التي تُلوِّث سمعة أيِّ بلد أو قبيلة أو عشيرة أو أسرة صغيرة إنما يجلبها “صغار جُهّال” على حين غفلةٍ من الكبار، صغار لا يحسبون ولا يُدركون! بئس الصغار هم.
- الذين لم يتدرّبوا في ميدان “شرف” ولم “ينعركوا” في ميادين الشرف قد يكون صَعباً عليهم إدراك قيمة الشرف! حتى الذي تُشرفه المقادير بأن يكون ضَيف شَرف يستعرض طابوراً أو “كركون شرف” قد لا يدرك القيمة العظيمة لذلك الشرف! فيُرى عدم الإدراك واضحاً في لبسه وهيئته وتصرفاته وكلماته! نعم للقانون ودولة القانون.. لا للتهاون مع أيِّ فاسدٍ أو مُتجاوزٍ أياً كان اسمه ولونه ووزنه.. لا وألف لا لمُجرّد تصريحات تمس بالشرف والكرامة .
- خارج الإطار: غداً إن شاء الله ننشر حزمة من رسائل القراء الكرام، وترحيبنا يتجدّد برسائلكم القصيرة على الرقم 0912392489