“الزواج التعيس لا ينقصه الحب، بل تنقصه الصداقة”.. فريدريك نيتشة!..
حتى وقت قریب كانت دراسات اجتماعیة ونفسیة مختلفة تؤكد أن الحب الحقیقي الذي یدوم إلى الأبد وھمٌ یغذیه خیال العشاق، وأن الحب الذي یجعلك لا ترضى عن شریك العاطفة والوجدان بدیلاً مھما كانت العقبات أو المغریات، مكانه الروایات الرومانسیة والأفلام التجاریة..!
لكن وكالات الأنباء العالمیة تناقلت – قبل فترة ــ خبر اكتشاف علمي جدید، جاء نتیجة لدراسات وأبحاث مستفیضة عكف علیھا علماء في إحدى الجامعات الأمریكیة، مفاده أن الحب الحقیقي الذي یدوم إلى الأبد حقیقة علمیة واقعیة، ولیست قصراً على الروایات والأفلام الرومانسیة ..!
الحب الحقیقي الذي قام أولئك العلماء وقعدوا لإثبات وجوده لیس الحب العذري الذي یتلظى بنار الفراق وینضج على أتون الشعور بالحاجة والافتقاد، بل ھو الحب الذي یدوم إلى الأبد بین الزوجین، بعد أن یتمدد الملل على أریكة الشغف، فیتحول الھمس إلى شخیر والرسائل الھاتفیة من نوع “مشتاقین” إلى طلبات عاجلة على غرار “جیب معاك عیش”.!
نتائج الأبحاث جاءت بعد دراسات مكثفة على زیجات وأزواج من مختلف الفئات، فقد اختاروا أزواجاً حدیثي العھد “ناس سعیدة معاي”؟! .. وآخرون مر على زواجھم لحدوث ما یكفي من التذمر “أھلك غشوني” .. وأولئك الذین مر على زواجھم أكثر من عشرین عاماً، فتفرغوا للمناكفة .. “نضارة الجن” .. ” مكانھا وین”؟! .. “قول بسم الله، انت لابسھا” ..!
وتجنباً لأي شبھة استھبال من أي نوع، تم إجراء مسوحات مقطعیة على أدمغة الأزواج في أثناء تعبیرھم عن حبھم لشركاء حیواتھم.. فكانت النتیجة ظھور استجابات عاطفیة عند بعض الذین مر على زیجاتھم أكثر من عشرین عاماً تشبه تلك التي تظھر على الأزواج حدیثي العھد ..!
وعلیه فقد ثبت علمیاً أن الحب والإخلاص لشخص إلى الأبد حقیقة علمیة موجودة ومتعایشة مع وحش النكد وسلطان الملل.. لكنني لا أعتقد أن الدراسة الحدیثة تدحض القدیمة بقدر ما تمثل كلتاھما وجھاً من وجوه الواقع والمعیش ..!
فالرومانسیة التي تتبخر بعد مرور سنوات ھي تلك التي تنھض على افتراض الملائكیة والكمال والتفرد في الآخر.. بینما العاطفة الأبدیة في علاقات الزواج ھي تلك التي تتفق مع حق الآخر في الاختلاف وبالتالي ھي التي تصنع الاستقرار ..!
أن تختار البقاء مع شخص لم یعد یدھشك أو یفتنك وجوده، ولم یعد یخیفك أن تفقده، لكنك في ذات الوقت لا تستطیع – ولا ترید أن تستطیع – أن تكمل المشوار مع شریك آخر غیره، حتى وإن كان ذلك الجدید “من النوع الشدید” ..!