الشرق باتجاه الغرب يا (برهان)..!!
بينما حكومة الفترة الانتقالية مشغولة باتفاقية سيداو والإقالات من الخدمة وتسكين القادة الجدد الذين جاءوا من بعد الإنقاذ، هناك الولايات تحترق وتتأهب لتتحول الى مراكز للرعب والفتنة تحيط بها من كل صوب حيث الشرق الملتهب أصلاً والغرب الذي لم يعرف مصيره حتى الآن.
بالأمس استمعت إلى فيديو لشخص اسمه (محمد الحسن إحيمر) من شرق السودان يتحدث أمام جمهرة من الناس وبمكبر صوت أشبه بذلك الذي يتجول به الدعاة وأنصار السنة في الأسواق، وعلمت أن الرجل يتحدث في الأسواق وأماكن تجمعات الناس بلغته وصديريه المميزين وهو يستفز بعض مكونات شرق السودان ويصفها بأنها دخيلة وليست من مكونات الشرق الأصيلة، الرجل يحرض الناس على المقاومة والموت في سبيل إقالة الوالي المتواطئ مع المكون القبلي المذكور وفق وجهة نظر المتحدث ودعوته المثيرة للفتنة، وذات الذي شاهدته في الشرق بدأ ينشط من جديد في غرب السودان وتحديداً دارفور في حدود صحراوية يمتد طولها لأكثر من 1400 كلم أرض مترامية الأطراف وتجاور مناطق صراعات ملتهبة في ليبيا والنيجر وأفريقيا الوسطى وتشاد وجنوب مصر.
إن الذي يدور من نقاش يمس جوهر قضايا الحكم في السودان والمتمثل في جدل الهوية والتمثيل العادل في الحكم والإنصاف في تقسيم الثروة وتوزيع حصص الحكومة، وفي نفس الوقت الذي تتأهب فيه مناطق السودان للانفجار نجد ممثلي الحكومة المنحدرين من سكان نمرة اثنين والعمارات وبري والرياض بالخرطوم والصافية وشمبات ببحري يحاولون بكل قوة عين اختطاف الوطن ويحتكرون مكاسب الثورة السودانية لأنفسهم متناسين أن الثورة دفع ثمنها شباب الهامش المظلوم ولا يكترث هؤلاء المترفون لما يجري من تحضير حولهم وشرق السودان إنموذجاً، وهو عين الذي حول ليبيا من حكم الدولة إلى حكم اللا دولة وانظروا إذا تحول السودان المتنوع والواسع الكبير الى حكم مليشيات كيف سيكون المصير.
إذا كان البعض من الذين يحملون على الإنقاذ أنها لم تتوصل الى تسوية شاملة في كل السودان وإن كانت قد اجتهدت في ذلك فإن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الحكام الجدد من حملة الجوازات الأجنبية أبناء الطبقة البرجوازية عدم تقديرهم للأقاليم وشعوبها وهم يصممون وثيقة لحكم السودان للفترة الانتقالية، ويتغافلون عمداً عن تحديد مصير الولايات وعلاقتها بالمركز ولا حتى الإشارة لها بل الخطأ الأفدح حين اعتبر القحتاويون أن قادة الجبهة الثورية والحركات المسلحة انتهازيين ولم يضعوا لهم اعتباراً أثناء تفصيلهم لهياكل الفترة الانتقالية وتحديدهم لمن يشغلها من ضعيفي الخبرة عديمي المعرفة بتاريخ السودان الاجتماعي، ناهيك عن السياسي. فهؤلاء سيقودون البلد إلى هاوية سحيقة من الفوضى والصراع الجهوي والمناطقي إذا لم يدرك الوضع المتصاعد من قبل المؤسسات الشرعية والجميع يتابع الأزمة المصنوعة تتطور يوماً بعد يوم، وهي تمضي في اتجاه التحالفات العسكرية التي لا تخلو من تواصل دولي وإقليمي ومعلوم أن المضطر لا تغلبه الحيلة وما أكثر تجار الأزمات ومتطوعي مقترحات الحلول والوسطاء.