*بعد ذهاب الإنقاذ وإنهاء (30) عاماً من الحكم عادت إلى الساحة جدلية كيف يحكم السودان؟
*البعض ينادي بالنظام البرلماني أو التشريعي بمعنى أن يتحكم البرلمان في مفاصل الحكم التنفيذي، بينما ينادي الطرف الآخر بالنظام الرئاسي بأن يكون رئيس الجمهورية هو المسؤول أمام البرلمان.
*وما بين الطرفين يقف طرف ثالث أراه صاحب أغلبية في طرحه لخيار (وسط)، وهو خيار (النظام المختلط) الذي يجمع بين خياري (البرلماني) و(الرئاسي). وهو خيار أراه الأقرب للتطبيق في السودان.
*شواهد الممارسة والتاريخ يزيدان من قناعتي أن النظام المختلط هو الترياق الأنسب لمرض الحكم في السودان وإنهاء الدورة السياسية (أحزاب – انقلاب – أحزاب – انقلاب – أحزاب…إلخ) التي كادت أن تجعل أرضنا السياسية بوراً…!!
*ففي النظام المختلط يكون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكين في تسيير شؤون الدولة. ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب.
*ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان فقط، وليس أمام رئيس الجمهورية والبرلمان معاً.. ويمكن للبرلمان محاسبته وسحب الثقة منه..
*من المعلوم أن هذا النظام نشأ في أحضان النظام البرلماني، حيث اتجهت بعض النظم البرلمانية المعاصرة إلى تقوية السلطات الضعيفة لرئيس الدولة التي تمارسها عنه الحكومة.
* وبدأ في فرنسا بدستور 1958 حيث تم العمل لأول مرة بنظام يسيطر فيه الجهاز التنفيذي وأصبحت لرئيس الجمهورية سلطات واسعة فاقترب النظام الفرنسي الذي هو برلماني من النظام الرئاسي وسمي ما وقع بالنظام شبه الرئاسي.
*قوة رئيس الجمهورية في هذا النظام تكون بقوة الأغلبية التي يحصل عليها والتي تقاسمه نفس التوجه، وقد وصلت قوته إلى أنه يقيل الحكومة رغم أن الدستور لا يخول له ذلك نصاً، وعلى التوازي يحافظ هذا النظام على قوة الحكومة التي تنبع هي أيضاً من الأغلبية البرلمانية.
*من إيجابيات النظام المختلط أنه يعطي الحكومة حق إصدار القرارات التي لها فاعلية بشرط موافقة رئيس الجمهورية عليها. ومنحها أيضاً الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في البرلمان.
* كما ويعطي هذا النظام الحق لرئيس الجمهورية في حل البرلمان ومن جهة ثانية يمكن للبرلمان أن يسحب الثقة من رئيس الوزراء أو من أي وزير آخر.
*ويعطي هذا النظام لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ. والحق في استفتاء الشعب في القضايا المهمة.. كما يعطي للحكومة حق إصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك.
* أما أهم سلبياته فهو الصدام الذي قد يحدث في المصالح بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء الذي يمثل الأغلبية في البرلمان، وهذا ما عرف بالتعايش فى فرنسا، والذي لا يتم سوى باتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتفاهمهما لإنجاح سياسة تسيير أمور الدولة.
*ومن السلبيات الأخرى التي قد تنجم عن هذا النظام أيضاً، استخدام رئيس الجمهورية لحقه في إعلان حالة الطوارئ لسنوات طويلة، وإساءة استخدامه لحق الاستفتاء. وبعض هذه الحالات سائدة في كثير من الدول الآن.
* عموماً فإن نجاح كل نظام أو فشله يخضع لعناصر عديدة، منها طبيعة الشعب، أسلوب الانتخابات التشريعية والرئاسية، الخريطة السياسية للبلد، ثقافة الشعب، نوعية التحديات المختلفة أمام الدولة، وغيرها، بالتالي ليس من الضرورة أن أحدهم هو الأفضل.