الأمين العام لاتحاد المهن الطبية والصحية د. مصعب البرير لـ(الصيحة):
هناك معاهد تدريبية منحت (كوادر) شهادات مزورة
نشجع كوادرنا على الهجرة لأنها مظلومة ظلم (الحسن والحسين)
ليس هناك شح في الكوادر الطبية فقط لدينا أزمة تعيين
هذه (…) هي أبرز الأخطاء الشائعة في السودان
نقف بقوة مع الحقوق المشروعة للعاملين بمستشفى الذرة
كل كوادر المهن الطبية تقريباً تقع تحت خط الفقر
نطالب بإيقاف إيفاد العمالة الأجنبية لأنها خصم على المحلية
حوار: إبتسام حسن
أعيت مشكلة الأخطاء الطبية وزارة الصحة المخدم الرئيسي للكادر الصحي، كما أعيت المجلس الطبي السوداني بكثرة ورود الشكاوى، غير أن هناك العديد من المشاكل من منح شهادات مزورة من مراكز تدريبية غير معنية بالجانب العلمي مما يسهم في الأخطاء الطبية أيضاً، فضلاً عن مشاكل الكادر وعدم وفرة التدريب وكثير من الأجندة وضعتها “الصيحة” على منضدة الأمين العام لاتحاد المهن الطبية والصحية د. مصعب البرير، فإلى ما أفاد به الرجل:
* تحدثتم من قبل عن حالات لتزوير الشهادات العلمية فما حجم المشكلة؟
– نحن هنا نتحدث عن الشهادات التي تمنح بعد دراسة لمدة 3 شهور التي تمنحها بعض المؤسسات التدريبية دون وجه حق لمسميات باسم المهن الطبية والصحية، بالذات تحت مسمى الصيدلة وكذلك المختبرات الطبية ومسميات أخرى، ونرى أن 3 شهور ليست بالزمن المناسب لكي يمنح الكادر شهادة ممارسة.
والمراكز التدريبية اختصاصها الأصلى منح شهادات تمنح شهادات مهارات تتعلق بالثقافات، وليس تعليماً، وهذه نقطة جوهرية مهمة، لذلك المراكز التدريبية تسجل في المجلس القومي للتدريب، بينما الكليات العلمية التعليمية تسجل في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبالتالي نحن نرى أن المراكز التدريبية التي تمنح شهادات علمية تحت مسمى الشهادات العلمية تزوير، بل نحسب أن هذا فيه نوع من أنواع المخالفة، ونحن كاتحاد عام مع المجلس القومي للمهن الطبية والصحية نبذل مجهودات كبيرة لإيقاف هذه الممارسات، لكن نحن نتخوف من عودة هذه الممارسات مرة أخرى تجاوزاً للتطور الطبيعي الذي حصل لثقافة هذه الممارسات، وبالتالي نوصي بحسم هذه الممارسات وعدم العمل بأي شهادة تدريبية. وتلك المعاهد خرجت عددا كبيراً من الكوادر خاصة في الولايات، وبعضهم يمارس مهنة العمل الصيدلاني ويمارس مهام أخرى.
* صرّح رئيس المجلس القومي للمهن الطبية عن ضلوع جهات سياسية تتدخل لمنح تلك الشهادات ما تعليقكم؟
– هذه القضية لا علاقة لها بالجانب السياسي، هي قضية تتعلق بالمراكز التدريبية واختصاصاتها التي رخصت بها، وهذا التجاوز بمبررات الكسب المالي فقط لأنه بإشراف ومتابعة المراكز في إطار سعيها للكسب المالي من ذوي الاختصاص، لذا ينبغي محاسبة هذه المراكز، وينبغي كذلك جبر الضرر عن الكوادر.
*برز عدد من المشاكل تعاني منها كوادر المهن الصحية ينتظر أن يصدر فيها قرار من وزير التعليم العالي مثل التجسير، ما هي المجهودات في هذا الجانب؟
– معظم المهن الطبية والصحية، إعلان السودان أتاح لها الحق في التجسير، وهذا تطور طبيعي للمهن في ظل عالم أصبح يتغير في ظل الآليات، ومن حيث النظم الطبية للمهنة التي بدأت تتعقد مع الزمن، ونعتقد أنه لابد لكادر المهن الطبية والصحية أن يواكب هذا التطور الذي أخذ شقين في إعلان السودان الذي سمح بأن الحد الأدنى هو البكالريوس، وكان أعلان السودان مُرضِياً للمهن الطبية والصحية، وحقق نتائج ممتازة حسب تقديراتنا، إلا أن إعلان السودان واجه بعض العقبات اللاحقة، تتمثل في عودة بعض الولايات إلى الشهادة المصلحية، الأمر الذي رفضناه جملة وتفصيلاً، باعتبار أن فيه ردة وعودة للوراء…
أعتقد أن التطور الذي تم لهذه المهن ينببغي أن يتم دعمه وعدم النكوص إلى الخلف، خاصة أن تلك المهن تتعامل كفريق صحي وتتعامل مع الإنسان كأعلى استثمار ينبغي أن يحافظ عليه.
النقطة الثانية نعتقد أن الإنجازات التي حققناها في الوصول لاتفاق مع المجلس القومي للتخصصات الطبية، وكانت اتجاهاتنا معه ذاهبة لإنشاء مجلس للمهن الطبية والصحية ولكن قبول المجلس القومي للتخصصات بوحدة التدريب للمهن الطبية، أدت إلى قبولنا التوحد تحت مظلة التدريب القومي، والآن هناك فرص للتدريب لتحقيق التطور .
* هنالك ندرة في الكوادر الطبية خاصة التمريض، كم تبلغ الفجوة وما هي المعالجات؟
– نحن لا نتفق مع الجهات التي تدعي بأن هناك شحاً في الكوادر الطبية، وهو تصريح نسبي، وواقع الحال يقول إن لدينا أكثر من 40 كلية تمريض، يتخرج فيها حملة التمريض بالسودان، ومثلها يتخرج فيها حملة دبلوم التمريض، يعنى لدينا 80 كلية تمريض في السودان، خريجو هذه الكليات جلهم لا يجدون وظائف، ولدينا أزمة تعيين للكوادر، وليست لدينا أزمة تخريج، وينبغي لهذه الجهات التي تدفن رؤوسها في الرمال أن تجلس مع الجهات المختصة، وهناك مأساة في بعض الولايات، خريجو التمريض يعملون على ما يزيد عن عشرات السنيين دون تعيين، وهناك تبريرات الغرض منها السعي إلى العودة إلى الشهادات المصلحية، وهو أمر نرفضه تماماً، ونحن الآن جاهزون عبر الجهات المختصة لتوفير أي عدد تحتاجه الولايات لكل المهن الذين يتواجدون من غير عمل، وهذا التحدي نقبله، وعلى الولايات تجهيز المواعين الاستيعابية بدءاً من التمريض والمختبرات الطبية مروراً بضباط الصحة.
* ها جر في الفترة الماضية عدد كبير من الكوادر ما تعليقكم؟
– نحن نشجع كوادرنا على الهجرة، لأن النظام الصحي يظلم المهن الصحية ظلم الحسن والحسين، لأن كوادرنا لا تجد التوظيف، فضلاً عن أن كوادرنا الموظفة في الوظائف المؤقتة لا تجد بيئة العمل المناسبة لتعمل، ولا تمثيلها الحقيقي في الوضع القيادي في النظام الصحي وبيئة العمل بيئة طاردة وغير مشجعة للعاملين، وهى بيئة ظالمة لهم رغم المهام التي يؤدونها، والمهن الصحية هي المهن الوحيدة التي لا تتمتع بحوافز الاستبقاء للذين يعملون في ظروف عمل قاسية وظالمة وغير مشجعة، ونشجع كل من يجد فرصة لتحسين وضعه المعيشي ليهاجر. والهجرة طبعاً مخيفة، فالآن كل كوادر المهن الطبية والصحية، النظام الصحي يتعامل معهم بدونية، ويتعامل معهم كأنهم الصف الثاني وكأنهم غير أصليين في النظام الصحي.
*أعلن مسؤولو وزارة الصحة عن عدم دقة التشخيص فهل من معالجات؟
– هناك تطور كبير في قضايا التشخيص في السودان، وهنالك تحول حقيقي، هنالك 50 كلية للمختبرات الطبية، وهناك كادر ، وبدأت تظهر مجمعات تشخيصية وبإماكنيات ضخمة، القضية التشخيصية، صحيح كانت تعاني في المستوى العام من حيث المعدات، ولكن من حيث الكادر البشري ليست لدينا مشكلة، وخريجو كوادر التشخيص هاجروا إلى دول الخريج وفي الداخل قد تعوز مشكلة التشخيص بيئة العمل، لكن التشخيص للكادر البشري ليست لدينا مشكلة .
*هناك شكوى متكررة من كوادر بمستشفى الذرة من تأثير الأجهزة على صحتهم؟
– نطالب باستكمال كل مطلوبات السلامة للعاملين بمستشفى الذرة، باعتبار أنهم يعملون فى بيئة عمل خطرة، بل هي بيئة أشد خطورة، مقارنة ببيئات العمل الأخرى، وبالتالي نحن نقف تماماً مع الحقوق المشروعة للعاملين بمستشفى الذرة، بل من خلال المؤتمر القومي لقضايا المهن الطبية والصحية، تحدثنا عن ورقة علمية تنادي بضرورة تهيئة بيئة العمل المناسبة للعاملين بمناطق الاختطار، مثل العاملين بمستشفيات الذرة والعاملين بالنفايات الطبية، ومناطق العزل والعاملين بمناطق الأوبئة، وبالتالي نناشد وزارة الصحة عقد اجتماع لمناقشة قضايا بيئة العمل بمستشفى الذرة ومستشفيات الذرة بالولايات الأخرى، والعاملين بالحقل الصحي على وجه الخصوص.
*هناك أخطاء شائعة لعدد من الكوادر؟
-الممارسة الطبية عموماً لا تخلو من الأخطاء، وعمل الصحة دوماً يتعاطى مع ظروف مختلفة، وظروف خاصة، وهذه الظروف قد تضطر العاملين في الحقل الصحي لاتخاذ قرارات قد تُحسب ضده، لكن نحن مطمئنون أن البرتكولات المجازة من وزارة الصحة هي برتكولات متكاملة ونناشد العاملين بالحقل الصحى ضرورة التقيد بهذه البرتكولات حتى تقل قضايا الأخطاء الطبية المرتبطة بالممارسة، ونحن نحسب أن معظم الدراسات التي أقيمت وأخرها الدراسة التي تمت بمستشفى سوبا أثبتت أن 60% من الأخطاء الطبية هي لأسباب تتعلق ببيئة العمل، وبالتالي نحن نناشد المواطنين بمراعاة هذه الجزئية باعتبار أن هناك جهات يمكن أن يوصل إليها، فلدينا لجنة للشكاوى تستقبل شكاوى أخطاء الممارسة في المجلس الطبي ومجلس التخصصات الطبية، وهذه اللجان لجان مختصة فيها عدد من المختصين من الجهات المختصة، وتعطي كل ذي حق حقه، وهذا يقود إلى أن العاملين في القطاع الصحي يعملون في ظروف صحية صعبة، وفي بيئة ضاغطة باعتبار أن المريض يكون في أضعف حالاته وأسرته تكون واقعة تحت ضغط معنوي ونفسي عالٍ ويعملون في بيئة أيضا ًقد تفتقر للمعينات الأساسية لتقديم الخدمة الصحية اللازمة، وبالتالي يتعرضون للتنفيس من قبل المواطنين، ونحن نقول لابد من تدريب الكوادر على التعاطي مع الضغوط، لكن ينبغي على المواطن عدم التعرض والتعدي عليه باعتبار أن المهنة مهنة إنسانية.
* تلاحظ تزايد عدد الشكاوى من قبل المرضى للمجلس الطبي السوداني؟
– قضايا الشكاوى حتى إذا وصلت المحكمة تحول للجنة المختصة للنظر فيها من ناحية فنية باعتبار أن النواحي الفنية في هذه القضية هي التي تقرر درجة ارتكاب الخطأ الطبي.
* ما هي أبرز الأخطاء الشائعة؟
– أبرز الأخطاء إعطاء جرعات خطأ أو تدخل جراحي خطأ أو عدم الالتزام بموجهات الطبيب، وهي ليست كثيرة لا تتجاوز0.1% ونسبة مقبولة عالمياً، ونحن الأقل من حيث الأخطاء الطبية من حيث الإقليم على مستوى العالم، وعلى محيطنا الإقليمي، هناك مؤشرات مثلاً على مستوى المملكة العربية السعودية، فإن الكوادر السودانية هم الأقل أخطاء، بل تكاد أن تكون صفرية، مقارنة مع العاملين في الدول الأخرى .
* هناك شكوى متكررة من العمالة الأجنبية؟
– نحن كاتحاد، نحسب أن العمالة الأجنبية في السودان لا حاجة لها في كل المهن الطبية، لأن السودان الآن يخرج عدداً كافياً من التخصصات، بل هناك أكثر من الحاجة من الكوادر، تهاجر إلى الدول الأخرى، ونطالب بإيقاف إيفاد العمالة الأجنبية إلى السودان، ونؤكد أن هذه العمالة خصم على العمالة السودانية لظروف اقتصادية معروفة، بل الكادر السوداني هو الأكفأ على مستوى الإقليم، وبالذات في القطاع السوداني الخاص هي تأتي لأسباب ديكورية، وليست هناك حاجة لها .
*هل التدريب للمهن الصحية كافٍ .؟
– لا يوجد تدريب للمهن الطبية، ولا توفر ميزانيات للتدريب وبح صوتنا لكي تقوم الجهات المعنية بتدريب الكوادر بصورة مؤسسة، ولكن فشلنا، ونعزو هذا الفشل لعدم معرفة الجهات المختصة بأهمية التدريب وللسياسات العاجزة التي كان يتم تبنيها في تدريب الكادر، وهي تحويل تدريب الكادر كاختصاص ولائي، ولابد من معالجة هذا القصور، وهذا الخلل حتى يتم التمكن من أن يجد الكادر حظه في التدريب والتدريب غير موجود .
* ما مدى رضاكم عن المرتبات المخصصة لكوادركم ؟
– نحسب أن الكادر يعمل في وضع مجحف، والمرتبات التي تمنح له لا تكفيه كفاف يومها، وبحسب المؤشرات المعلنة للفقر فإن المهن قاطبة عدا قلة قليلة الآن هى تحت خط الفقر، ولابد من الاهتمام السريع بتدارك هذا الأمر عاجلًا، ومعالجات جريئة بدءاً بتغطيتها بحوافز الاستبقاء وصولا لزيادة المرتبات أسوة بزملائهم.