ترجمة: إنصاف العوض
اشترطت صحيفة “نيويورك تايمز” مُشاركة النساء في صُنع القَرار من خلال التمتُّع بالسُّلطة الحقيقيّة لحماية الديمقراطية الوليدة في السودان، وقالت الصحيفة: “لكي تكون الديمقراطية آمنة، يجب أن تتمتّع النساء بالسلطة، على أن لا يقتصر ذلك على مُجرّد حق التصويت، بل من خلال سُلطة حقيقية لصنع القرار”، وأضافت: يجب أن تُسمع أصوات السودانيات في الشوارع وفي جميع فروع الحكومة، مُؤكِّدة أنّ الحراك الذي قاد إلى التغيير وإزالة نظام حكم الرئيس السابق عمر البشير وأدخل البلاد إلى أعتاب الديمقراطية مثلت النساء ثُلثيه، وأشارت الصحيفة إلى أنّ انتخاب عددٍ أكبر من النساء للمَنَاصب يجعل فكرة أنّ النساء والفئات المُهمّشة الأُخرى قادرة على مُمارسة السُّلطة بفعالية. كَمَا أنّه يُغيِّر أولويات الحكومة ويجعلها تَعمل بشكلٍ أفضل لحماية حُقُوقهن بعد أن أثبتت دراسات مُختلفة أنّ المرأة تميل إلى أن تكون أقل استبداداً وأن تَعمل بشكلٍ أكثر تعاوُناً، كما أنّ الحكومات التي تضم عدداً أكبر من النساء في مناصبهن تعمد على إنفاق الأموال على الرعاية الصحية والتعليم وتعزيز حقوق المرأة، فضلاً عن أن الديمقراطية تجعل النساء يتمتّعن بمزيدٍ من المُساواة السياسية والاقتصادية.
حماية ديمقراطية
وقالت الصحيفة، إنّ الدراسة التي أجراها معهد بروكينغز عام 2017 أثبتت أنّ المُساواة بين الجنسين والديمقراطية يُعزِّز كل منهما الآخر، وعندما يكون هُناك قدرٌ أكبر من المُساواة في الحُكم، تزداد حَالة السّلام النسبية للأمة ويتحسّن الأمن وتقل العُدوانية تجاه البلدان الأخرى.. وفي المُقابل، عندما تكون الديمقراطية أقوى، تكون النساء أقل عُرضةً للمُعاناة والتّمتُّع بمزيد من المساواة السياسية والاقتصادية، وأضافت أنّه يَجب تطبيق هذه النظرية ليس في السودان فقط، حيث تعمل البلاد على بناء حُكومة مَدنية مُستقرة، ولكن أيضاً في جميع أنحاء العالم، حيث تُكافح النساء من أجل المُساواة والتمثيل الحقيقي في صناعة السياسة والسُّلطة، واشترطت الصحيفة ثلاثة معايير لحماية الديمقراطية من خلال التمثيل الحقيقي للمرأة في السلطة، وقالت:
أولاً يجب تحديد الحصص لتمثيل النساء على جميع مُستويات الحكومة، إذ أظهرت الأبحاث أن الحصص القائمة على النوع رغم أنها ليست نظاماً مثالياً، تساعد النساء للتغلُّب على العوائق الثقافية والاقتصادية والانتخابية التي تمنعهن من شغل مناصب منتخبة، ويُمكن في وقتٍ لاحقٍ إلغاء هذه الحصص تدريجياً، بناءً على الاعتراف بأن المرأة بمجرد توليها المنصب، ستبدأ في المُشاركة في المزايا التي تُمنح عادةً للرجال.
جذب أفريقي
واكتسبت الحِصص المُقرّرة بمُختلف أنواعها قوة جذب في أفريقيا وحول العالم في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال يشترط شرط دستوري في رواندا – الرائدة في العالم من حيث تمثيل المرأة في البرلمان – أنّ المرأة يجب أن تمثل بما لا يقل عن 30% من جميع مُنظّمات صنع القرار بالحكومة
في حالة السودان، الذي شرع مُؤخّراً في انتقال نحو ثلاث سنوات للديمقراطية بعد أشهر من الاضطرابات، يجب أن يكون للمرأة مقعد كبير على طاولة المفاوضات وتلعب دوراً نشطاً في عملية السلام. وفي علامة تبعث على الأمل، تضم الحكومة السودانية الجديدة أول وزيرة خارجية للبلاد.
ثانياً، يجب أن يكون المُجتمع الدولي أكثر استجابةً في الدعوة لمُؤسّسات ديمقراطية أقوى بدلاً من التورُّط فقط بعد حُدُوث المَأساة، كما حدث في السودان، يجب أن تتعلم الجهات والمُؤسّسات الدولية الفاعلة اكتشاف علامات التحذير من العُنف الوشيك وتقديم الدعم من خلال الضغط لأجل حوار مفتوح.. وضمان حق المرأة في التعبير بهذه الطريقة، يُمكن للدول الانتقال إلى الديمقراطية دون اللجوء إلى الاحتجاجات الجماعية وسفك الدماء.
دعمٌ نوعيٌّ
ثالثاً، يجب علينا دعم الفتيات في أفريقيا وحول العالم من خلال تزويدهن بالتعليم والرعاية الصحية والتمكين الاقتصادي. نحتاج أيضاً إلى التفكير بجدية في التدريب على القيادة، سواء كان ذلك يعني تقديم المُساعدة للشابات اللاتي لديهن الجرأة الكافية لدخول السياسة أو إنشاء مَنَصّات تَواصُل تُمكِّن النساء عبر الثقافات والقارات المُختلفة للتواصل.. وكانت المرأة السودانية في طليعة هذه الاحتجاجات من أجل الديمقراطية والتغيير، بعد أن تحمّلت سنوات من التهميش والمُضايقات والعنف الجنسي.
إنّ الثورة الديمقراطية في السودان ما كانت لتتحقّق لولا جُهُود النساء والفتيات. وفي الوقت المناسب، ستستمتع النساء السودانيات بثمار الديمقراطية الكاملة. حتى ذلك الحين، يجب أنّ الوقوف معهن ودعمهن أدبياً ومادياً.
إنّ إنشاء ديمقراطيات راسخة يَستغرق بَعض الوَقت، ولا يُمكن أن يحدث الإدماج بدون وجود مُؤسّسات ديمقراطية قوية واحترام أساسي لحكم القانون، وكلاهما غائبٌ منذ زمنٍ طويلٍ في السودان.