سنُسقِط الحكومة الانتقالية ما لم تُعدّل مسارها
التعايشي لم يكن صادقاً مع الشعب السوداني في حديثه هذا (….)!!
الإرادة السياسية لتحقيق السلام ضعيفة جداً
نُطالب بمنبر منفصل ومنبر جوبا ليس (قرآناً)
ما يجري في جوبا خالي المحتوى ولن يُحقّق سلاماً
الثورية “تعرض خارج الحلبة”، وتبحث عن الاستوزار
عبد الواحد.. (مناضل) وله رؤية لحل مشاكل السودان
حاوره: عبد الله عبد الرحيم – شادية سيد أحمد
آثار حديث عضو مجلس السيادة، محمد حسن التعايشي عبر تلفزيون السودان “برنامج المشهد” حفيظة جبهة الخلاص الوطني، مما حدا بالاخير لاتخاذ موقف مغاير وإعلان معارضة الحكومة الانتقالية، والعمل على إسقاطها والتحالف مع عبد الواحد محمد نور، وأعلن رئيس تحالف قوى الخلاص الوطني، ورئيس مؤتمر البجا المعارض، عثمان باونين، أمس الأول أعلن عن معارضته للحكومة الانتقالية وتحالفه مع عبد الواحد محمد نور والعمل سوياً لإخراج السودان من الورطة والزيف التي أدخل فيها تحت مسمى الحكومة الانتقالية.
كما تناول الحوار موقف الحزب من الراهن السياسي في السودان وتحديداً ما يدور من مفاوضات تشمل ملفات السلام المختلفة بجانب الخيارات المطروحة لنظام الحكم في السودان، وما يجري في جوبا الآن.
فيما يلي نص الحوار:
*بداية ما هي الأسباب التي أدت إلى معارضتكم للحكومة الانتقالية رغم موافقتكم على الوثيقة الدستورية؟
– نحن في تحالف قوى الخلاص الوطني، نرى ضرورة تحقيق السلام كأولوية، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالجلوس في منابر متعددة مع كل القوى والحركات المناهضة للنظام البائد، وحملت السلاح وقاومت حتى سقط النظام السابق، وموافقتنا على الوثيقة جاءت من حرصنا على السلام ووحدة الصف مهما كانت لدينا تحفظات على بعض نقاطها، وقد أعلناها لتجمع الحرية والتغيير وللجنة صياغة الوثيقة. *ولكن أخيراً، لمسنا ضعف الإرادة السياسية للسلام الشامل لدى المسئولين كافة سواء بمجلس السيادة أو مجلس الوزراء، وليس لهم خطة أو رؤية تصالحية واضحة، كما أنهم ليست لديهم دراية بحجم ومكانة القوى السياسية والعسكرية المعارضة أو أماكن تواجدها.
*هل هذا الموقف يعني تصعيد الأمر ويقود إلى معارضة مسلحة؟
– ما أدى إلى إعلاننا لهذا الموقف، هو حديث السيد محمد حسن التعايشي في برنامج “المشهد السياسي” بقناة السودان، كان حديثه كله تردد، ولم يقل الحقيقة للشعب المكتوي بنيران الثالوث القاتل (الفقر والجوع والمرض) كما أنه رفض مشاركتي كمداخلة في البرامج عبر الهاتف على حسب كلام مسئول الشؤون السياسية بالتليفزيون .
*وهل هذا السبب كافٍ لإعلانكم معارضة الحكومة وإعلان التحالف مع عبد الواحد محمد نور؟
– السيد التعايشي قال في البرنامج: نحن نسعى لتحقيق سلام في جنوب السودان بين سلفاكير ورياك مشار، وفتح الممرات حتى تعود التجارة للسودان بمبلع 6 مليارات دولار، ثم يحقق بها حمدوك برنامجه ومتطلبات حكومته، هل هذا حديث شخص مسئول في مجلس السيادة لدولة عريقة كالسودان، وسبق وأن تحدثت إليه عبر الهاتف يوم 30 سبتمبر محادثة استمرت أكثر من ساعة ووعد بالاتصال بي بعد يومين، ولم يتصل كررت له اتصالاتى عدة مرات ولم يرد علي .
*هل هذا الموقف يعني تصعيد الأمر ويقود إلى معارضة مسلحة؟
– الآن دعونا لاجتماع عاجل للقادة لمناقشة الأمر، ومن ثم نرى ما سيخرج به الاجتماع.
– ما الذي آثار حفيظتكم في حديث محمد حسن التعايشي وأدى إلى اتخاذ هذا الموقف؟
– اتصل بي معد برنامج “المشهد” وطلب مني المشاركة والمداخلة عبر الهاتف، وضيف البرنامج هو عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي، وحددوا زمناً للاتصال، ولم يتم ذلك، وعلمت بعدها رفض التعايشي للمداخلة، وعدم ترحيبه بها، وما ذكره ليس بحقيقة، ولابد أن تكون هناك شفافية.. ونقولها صراحة الآن الثورة سُرقت، والذين أتينا بهم تصرفاتهم أصبحت غير مقبولة. وكذلك حديثه حول المعابر وتحصيل عائدات التجارة المتبادلة التي تبلغ حوالي ٦ مليارات لتذهب إلى تحقيق متطلبات الحكومة، هل يعقل ذلك أن ينتظر الشعب السوداني كل ذلك، نحن كمعارضة وفرنا لهم مبالغ كبيرة وتم تجاوز الأمر، ولا تريد الجلوس مع هؤلاء والتمسك بمنبر جنوب السودان لماذا.. هل هو قرآن منزل.. طالبنا بمنبر في الإمارات أو أي دولة أخرى تستطيع أن تحقق السلام، وهذا يدل على ضعف الإرادة السياسية للسلام الشامل، وليست هناك رؤية تصالحية واضحة أو خطة للسلام.
*نفهم أنكم تطالبون بمنبر منفصل عن منبر جوبا؟
– نعم.. لابد أن تكون هناك عدة منابر للسلام بخلاف منبر جوبا. وعلى القائمين على أمر السلام أن يثبتوا للشعب السوداني أنهم يسعون للسلام حقيقة، وأن يجلسوا لفتح الحوار مع المعارضة في منابر أخرى للوصول لاتفاق وحلول للقضايا السياسية العالقة منذ العهد السابق، ومنبر جوبا ليس قرآناً ولا منزلاً، ولابد من الجلوس في منابر مختلفة، والوصول لحلول حول القضايا العالقة، وأهم هذه الحلول منح كل أقاليم السودان الحكم الفيدرالي، ولن يكون هناك سلام مستدام ما لم يتم هذا الأمر.
* هـل هـناك ضـغـوطـ تـُمـارس عـليـكـم مـن قـبـل الـدول التي تـتـواجـدون بهـا تحـمـلكـم على الـدخــول فـي تـفـاوض مـع الحـكـومـة باعـتـبـار أنـكـم تـشـكلـون عـبـئاً عـلـيـهـم؟
– نـحـن ثــوار من كان يؤثر علينا فـي مــواقـفـنـا ومـبـادئـنـا تـجـاه وطننا الحبيب وشعبه الـكـرام، ونـحـن رســل ســلام ولـم نـعـارض إلا بـحـثـاً عـن الـسـلام الـحـقـيـقـي والاسـتـقـرار، وتـحـقـيـق مـطـالـب الـشعوب في كل مناطق الهامش السودانية.
* وجـودكـم بـالخـارج لمـوقـفـكـم مـن الـنـظـام الـسـابــق هــل لا زالـت ذات الأســباب مـوجــودة؟
– وجــودي خـارج الـســودان كـان لأســبـاب، وتـلـك الأســبـاب ظـاهــريــاً قــد زالــت، ولـكـن عـمـلـيـاً مــوجــودة، وبـالـتـالـي نــُطـالــب بـمـنـبـر مـنـفـصـل لـلـمـفـاوضـات حـتـى نـصـل مـع الـحـكـومـة الـجـديـدة إلـى صـيـغـة تـجـعـلـنـا نـسـاهــم فـي ســلام الـوطــن وتـنـمـيـتـه وإصــلاحـه مـع كـل الـرفــاق والـسـيـاسـيـيـن الـحـادبـيـن عـلى الـوطـن. أيـنـما كـنـا لـنـا مـبـادئ ومـثـل وخـرجـنـا وعـارضـنـا الـنـظـام الـسـابـق، لأن الـسـودان وشـعـبـه فـي عـيـونـنـا.
*هل هناك اتفاق حول هذه الرؤية.. الحكم الذاتي؟
– نعم، وكل شعوب الهامش التي بمثلها تحالف الخلاص الوطني جميعها تطالب بالفدرالية والحكم الذاتي، وكل هذه الشعوب الآن على أهبة الاستعداد لإجراء استفتاء حول هذا المطلب، والسودان دولة بها موارد كبيرة، ويمكن تطبيق هذا النظام فيها ويستفيد كل إقليم بموارده الذاتية، ونحن في تحالف الخلاص الوطني تبنّينا هذه الأطروحات وعلى تواصل مع المجتمع الدولي في هذا الشأن.. الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وقالوا إن كانت هذه إرادة الشعب السوداني نحن نبارك هذا.
* الحـركـة الـشــعـبـية طـالـبـت بالـعـلمـانـيـة صـراحــة وإلا فـحــق تـقــريــر المـصـيـر؟
– ما خاصية الحركة الـشعبية، وما رصيدها في الـشعب الـسوداني، ومـسألة علمانية وغير علمانية مسائل ينبغـي أن تـناقـش بعـد الاستقرار أي بعـد المرحلة الانـتـقـالـيـة وصناديق الانتخابات هي التي تضع خارطة طريق الـسودان الـجديد إن شاء الله. الـسودان دولـة خاصة لا تحملها المسميات، إنما لدى السودان إرث ثقافي واجتماعي معلوم، وهو الذي سيسود مهمـا تكالبت الأيدلوجيات والسياسية المختلفة.
* في اعتقادك، هل موقف الحركات المـسـلحـة والجـبـهة الثورية منسجـم كما ظهرت به؟
– الحركات المسلحة حصل لها انـشطار كبير من قبل، وهناك حـركـات تـسعى حقيقـة للسلام وأخـرى مرهـونة الإرادة خلف الأيدلوجيات الهدامـة والأجـنـدة الخارجية. وموقف الجـبهة الـثورية غير موحد ومكوناتها غير منسجمة مع بعض، وظلت الجبهة أخيراً تعرض خارج الحلبة، وتـعـيـش أحــلام مـاضـيـهـا ولا وجــود عـنـدها لأي ممسكات بـالـقـضـايــا الـوطـنـيـة، فــقــط يريدون التوظيف والاستوزار لا أكثر.
*ما هي الحركات التي تسعى بجدية للسلام برأيك؟
– الحركات الـمـسـلحـة التي تـسعى للسلام هي تلك التي تنضوي في (تحالف قوى الخلاص الوطني) الذي يضم أغلب تلك الحركات الـمسلحة، وهي تحت قيادتنا، ونعمل معاً حالياً في انسجام تام، ونبحث عن السلام، لأن رؤيتنا ورسالتنا هي السلام والاستقرار الذي يأتي وفق رؤانا (تـطبيق الحكم اللامركزي – الفيدرالـية)، لذلك طالبنا بمنبر منفصل في دولة الأمارات أو أي دولة أخرى يُتّفق عليها . *وما هي الحركات التي يضمها هذا التحالف؟
– تحالـف قوى الخلاص الوطني يضم كل الحركات المسلحة في قطاع الـشرق وقطاع كردفان ودارفور والـنيـل الأزرق.
* مـاذا بـشـان غــيـاب الـكـبـار عـن الـمـشـاركــة أعـنـي رؤسـاء الحـركـات؟
– هذا في فهمهم نوع مـن التكـتيك التفاوضي، ولكن لا أعتقد أنـهـــم غـيـر خالصي النية لاستقرار الوطن، لـديهـم أجـنـدة هــدامـة يــريــدون تـنـفــيـذهــا.
*ماذا بشأن التحالف مع عبد الواحد؟
الرفيق القائد عبد الواحد محمد نور هو مناضل، وله رؤية تجاه حلول مشاكل السودان المتراكمة، وبعض مكونات تحالف الخلاص الوطني سبق وأن انشطرت منه، ونحن نتفق معه في الرؤية والرسالة والأهداف، وسيكون بيننا لقاء قريباً إن شاء الله لترتيب بعض الأوضاع.
* تقييمك لعمـلية السلام الجارية في جوبا وتداعياتها؟
– مـا يجري فـي جوبا تحت مسـمى منبر سلام فهو خالٍ مـن أي محتوى حسب الوثيقة. كان ينبغي أن يـكون المنبر تحت إشـراف ومـتابعة الـحكومة التنفـيذية مفاوضاً (مجلس الوزراء) ومفوضية السلام. أما مجلس السيادة فينبغي أن يـكون راعياً فقط للمفاوضات وفقاً للوثيقة الدستورية.
ثانياً: الـجبهـة الثورية، نحن نختلـف مـعها في مراميها وأنهم لا قاعدة جماهيرية لهم، وأعتقد أن منبر جوبا كان عبارة عن تجمع لنزهة وانفضت بدون أي قيمة للسودان، وأن منبر جوبا لا ولن يحقق سلاماً شاملاً. فقط أعطى لحكـومـة جنوب السودان إعلام خارجياً لا بأس به. والـجـبهـة الـثورية لـيـس لها رصيـد شعبي، وسعيهم فقط لمحاصصات سلطوية لا أكثـر.
* مـوفد الحـكـومـة عـقـب انـتـهـاء الجــولـة الأولـى جـاء للخـرطـوم، وطـالـب بالـتـفـويـض بـم تـُفـسـر هـذا؟
– الـذيـن طـالـبـوا بـه هــم مـنسـوبو مـجـلـس الـسـيـادة بـعـد رجـوعـهــم مـن جــوبـا، وأنـا لا أتــوقــع أن يـمـنـحـوا ذلـك الـتـفـويـض حـســب مـا جــاء بـالـوثـيـقـة الـدسـتـوريـة، لأن إعـلان فـتـح المـنـابـر ورعـايـة الـتـفـاوض المـبـاشـر مـن صـلاحـيـات الـحـكـومـة الـتـنـفـيـذية ومـفـوضـيـة الـسـلام، كمـا أن تـشـكـيـل مـجـلـس الـسـلام الـذي أعـلـنـه مـجـلـس الـسـيـادة مـخـالـف لـلـوثـيـقـة الـدســتـوريـة.
* هـل تتوقع نـجـاح المـنـبـر والـتـوصـل لاتـفـاق ســلام شــامـل وكامــل مـع الحــركات المـسـلحـة؟
– لا أتوقع سلاماً شاملاً إلا بعـد قيام المنبر المنفصل الذي نطالب بـه، لأن لدينا إستراتـيجية كاملة فـي كيفية إدارة الـسـودان الـحـديـث وكل مناطق الهامش والمتأثرة بالنزاعات، والذي سيجمع أغلب الفصائل المؤثرة على أرض الواقع.
* تحـركات الحـكـومـة الانـتـقـالـيـة خـارجـيـاً مـن خــلال بــرهــان وحـمـدوك ووزير المـالـية كـيف تـقـيـّمـها؟
– تـحـركـات الـحـكـومــة الـخـارجـيـة أعـتـقــد أنـهـا أكــثـر مـن إيـجـابـيـة ومــوفـقــة، ولـكــن أرجــو أن يـعـطــوا المـهـلـة الـكـافـيــة حـتـى نـحـصـد جـهـودهــم الـتـي سـتـفـضـي لـفـك الحصار الاقتصادي والسـياسـي على الـسودان.
* ترى هل ستوفق الحكومة في فك الحـصار عن السودان اقـتصادياً وسـياسـياً؟
– نعم، أعتقد أنها ستُوفق، لأن هناك تحركات من جانبهم وإعادة السودان لمكانه الطبيعي بين الأمم سياسياً واقـتصاديـاً وهـنـاك أيضاً تـرتـيــبـات مـن جانبنا وتواصلنا مع بيوت التمويل الدولية والاستثمارية، وتحصلنا عـلى موافقات بضخ أموال كـثـيـرة للاســتـثـمـار بـنـظـام (BOOT ) وأيـضـاً وديـعـة مـالـيـة بـمـبـلـغ 5 مـلـيـارات يورو بالبنك المركزي، وهذا من ضـمـن المـلـف الاقـتـصـادي الـذي سـيـتـم طـرحـه ومـنـاقـشــتـه فـي المـفـاوضـات الـقـادمـة إن شــاء الله.
* وهــل يـمكـن أن تـمـضـي بـالـســودان بـسـلاســة لـفـتـرة الـدـيمـقـراطـية الــرابـعــة؟
– نـعــم، سـيـعـبـر الـســودان، ولـكـن بـعـد ولادة مـتـعـثـرة، وســتـتـحـقـق الـديـمـقـراطـيـة المـنـشــودة بـفـضـل الـتـعـاون الإقـلـيـمـي والـدولـي مـعـنـا.
وقــبـل هـذا وذاك بـتــوحـيــد الـكـلـمـة والــرؤئ الـسـيـاسـيـة لـكـل الـسـيـاســيـيـن والـشــعـب الـســودانـي مـن أجــل الــوطــن.
* كيف ينظر القائد باونين لتداعيات المرحلة الراهنة من عمرالـوطـن؟
– المـرحـلـة الـراهـنـة مـرحـلـة مـخـاض عـسـيـر مـلـيـئـة بـتـقـاطـعـات سـيـاسـيـة يـمـكـن وصـفـهـا بـالمـرحـلـة الـصـعـبـة، لأن الـكـل يـحـلـم بـنـصـيـب مـن الـكـيـكـة وللأســف جـمـيـعـهـم لا يـنـظـرون للـسـودان غــداً كـيـف يـصـيـر.
*ما هي السيناريوهات المتوقعة خلال المرحلة القادمة بالنسبة لكم والخيارات المتاحة؟
– الخيارات سيتم تحديدها بعد الاجتماع بكل أعضاء مجلس القيادة لتحالف قوى الخلاص الوطني، ونحن في التحالف منسجمين مع بعض، ودائماً نتخذ القرارات بالإجماع ورأي الجميع، ولكن بصراحة الغبن والاحتقان يسيطران على الجميع.