تساؤلات ثائر!!
* لا أعرف أحداً من الثوار يمكن أن يتفوق على صاحبنا هذا في ثوريته، وهو على الأقل من الذين رابطوا بجلد أمام القيادة العامة طوال فترة الاعتصام، فضلاً عن مشاركاته الفاعلة المستمرة في معظم المظاهرات….
* وبعد مضي كل هذا الوقت على تشكيل هياكل السلطة والأزمات تراوح مكانها إن لم تزدد تعقيداً، ظل صاحبنا يدافع بقوة عن هذه الإخفاقات والأزمات، على أنها شيء طبيعي، كما ظل يكرر العبارة الشهيرة (إن السودانيين الذين صبروا على النظام البائد ثلاثين عاماً يفترض أنهم يمارسون المزيد من فضيلة الصبر والاصطبار)….
* ولما كان صاحبنا ممن يحتاجون لإنفاق أكثر من ساعتين في الصباح للوصول لمكان العمل، وإنفاق مثلها في المساء للعودة إلى بيته في أحد الأحياء الشعبية، كان بطبيعة الحال يحتاج إلى المزيد من الثبات على مبدأ الثورة وممارسة المزيد من الصبر الذي يطالب به الآخرين…
# غير أن الساعات الطوال التي يقفها تحت شمس أكتوبر الحارقة انتظاراً لوسيلة مواصلات تقله في غدوه ورواحه للعمل والبيت، فضلاً عن اكتشافه أن ما يشغل الساسة الجدد، حسب ما يشاهده في نشرات الأخبار المتلفزة في المساء، شيء مختلف تماماً تماماً عما يشغل الناس، فعلى الأقل ليس هنالك من المسؤولين من يتحسس قضايا الجماهير الملحة سيما أزمات الأسواق والأسعار والمواصلات.
* على أن الذي أشد وطأة من الأزمة نفسها، هو أن ترى من أتت به مطلوبات الثورة إلى سدة الحكم أصبح مشغولاً بكل شيء إلا ما يشغل المواطنين، ذلك مما جعل الملل يتسلل إلى قناعاته، وأن أرصدة التفاؤل والصبر بدأت تتآكل تحت ساعات الانتظار الطويلة القاسية جداً، التي يعيشها ويكابدها يومياً.
* على أن هنالك إجراءات بسيطة جداً لو اتخذت كانت كفيلة بأن تحد من غلواء الأزمة… فحكى لي بأسى كيف أن ذات الحافلة التي تقله من الحاج يوسف إلى حلة كوكو بشرق النيل، هي ذاتها التي تقله من كوكو إلى كوبر، ثم تأتي لتأخذه للخرطوم، وفي كل مرة يدفع التذكرة كاملة، وليس هنالك من السلطات ذات الاختصاص من يتصدى لهذا الاستهتار بالوطن والمواطن والثورة، وما يحدث في وسائل المواصلات يحدث بصورة أخرى في الأسواق، بحيث ليس هنالك من رقيب على تصرفات الباعة والتجار، وكل تاجر يُسعّر على مزاجه دون خوف أو رهبة أو وجود لهيبة دولة، يسأل الرجل… هل هذا هو الأمل المنشود الذي خرجنا لأجله، هل هذه هي المآلات التي ضحّى من أجلها الشهداء!!
# على أية حال،الحديث للمحرر، هذه مؤشرات غير إيجابية، فعلى الأقل كان يتوقع المواطنون وقف التدهور في الحال، ومن ثم يبدأ العمل على إيجاد الحلول، ليس بالضرورة أن ينصلح الحال ضربة لازب في الحال، ولكن أن نجد المسؤول في مكمن الحدث، صحيح أن النظام السابق هو من أوصل الدولار إلى سبعين حنيها، ولكن على الأقل أن الدولار قد وصل الآن مبلغ الـ 77 جنيهاً وأن الأسعار في الطريق إلى المزيد من التصاعد والارتفاع، ومهما يكن من أمر ومسوغات فإن المواطن لا يقبل مبدأ ارتفاع الأسعار والدولار في ظل حكومة الثورة، على أن شماعة النظام البائد يمكن أن تقبل لبعض الوقت ولكن بطبيعة الحال لا تقبل طول الوقت…. وليس هذا كل ما هناك