عبد الواحد مستر (نو).. ماذا يريد؟
تقرير: نجدة بشارة
ظل عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان، من أكثر قيادات العمل المسلح إثارة للجدل، منذ تأسيس حركتة 2002 م، حيث تبنى مواقف سياسية مصادمة وأحياناً مجافية للوقائع على الأرض، حتى إنه لم يسبق له أن انخرط فعلياً في مسارات للتسوية السياسية أو جلس إلى طاولة للتفاوض منذ توقيع اتفاقية (أبوجا عام 2006)، وعلى اختلاف الجولات التي جرت بعدها مع الحركات الدارفورية المسلحة، حتى بات يطلق عليه في كل المحافل المحلية والدولية لقب مستر (نو)،
وحتى بعد سقوط نظام الإنقاذ الذي كان يعده عقبته الكؤود وشرطه الوحيد للجنوح للسلام، ظل نور يرتدي ذات العباءة القديمة ويسلك سبيل الرافضين، مع تبدل مفرداته في التبرير، ومؤخرًا برهن عدم مشاركة حركته في مفاوضات جوبا بأن الأخيرة لن تصنع سلاماً للمواطن السوداني وستتحول إلى محض محاصصات حزبية وإقليمية ليس للمواطن السوداني فيها ناقة ولا جمل، ثم ذهب بعيداً بعدم اعترافه بالحكومة الانتقالية وقوله إنه لا يعترف بالمجلس العسكري ولا بحكومة قوى الحرية والتغيير وما نتج عنها.
وإذا وضعنا في الاعتبار أن نور قد شارك في الثورة ،وحركته جزء أصيل من مكون الجبهة الثورية التي تجلس الآن بمختلف كياناتها إلى طاولة جوبا، أذن يبرز تساؤلاً عن ماذا يريد عبد الواحد تحديداً؟ وهل هنالك ضغط يمارس عليه للاستمرار في التعنت، أم إن نظرته للسلام حقيقة وما زالت هنالك نقائص.
(الصيحة) طرحت التساؤل على عدد من المحللين السياسيين والمتابعين.
ماذا يريد نور؟
في لقاء سابق مع عبد الواحد ونقلأ عن موقع إخباري وجه له سؤال عن ماذا تريد أو بالمعنى الأوسع ماذا تريد حركة تحرير السودان؟! فكان رده بأن عبد الواحد ليس سوى جندي في حركة تحرير السودان ويسعى مع الآخرين في بناء دولة المواطنة المتساوية, الدولة العلمانية الليبرالية الفيدرالية الديمقراطية الموحدة, دولة تسامح تسع الجميع، وقال هدفنا المحافظة على الوطن, ونحن سنحقق هدفنا طال الزمن أم قصر فربما تطول الرحلة لكننا عازمون على الوصول إلى نهاياتها وإن لم نصل هناك من سيكملون ما بدأناه.
ويرى في ذلك المحلل السياسي ومراقب العملية السلمية بدارفور د. عبد الله آدم خاطر في حديثه (للصيحة) بأن هذا السؤال أصدق من يجيب عنه نور نفسه، وذلك ما أوردناه في السطور السابقة، وأشار خاطر إلى أن عبد الواحد الآن يقف على أعلى درجات الهواجس وعدم الثقة من الدولة المركزية التي تمثلها الحكومة الجديدة، وما زال ينظر لنفسه نظرة المغدور به التي سبق ووجدها في أبوجا عندما ألقى بكامل ثقته في النظام السابق، ومن تلك الطاولة لم تبارح نور الهواجس وكلما تقدم خطوة قفزت مخاوفه من العودة إلى المربع الأول.
بناء الثقة
ويرى خاطر أن حالته لا يمكن معالجتها إلا ببذل المزيد من الجهود لحل الأزمة من جذورها بالتخلص من القبضة المركزية بأي صورة حتى في شكل الفدرالية، وأردف: ما يحتاجه نور الآن أو يريده هو إعادة بناء الثقة، بفك العزلة السياسية والإقصاء الثقافي عن دارفور أو نظيراتها من ولايات السودان التي لم تجد حظها في ظل المركزية.
وحسب مراقبين فإن نور بدا متأرجح المطالب في كثير من المواقف، وسبق أن عبر عن تنصله من الجلوس مع أي جهة للتفاوض وربما أشار بذلك للمجلس السيادي في ظل وجود أسرى ومعتقلين في السجون ومفقودين لم يعرف مصيرهم، معتبراً في بيان له أن مسلك المجلس السيادي شبيه بأسلوب نظام المخلوع عمر البشير في التشويش على الرأي العام والتنصل من التزاماته، إلا أن المجلس السيادي حقق مطلبه بإطلاق عدد كبير من أسرى الحرب، فلم يجد نور بداً من القفز مجدداً على سقف مطالبه بالإشارة لمحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني خاصة مجرمي الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ومجزرة أمري (بالعرقوب) ومجزرة فض الاعتصام مع تسليم كافة مجرمي الحرب والإبادة والتطهير للمحكمة الجنائية الدولية والالتزام بإقامة لجنة تحقيق دولية حول مجزرة فض الاعتصام، وحالياً كونت حكومة حمدوك لجنة مستقلة للتحقيق في جرائم فض الاعتصام، ومع ذلك يرون أن نور لا يألو جهداً في طرح مزيد من المطالب ليعلي من سقف اشتراطاته قبل الجلوس للتفاوض.
مسخ مشوه لقرنق
المحلل السياسي د. صلاح الدومة أوضح في حديثه (للصيحة) أن مطالب عبد الواحد مشروعة، وهي قضايا جوهرية، إلا أنن استنكر أسلوبه في طرح مطالبه، وقال: نور يحاول بأسلوبه تقليد مدرسة د. جون قرنق مما أدى إلى تحويله إلى مسخ مشوه للأخير، وأردف: أنه بات الآن أمام خيارين، إما أن يتصرف وفقاً لطبيعته وشخصيته وهذا ممكن لتمتعه بكاريزما قوية، أو أن يظل تحت عباءة د. جون ولن يفلح عندها.
وقال د. الدومة ما يريده مستر نو وهي مطالب معلومة، التعويضات ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وهذه مطالب يمكن للحكومة تحقيقها شريطة أن يتنازل بالجلوس إلى طاولة جوبا والالتحاق بركب الحركات الموقعة خاصة وأن هنالك مطالبات أممية بالضغط على عبد الواحد للانضمام إلى محادثات السلام.
الكرة بملعبه
فيما يرى المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية بدارفور د. شمس الدين صالح في حديثه للصيحة أن معارضة عبد الواحد تحولت مؤخراً إلى أسلوب هدام وفاقد للبوصلة، وهو الذي كان يجد الدعم والتأييد من قطاع واسع نسبة لأن هذا القطاع بات يرهن آماله ويعلقها على الثورة التي خاضها ضد النظام السابق، ويرى أن ما يريده نور يجب أن يطرح على نفسه هذا السؤال، ويجيب عليه ليعرف هو أين سيضع قدمه في الخطوة التالية قبل أن يفقد جماهيريته وارضيته السياسية، والكرة الآن بملعبه.