على مدى واسع تنتشر تسجيلات للدكتور صلاح البندر تحوى اتّهامات صريحة لقيادات الراهن السياسي ولبعض أصحاب الأعمال حول ارتباطهم بدوائر غربية تصنع وتؤثر فى المشهد ببلادنا، وينثر البندر في أحاديثه معلومات، وجدت صداها في حديث محمد مختار الخطيب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي بميدان الأهلية قبل يومين.
المشترك في حديث البندر والخطيب هو الاسترابة والاتهام لما حملته لقاءات معهد شاثام هاوس (Chatham House)، (والمعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية) حول الوضع الاقتصادي في السودان.
لقاءات المعهد حول مُستقبل الوضع الاقتصادي في السودان سبقت سُقوط الإنقاذ بشُهُور، وكانت تجمع كثيراً من الفاعلين في المشهد الآن؛ ومن أبرزهم رئيس الوزراء ووزير ماليته إبراهيم البدوي، وهذا في تقديري بجانب خفوت صوت لقائهم بالخرطوم جعل الأمر في موضع الاسترابة والشك عند البعض، في بلاد للشك والظن فيها رواج وسوق !.
أن تعود هتافات (لن يحكمنا البنك الدولي) في ندوة الشيوعي بجانب الدعوة للتراجع عن السوق الحر بتوابعه من خصخصة وخلافه، فهذا منطقي لمن ظل وفياً لأفكاره الماركسية، فلن يستطيع شيوعيو السودان أن يكونوا في غير هذا المسير الفكري.. ولكن السؤال هو حول مدى واقعية وانسجام هذا الاتّجاه مع خط قِوى الحرية والتغيير نفسها، وارتباطاتها الخارجية، دع عنك بقية المنظومة السياسية .
الشيوعي بهذا الخط يصادم حكومة حمدوك التي جاءت وهي تحمل هذه الروشتة في جيبها، وهي رهانها الوحيد لصناعة مُستقبل اقتصادي للسودان.. فالتّوافُق مع المنظومات الاقتصادية الدولية والتّجانُس معها، والخُضُوع لرؤيتها مع تعديل يسمح بمساحة لحماية الشرائح الضعيفة من شررها ولهيبها الاجتماعي أمر لا يستطيع حمدوك ووزير ماليته أن يختارا بديلاً منه، هذا إذا وجد أصلاً هذا البديل على ساقين يمشي بهما في السودان !
هذا المسار الاقتصادي الذي يرتضيه حمدوك ووزير ماليته وتم التوافق عليه في لقاءات (شاثام هاوس) سيجعلهما في صدام مع ظنون واتهامات مسايرة الاستعمار الرأسمالي والماسونية العالمية كما يحلو للبندر أن يُردِّد دائماً، ولكن صح الاتّهام أم لم يصح فهل لدى اقتصاديينا اليوم غير روشتة التحرير الاقتصادي ورفع الدعم حتى يتعافى الاقتصاد؟! والجواب حسب اطلاعي المحدود هو لا !.
أما على الصعيد السياسي، فاتّهامات البندر والخطيب تضعان قِوى الحُرية والتّغيير وكثيراً من الفاعلين في إطار المُؤامرة على التغيير وصناعه..! فهل يجوز الصمت عليها؟ وبأي مسوغ؟ لا سيما بعد أن جاءت على لسان السكرتير السياسي للحزب الشيوعي وفي ميدان فسيح !.
مجالس المدينة تهمس جهراً بصراع الشيوعي مع (مرافيده)، وأعني بهم د. الشفيع خضر ومحازبيه، والذي ينسب إليهم صناعة المشهد الآن هو ومجموعة محدودة داخل الحرية والتغيير.. والسؤال كذلك: متى سينطق الصامتون للإجابة على هذه الاتّهامات الخطيرة؟ فقد بَاتَ الصمت أو الرد بالتلميح لا التصريح تأكيداً ضمنياً لها !.