الدكتور النور حمد القيادي في الحزب الجمهوري.. أفصح عن نوايا شريرة للنيل من حق التعبير وحرية الإعلام، وفي مقالته التي نشرتها صحيفة “التيار” يوم الإثنين 21 أكتوبر.. اعتبر النور حمد الباحث والسياسي المرموق أن الإعلام يشكل خطراً على الفترة الانتقالية، مدعياً بأن أغلب الصحف الصادرة ذات توجهات مغايرة لتوجهات الثورة والثوار، وبذلك تشكل خطراً داهماً على الوضع الراهن إذا لم تتخذ الحكومة تدابير للحد من استهداف الثورة من قبل الدولة العميقة وإعلامها!! من قبل وصف الوزير فيصل محمد صالح الصحافة بأنها لا تقف مع الثورة.. وغالبها معارض لها!!
ضيق صدر السلطة وتبرمها من الحرية داء قديم استشرى في مفاصل الدولة السودانية، وقد شهدت سنوات الحكم الديمقراطي قمعاً لحرية الإعلام وأوقفت حكومة الصادق المهدي الصحف عن الصدور وزجت بالصحافيين في السجون والمعتقلات وسجل النظام السابق في قمع الصحف ومصادرتها وإيقاف الكتّاب عن مزاولة مهنتهم وعزل رؤساء التحرير من مواقعهم من المعلوم لمزارعي البصل في كسلا.. الصحافيون الذين قمع صوتهم وصودرت صحفهم ونكل بهم غالبهم من الإسلاميين الذين شقوا بحكم الغنقاذ أكثر من اليسار الذي كان يتمدد في كل الصحف بلا جحر ولا مصادرة لحقه في الكسب والعمل وطرح رؤيته..
وانتقلت “الفوبيا” من الصحافة إلى اليسار هذه الأيام بعد أن سيطرت على مخيلة الإسلاميين لفترة طويلة وسرت مقولة في الوسط السياسي بأن الصحافة هي من أسقطت الديمقراطية الثالثة واتخذت ذريعة للتنكيل والقمع والمصادرة طوال ثلاثين عاماً..
قوى الحرية والتغيير عندما تشكو من أوجاع النقد وتعتبره استهدافاً لها وتقليلاً من شأنها.. فأين أقلام الحرية والتغيير التي تعبر عنها.. وتنافح عن حكومتها.. وأين صحفها إن كانت تنظر للصحف القائمة الآن بأنها لا تمثل توجهاتها؟؟ لماذا لا تصدر الرأسمالية المساندة للحرية والتغيير صحفاً وتنهض بأعباء إقامة منابر إعلامية من قنوات تلفزة ومحطات إذاعية..
الصحف الصادرة في الخرطوم يملكها أفراد ناشرون وصحافيون يعبرون عن ضميرهم وعن قناعاتهم، وكل الصحافة الصادرة في الخرطوم مفتوحة على كل التيارات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لا حجر على رأي ولا فكرة.. ولكن السلطة دوماً مسكونة بالخوف وتسعى لإعلام يُسبّح بحمدها.. يُمجّدها ويتصدى لمن يقوم بأعباء التنوير والتوجيه..
الديمقراطية ليست نزهة ومن يسعى لإقامة نظام ديمقراطي تعددي عليه توطين نفسه لقبول الآخر والتعايش معه بعيداً عن الدعوات التي يطلقها علماء مثل الدكتور النور حمد لوضع القيود على أفواه الصحافة وتحجيمها بدعوى أنها مناهضة للثورة.. وتمثل الثورة المضادة بيد السلطة أي سلطة تكمم الأفواه ومصادرة حق الرأي وإقصاء الآخرين من مستوى الفعل حتى مستوى الوجود، ولكن هل الإقصاء يبني وطناً؟؟ والنكوص عن القيم التي دعت إليها الثورة يمثل ردة فقط؟؟ أم انقلاباً على مبادئ وشعارات الثوار..!!