* طفق بعض نشطاء اليسار، ولخدمة غرض تفكيك مشروع الأمة عروة عروة، طفقوا يحتمون برمزية وتجربة الدولة السعودية.. على طريقة سياق الآية الكريمة “وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ” الدعوة القديمة الجديدة، لو أن هناك مشروعاً إسلامياً فالأولى به حكومة خادم الحرمين الشريفين، وكم تمنيت أن لو لم تحشر الشقيقة السعودية في هذا المعترك السوداني الداخلي، أما وقد فعلوا فلابد من استبيان الأمر …
* فقد ورد الاستدلال والاستشهاد والاستقواء بالمملكة العربية السعودية في حالة كونها صادقت على مشروع سيداو، علي طريقة إن القول ما قالت به حكومة أرض الحرمين الشريفين، غير أن السعودية مع كامل احترامنا لها، ليست هي (مرجعية الأمة)، بل هي من تسابق الزمن الآن لتقديم نفسها كدولة عصرية منفتحة …
* صحيح أن حكومة المملكة قد صادقت على اتفاقية سيداو، بتحفظ على ألا تتعارض الاتفاقية مع أحكام الشريعة الإسلامية، والمملكة وكل الأعضاء الموقعين على الاتفاقية يعلمون مسبقاً بأن هنالك بنداً في الاتفاقية يقول، لا يجوز لأي عضو موقع أن يعترض على أي بند من بنود الاتفاقية!! .. ولكن .. ولكي تتجاوز الحكومة يومها (حملة رجال الدين السعوديبن) أضافت تحصيل حاصل، شرط ألا تتعارض بنود الاتفاقية مع أحكام الشريعة الإسلامية، والاتفاقية أصلاً جاءت كنظام اجتماعي بديل لمشروع الأحكام الإسلامية تحديداً نظام الأحوال الشخصية.
* علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني من بين الدول التي لم توقع على اتفاقية سيداو الي جانب السودان وبعض الدول القليلة الإخرى، وكنا نتوقع بأن تستمر الدولة السودانية في ممانعتها ومقاومتها لهذه الاتفاقية، سيما في ظل التغيير الجديد الذي أصلاً جاء ليصحح ــ حسب زعمهم ــ يصحح التطبيق الخاطئ للشريعة الإسلامية ويكون أكثر مقاربة وتسديداً …
* غير أن الأخطر في هذه المسألة، مسألة الاحتماء بالنهج السعودي، سيكون في مجال الصيرفة الإسلامية على أن المعركة المرتقبة حسب تصريح بعض كوادر قوى الحرية والتغيير هي بامتياز معركة التخلص من التجربة المصرفية الإسلامية لصالح التجربة التقليدية الربوية، على افتراض أن البنوك السعودية التي حول الحرمين الشريفين تتعامل بالنظام التقليدي، (وناس زعيط ومعيط في رأس شنو)!! … ولسوء الحظ أن الكثيرين “سيتخمّون” بأن الخير والحق والفضيلة ما تعمل به مصارف أرض الحرمين الشريفين، على أن الحقيقة الصادمة هي/أن المصارف هناك تعمل بسعر الفائدة التقليدية، اللهم إلا مصرف الراجحي الذي يعتبر استثناء ـ وبالمناسبة، والشيء بالشئ يذكر، بأن تجربة بنك فيصل المصرفية الإسلامية التي وطّنها مؤسسها الراحل الأمير محمد الفيصل في كثير من الدول، لا يوجد بنك فيصل الإسلامي موطنه الأصلي السعودية !!
* ولكن… وكما قالوا…. (إن الإسلاميين غير إسلاميين) ، سيقولون لا محالة بأن البنوك الإسلامية غير إسلامية!!.. غير أن الحجة هنا ستكون في مطالبتهم/ آتونا بنظام صيرفة إسلامية أكثر رشداً وأهدى سبيلا لنتبعه إن كنتم صادقين!! حتى لا يكون الأمر أمر التطبيق السيء محض شماعة للتخلص من (إرث السودان المسلم القديم) لصالح السودان الجديد… ولا أعرف إن كانت قاطرة الدولة المدنية العلمانية في هذه الحالة، قادرة على اجتياز محطات الكتلة الوطنية الإسلامية الضخمة!!… نتابع ونفيد …