ـ كتبنا من قبل وقلنا إن السيد الرئيس السابق المشير عمر البشير وحكومته بذلوا جهوداً جبارة وجادة لتحقيق السلام الشامل في البلاد ، نجحوا هنا وأخفقوا هناك، وهكذا طبيعة التجارب الإنسانية، ينبغي أن نتعلم من تجربتهم، نُعظّم من إيجابياتها ونعض عليها بالنواجذ، ونتجنب ما وقعت فيه من أخطاء وسلبيات وأوجه قصور، الوسطاء أنفسهم وعلى رأسهم دولة قطر الشقيقة والوسيط الأممي باسولي ومساعدوه والإسناد الألماني ممثلًا في معهد باركوف والفريق الفني السوداني بقيادة الشاب مجدي خلف الله.. هؤلاء جميعاً تراكمت عندهم خبرات ومهارات تقتضي الحكمة السعي إليها والاستفادة والاستعانة بالمتاح منها بدلاً عن الاستسلام لرهق ومعاناة البداية من صفر .
ـ ما الذي يجري داخل غرف التفاوض في جوبا؟ على ماذا يتم التفاوض؟ ولماذا هذا الصمت الغريب في شأن يهم كافة المواطنين وبخاصة أهلنا في المناطق المتأثرة بالحرب والنزاع؟ ما هي التنازلات المطروحة وما حدودها؟ ثم مَن يفاوض من جانب الحركات المسلحة؟ هل يتفاوض ممثلون لكل الحركات التي وقعت مع الحكومة في ١١ سبتمبر الماضي؟ وماذا عن بقية الحركات التي لم توقع بعد؟ ثم أين هي الحركات الموقعة أصلاً على السلام مع الحكومة السابقة؟ ولماذا هذا التركيز على الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة (الحلو)؟ هل لأنه الأعلى صوتا أم الأكثر تأثيراً أم إنه مُفوّض بتمثيل الآخرين؟ أليست هي ذات الوصاية التي قعدت بمسيرتنا ونحن نبحث عن سلام شامل مستدام؟!
ـ ما الذي تم حول مقترح فتح الوثيقة الدستورية “تعديل المادة 70” لضمان مشاركة الحركات المسلحة في كافة مستويات السلطة الانتقالية ؟ وهل تم بالفعل تأجيل تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وتأجيل تعيين ولاة للولايات في انتظار اتفاق السلام النهائي؟ أم إن التشريعي سيُكوّن والولاة سيُعيّنون دون انتظار لسلام ؟! لقد كتبنا من قبل وتحدثنا عن صعوبة الالتزام بأي مصفوفة وتوقيتات طالما أن الرؤية غبشاء وغير متفق عليها وطالما أن المناصب المتاحة والمعروضة محدودة، ولعل القارئ الكريم يُدرك مدى تأثير هذا الاختلال في تنفيذ المصفوفة والترتيبات وإرباكه للمشهد السياسي المرتبك أصلاً !
ـ المجهودات التي يبذلها السيد الفريق أول حميدتي لإحداث اختراقات نوعية في ملف السلام، مجمهودات طيبة ومحمودة ومطلوبة، ومؤكد أننا نحتاجُ جهوداً إضافيةً من د. حمدوك وحكومته وعلاقاتهم الدولية والإقليمية التي يتحدثون عنها، حيث المطلوب تسخيرها وتوظيفها عملياً لخدمة ملف السلام الشامل والإسراع في تحقيقه، مع أننا نرى أن ذلك بعيد جداً أو على الأقل صعباً ومعقدًا يحتاجُ صبراً وتجرداً ومهارة واستعداداً حقيقياً لتقديم تنازلات كبيرة من أجل هذا الهدف الوطني المتفق عليها بين كافة الفئات والإثنيات والأطياف .
ـ هذا ما كان من أمر السلام الشامل، لكن يبقى ذلك بعيداً عن مقتضيات وآثار السلام الاجتماعي؟
ـ عندما جاءت الإنقاذ عام ١٩٨٩م أنشأت اللجان الشعبية، أنشأتها بقانون ونظام وانتخابات واختصاصات واضحة ومحددة، وأظنها تجربة ثرة بإيجابياتها وسلبياتها، لكن ما هذه التي أطلت مؤخراً وأسمت نفسها “لجان المقاومة”؟ تقاوم مَن وبأي قانون ومن الذي فوضها لذلك الدور؟ وما علاقة الممارسات الفوضوية والبلطجية التي تقوم بها بعض تلك اللجان بدولة القانون وبالثورة والحرية والسلام والعدالة؟ وما الذي يمنع أي مجموعة سياسية أو إجرامية أن تجتمع هنا أو هناك وتكون لجنة وتسميها بذات الاسم أو غيره وتمارس ما تشتهي كيف وأين ومتى رأت وقررت ؟ أي فوضى هذه؟ وأي تهديد للسلام الاجتماعي هذا؟ هل ما نسمع ونقرأ عنه وتتداوله الأسافير يعجب حمدوك وحكومته وقحت وقياداتها؟ ألا تستشعر الحكومة ويستشعر العقلاء حجم ومدى الخطر الذي يلوح وبوادر الفتنة وهتك أسرار السلام الاجتماعي إذا ما تواصلت هذه الممارسات والسلوكيات واستمر الصمت المريب عليها وتجاهها ؟!
خارج الإطار: وصلت مجموعة من الرسائل سيتم نشرها قريباً إن شاء الله تعالى