ليلة صُنّاع الثراء البصري في السودان!!
لَيلة الخميس أمس الأول، كانت من أجمل ليالي الخرطوم، وبعد أن انصرف المصلون ورفعت الملائكة أعمال صلاة العشاء، تجمّع أهل تلفزيون السودان وصُنّاع الصورة والجمال بالسودان داخل فناء متحف السودان القومي للمشاركة في حفل تكريم المُصوِّرين البارعين ميرغني عجيب وخضر الفحام بعد سنوات من العطاء المُتميِّز تقديراً لهما في إسعاد المُشاهدين والثراء البصري لشاشات التلفزيون بالسودان.
كان التكريم الذي نظّمته مجموعة مُبادرة شكراً تحت عنوان (تكريم صُنّاع الصورة في السودان)، شمل بجانب عجيب والفحام تكريم أسرة فيلم ستموت في العشرين، حيث تحدث للحضور عبر الهاتف مُخرج الفيلم أمجد أبو العلا، ومعلومٌ أنّ هذا الفيلم هو رقم (7) في تاريخ السودان، وهو فيلمٌ دراميٌّ سودانيٌّ أُنتج خلال العام 2019 في ظل الأحداث السودانية وهو عبارة عن قصةٍ قصيرةٍ للروائي السوداني حمور زيادة، تمّ تطويرها لإنتاج شئٍ من اللا شئٍ، وصار الفيلم الطويل الأول في السودان منذ عشرين عاماً، وهو إنتاجٌ مُشتركٌ بين “السودان ومصر وألمانيا فرنسا والنرويج”، عُرض على الجمهور العالمي في الدورة (76) لمهرجان البندقية السينمائي وحَازَ على جائزة أسد المُستقبل لأفضل عملٍ أول.
أمّا التكريم الثاني في الليلة كان من نصيب سلسلة أرض السُّمر للمخرج الشاب المُتميِّز سيف الدين حسن، ومعلومٌ أنّ سلسلة أرض السُّمر الوثائقية تم العمل على إنتاجها منذ عامين، قطع فيها فريق العمل (36650) كيلو متراً وصلوا خلال رحلتهم إلى أكثر من (400) مدينة وقرية في أرجاء السودان المُختلفة، وثّقوا فيها للإنسان والطبيعة والموارد، حيث عكس سيف الدين وفريقه السودان كما لم يره الناس من قبل، أرضاً وزراعةً وثروات وخُضرةً وجمالاً، فَازَ سيف الدين بجائزة أفضل إخراج للبرامج التلفزيونية السياحية عن سلسلة أرض السُّمر ضمن مهرجان أوسكار الإعلام السياحي العربي للعام 2019.
حَقاً وفّق أصحاب المُبادرة وأصابوا الهدف وهُم يلفتون الأنظار لفئةٍ من المُبدعين علمت عملياً “لا تنس الهدف”.. وهو عنوانٌ اختصر فيه صُنّاع الصورة مَحاور عملهم ووظائفهم وهُم يُفجِّون الظلام ليُنيروا دواخل الآخرين وهم يَستعرضون خُلاصة تجاربهم مع الصورة.
إنّ خضر الفحام وميرغني عجيب عملا في كل ظروف تحديات اِستخدام الكاميرا، وفي ظُروفٍ مناخيةٍ أو بيئيةٍ صَعبةٍ في كل العالم، حيث شرّفانا بإنتاج صور مُتنوِّعةٍ في زواياها الوثائقية والكروية.. فخضر الفحام شَرّفَ السودان في تصوير كأس العالم بفرنسا وجنوب أفريقيا وكذلك أولمبياد أثينا والصين.. هو وصديقي ميرغني عجيب خبرا موضع الكاميرا الصحيح على الثلج حيناً، وعلى حقل من القمح والألغام أحياناً، وعلى سُفُوح الجبال أحياناً أخرى من أجل أن تعكس الصورة رسالة مُعيّنة وتخدم الهدف المقصود من رصد المشهد كاملاً بسماته المُختلفة.. ففي حركة الضوء والظل والمساحات المفتوحة والأبعاد اللا متناهية يَكمن سحر الصورة عند الفحام وعجيب.. شكراً لكم خضر وعجيب وسيف وأمجد فتكريمكم تكريمٌ لكل صُنّاع الصورة والجمال في بلادنا وهذه المساحة لا تفيكم حقكم لأنّ كل منكم حكاية وقصة، ولي تجربة شخصية ناضجة مع ميرغني عجيب، إذ أنّ إنتاج (فيلم طي الرشا) تدور قصته حول بئر أم لواي ومُعاناة الأهالي مع سقيا المياه في بوادي كُردفان كان بإخراج الصديق معاذ موسى له أنبل التحايا فَهو يَستحق أن يُكرّم.