(ما تبقى صارف ومنصرف)!!
هدأت (الأهوال) قليلاً.. وارتاحت دفاتر (الأحوال) من أيِّ خروقاتٍ تُذكر.
وتلك فُرصة دانية لإنجاز ما يفرح الناس وتَستعدل أحوالهم وتُخفِّف الأهوال والرياحين تملأ دربي.
لكن الخلافات الحادّة داخل قِوى الحرية والتغيير، على ذلك النحو ليست جيدة .
(وقلبي مكن الناس السوا وبتنقروا).
ثمة فرق بين خلاف الرأي في ترتيب الأولويات أو الموضعة أو زوايا النظر …إلخ، وما بين الاشتجار والنقار المصنوع على غير سباقٍ أو ضَرورة.
وكل الظن أنها بفعل فاعلٍ.. تحرِّكها جهات لو استطعنا وأفلحنا في تسميتها والإشارة إليها وكشفها للرأي العام لحلت العقدة و(اضانا بردت) و(بالنا راق).
والغافل من ظَنّ الأشياء هي الأشياء.
وُحدة وتماسُك (قحت) في هذا الظرف العصيب مهم وضروري، وهو الضمان لاستمرار المرحلة الانتقالية ونجاحها.. وكلما اتسعت خلافاتهم وتصاعدت بياناتهم، كلما توجّست خيفةً على مصير البلد.. وكذلك وحدة وتماسُك (المُعارضة المُساندة).. والذي يُحاول بروف غندور القيام بعبء (لملمته) وجعله صوتاً واحداً ذا رسالة واحدة!!
تخيّلوا معي لو أنّ (قحت) اتفرتكت والمؤتمر الوطني (انجاط).. مَشهدٌ لا يتمنّاه العقلاء من أصحاب المصلحة في استقرار السودان.. كون الاختلاف مَوجودٌ فتلك ظاهرةٌ قائمةٌ على فكرة (المُحاججة) ودَحض البيِّنة الأخرى بما يفضي إلى تخليق مُواءمة واقعية ما بين المطلوب فعله والمُمكن، مع إرسال الإرادة صوب ما تمّت إجازته واختباره نظرياً ومعملياً.
الاختلاف في الرأي والرؤية لا ينفك من (مبارات) المُغايرة والمُعيارة في كل خطوات التجريب العملي لضمان أكبر فرص النجاح.. بمعنى لا تأبوا الرأي المختلف.. بل أطلبوه ومهِّدوا له السُّبل والفجاج.. لأنه إن ساح طاب، وإن لم يجر لم يطب.
أفضل توصيف لكل تلك المُقدِّمات ما قاله فيها اسيوارت:
(إنّنا إذا أسكتنا صوتاً فربما نكون قد أسكتنا الحقيقة، وإنّ الرأي الخاطئ ربما يحمل في جوانحهِ بذور الحقيقة الكامنة، وإن الرأي المُجمع عليه لا يُمكن قبوله على أُسسٍ عقليةٍ إلا إذا دخل واقع التجربة والتمحيص، وإنّ هذا الرأي ما لم يُواجه تحدياً من وقتٍ لآخرٍ، فإنّه سيفقد أهميته وتأثيره).
فلنمض إلى تغيير مجتمعاتنا عن حجة مبينة وديمقراطية حقيقية لا حجر فيها على أحدٍ.
غندور صَوتٌ.. وسلك والنور حمد ومحمد يوسف وعبد الحي وحتى عصمت.. كلها أصواتنا لأجل البناء والأمل فقط دون اجتراح منهج (هلال مريخ) ومنطق (إن لم تكن معي فأنت ضدي).. فنصف رأيك عند أخيك..
ودلت كل تجارب التعسف في استخدام مشروعية (البلد بلدنا ونحنا أسيادا) أن العواقب دوماً وخيمة، وأن التعسف (يلف يلف ويرجع لصاحبه).
ثمة قوى تتأمر على إمكانية التقائنا.. وتدفع من أجل ألا يحدث ذلك.. والصراعات داخل الحرية والتغيير جُزءٌ من تلك المُؤامرة.. المجموعات القوية هي من تصنع الحوار وتنتج المصالحات وتضع شروط عدالتها الانتقالية.. أما الجزر المُتشظية فلا تفعل شيئاً سوى تطوير نفوذ (القوى الخفية) الباحثة عن سلطة مُطلقة مُتماهية.. وستنتهى الى عصابات قهر مسلحة، بدأت (بيانها بالعمل) بمُطاردة (دسيس مان) في شارع النيل.
ويا نيل يا طويل يا مُلولو.. بالليل دا ماشي وين؟!