* يبدو أن هذا العنوان ماذا كسب السودان بانحطاط عصر الإسلاميين، يبدو مرعباً جداً لولا أن يستصحب ببعض الشروحات، وهو مأخوذ من سياق أدب، ماذا خسر العالم من انحطاط المسلمين.
* بطبيعة الحال لا يمكن أن تنهض قراءة تاريخية منصفة مباشرة بعد أي ثورة، على الأقل، لقد اكتشفتا فيما بعد أن لعهد الرئيس الأسبق جعفر نميرى الكثير من الحسنات، أقلها إعدام الفكر الجمهوري الذي استيقظ الآن، فما كان لأحد أن يجرؤ علي ذكر حسنة واحدة لمايو غداة رحيلها، يوم أن كانت مفردة سدنة تعدل كلمة كوز الآن، غير أن التاريخ لا يكتب على حين غضبة عارمة، فربما في المستقبل تتوافر بعض حسنات لنظام الإسلاميين.
* على أن حقبة حكم الإسلاميين في هذه اللحظة التاريخية توضع تماماً في خانة (الانحطاط)، فعلى الأقل أن هذه الرؤية تستند على علم الحساب والرياضيات الاقتصادية بأن حكومة الإنقاذ قد استلمت البلاد وسعر الدولار الأمريكي أقل من ثلاثة جنيهات، والآن يبلغ الدولار77 جنيهاً، صحيح أن كل ما بخزينة دولة الصادق المهدي يومئذ هو عبارة عن (فقط مائة ألف دولار لا غير) …
& على أن المواطن بطبيعة الحال في هذا السياق لا يعترف بمسوغ الحصار، الحصار الذي يحمله الإسلاميون عملية انهيار خطوط النقل، السكة الحديد النقل النهري والخطوط الجوية السودانية، وكل الميكنة الصناعية والزراعية، عندما منعتهم الدول المصنعة قطع الغيار، غير ان المواطن يفترض بأن الحاكم يجب ألا يبتل بالماء وهو يمارس السباحة في بحور الحكم المتلاطمة.
* ومهما يكن من أمر، فإن الإسلاميين أصبحوا بحاجة إلى إجراء عملية مراجعات جريئة سيما في فقه الموازنات، الأرباح والخسائر جراء بعض المواقف السياسية، فعلى الأقل ليس بمقدور أحد في هذا الزمان أن يربط حجراً على بطنه، سيما إن كانت بطون الإسلاميين في المقابل بلا حجارة، هكذا يتهمهم الخصوم، على أن ممارسة الحكم كانت تحتاج إلى قدر من الكياسة والسياسة والمداراة.. و…
* يقول البعض ما كان للإنقاذ أن تذهب إلى وسائل الإعلام لتقول بالصوت العالي، نويت أن أقيم دولة إسلامية لتقيم الدنيا عليها ولا تقعدها، بحيث يقول الفقهاء في هذه الحالة والشيء بالشيء يذكر… يقولون.. لا تحتاج أن تقول نويت أن أصلي العصر أربع ركعات.. وأن أصوم رمضان ثلاثين يوماً… فالنية محلها القلب ….
* غير أن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في نهاية المطاف، لولا تفريط الإسلاميين في تقديم الأنموذج الأمثل، هل كانت البلاد ستشهد هذه الردة الباهظة على كل ما هو إسلامي وديني، مع العلم بأن الإسلام لا يحتمل أخطاء الإسلاميين، ليدرك الجميع بأن الذي جرى على المسرح السوداني خلال الثلاثين سنة الماضية هو (تصور جماعة للإسلام)، تصور يقبل الخطأ ويحتمل الصواب، وليس هو الإسلام …
* على أن البلاد قد خسرت الكثير جراء (النهاية المحزنة) لعصر الإسلاميين، حينما وفروا فرص أزمات الوقود والنقود والخبز واشتعال الأسعار والأسواق، عندما أعلنوا عن وجود قطط سمان ثم لم يجرأوا على اقتياد قطة واحدة للمحاكم، المبررات التي نهضت على أكتافها الثورة، ومن ثم وفرت موطئ قدم لأفكار اعتقد السودانيون بأنهم قد انتهت إلى الأبد، مثل الشيوعية والبعثية والجمهورية.. و… أفكار لو نجح الإسلاميون في تقديم النموذج الأمثل ما كان لها أن تنبت في هذه الأرض الطيبة مرة أخرى… وليس هذا كل ما هناك..