المعادلة التي يجب أن يدركها المتفاوضون والمتحاورون والمهتمون بقضايا السلام في البلاد سواء أكان ذلك في جوبا أو الخرطوم أو أبو ظبي أو الدوحة أو القاهرة.. أو.. أو أديس أبابا أو غيرها أن لكل طرف أجندته الوطنية أو
الإقليمية أو الدولية أو الآثنية أو الأيديولوجية. وتلك كما ذكرنا سابقاً تتراوح بين الترتيبات الإدارية المختلفة للدولة ولأنظمة الحكم والمشاركة إلى معادلات قسمة السلطة والثروة أو الانفصال وخلافه، ولا يمكن استبعاد العامل الشخصي والحزبي والمناطقي والجهوي والقبلي
للمتفاوضين أو من معهم ومن خلفهم في الداخل والخارج فالذي يقدم الدعم في الغالب يدخل أجندته صراحة أو مواربة وبمختلف السبل وتحت مختلف الذرائع والعناوين
There Is No FREE LUNCH
تم في اتفاقية السلام الشامل أو عُرف باتفاقية نيفاشا في يناير 2005 استخدام أنموذج قسمة السلطة والثروة وإجراء الاستفتاء على تقرير المصير لمديريات جنوب السودان الثلاث في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومراقبة وطنياً وإقليميا ودولياً. وقمت في فبراير 2005 بتقديم محاضرة في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم عنوانها:
ثم ما ذا بعد يوليو 2011؟
وكانت التوقعات أن الاتفاقية هي نصوص ودوافع للانفصال بالإرادة الكاسحة لأهل الإقليم الجنوبي بما يقارب المائة بالمائة لصالح الانفصال، وقد كان.
كانت القراءة أن سيذهب الجنوب لا محالة فما هي الترتيبات التي يجب أخذها في الاعتبار. أولاً ضرورة التماشي مع الواقع الماثل خاصة في جانب الموارد
والتي توقعنا أن تنخفض بحوالي ستين بالمائة وعليه يجب خفض الهياكل الإدارية للحكم بنفس النسبة على الأقل وذلك كان يعني خفض الولايات الخمس عشرة المتبقية إلى ست ولايات أو أقاليم: الشرق… الشمال… دارفور.. كردفان… الأوسط والخرطوم… وكان ذلك يعني أيضاً خفض الجهاز التشريعي، إلى ست وستين نائباً آخذين في الاعتبار أن مجلس النواب عند الاستقلال كان يتألف من تسعة وتسعين نائباً برلمانياً… وخفض الجهاز التنفيذي الذي كان يتكون حينها من خمس وثلاثين وزارة اتحادية إلى أربع عشرة أو خمس عشرة وزارة مع إعادة هيكلة الخدمة العامة الموحدة بقانون واحد وهيكل
إداري ووظيفي وراتبي موحد وإلغاء أو تقليص ما توالد من مؤسسات… ولكن بلا مؤسسية … ومفوضيات وغيرها إلى الحد الأدنى الضروري فقط.
الأنموذج الذي تم اتباعه في نيفاشا كان ونموذج “قسمة السلطة والثروة” وهو أنموذج منحاز للحكام والنخب أكثر من انحيازها للمواطن المغلوب على أمره والذي هو وقود كل صراع. وماذا كانت النتيجة في دولة جنوب السودان وباعتراف الأغلبية أنها أصبحت مسرح صراع دام بين النخب يتم فيه استخدام الموارد المالية والمادية والجهوية والإثنية للتمكين للبعض وإقصاء الآخرين واحتلاب الثروات على قلتها.
الانموذج الذي نراه هو أنموذج المشاركة الأفقية في كل إقليم من الستة لقاطنيه (البعض يراه إثنياً وليس جغرافياً بحسب الموازنات وقياس نتائجها المتوقعة).. ونرى اعتماد أنموذج التنمية المستدامة المتوازنة التي تعتمد
الموارد البشرية أهم مكوناتها بحسب نتائج قياس درجات النمو المستدام بمعاييره المختلفة، ولعل أهمها الأمن من الخوف والجوع ومعيار الصحة ومياه الشرب والتعليم والتدريب المواكب للعالم الذي يمكن من الحاضر ويؤهل للمستقبل الواعد.. وإعادة الاستقرار للاجئين والنازحين والعمل المنتج للجميع من خلال تخصيص موارد العباد والبلاد لأهلها وليس اجتراحها للآخرين وخاصة الأجانب… ولا بد وجود أنظمة وفق نظام التخطيط
الشامل الاستباقي الديناميكي الذي يتبنى منهجاً واضحاً للإدارة للنتائج والتقييم بالنتائج لتحديد المطلوب ومتابعة قياس وتقييم كل المؤشرات بنظام معلوماتي شامل ومعاصر وشفاف والتدخل للتقويم متى ما استبان
الانحراف عن تحقيق النتائج المطلوبة ووفق إطارها الزمني المحدد.
وربما نعود إن لزم، إن شاء الله..