(ياتو زمن دام للأنجاس؟!)
لم تكن بلادنا بمُشكلاتها المُعقّدة وهي في هذا المنعطف الحاد بحاجة لأن نضيف إليها كل تلك التعقيدات والتخوم.
(فيها المكفيها..)
ولا أدري كيف (انقدت) علينا السماء لتساقط علينا كل هذا الحضور النوعي الكثيف لقادة (الرسالة الثانية).
هكذا وفجأةً ليسدوا علينا مجرى التنفس وآفاق الرؤية والتبصر..
هل تتصوّرون أن د. مصطفى الدالي مرشح بقوة والياً للخرطوم!!
فمَن يتحرّش بمَن.. ومن ينحو للانصرافية وافتعال المعارك؟!
لن تصدق الجماهير أن كل ما يحدث في ساحات (النشوء والترقي) صدفة محضة وأن غشيان الجمهوريين وتمددهم لا يهدد ولا يمس غالب ما تؤمن به هذه الجماهير المغلوب على أمرها والمنتظرة بلا طائل لحكومة تقيل العثرات وتسد الثغرات لا أن (توسع قدها)!!.
وهَلْ يُنْبِتُ الْخَطَيَّ إلاَّ وَشِيجُهُ … وتُغْرِسُ إلاَ في مَنَابِتِهَا النَخْلُ؟
محاولة جاسرة وفدائية أحدثها الجمهوريون ليرسموا طريقاً آخر واحتمالات جديدة للتغيير السياسي والاجتماعي في السودان.. لندخل معهم طواعيةً في ذات الانصراف الذي نخاف منه والمآلات ذات الأنفاق الموحشة التي طالما نجحنا في اجتيازها والتحرر من كلفتها الباهظة وعدميتها الماثلة.
استعجلت المنظمات السرية خطواتها لخروج قياداتها إلى العلن فلم تكن أبداً هذه الأيام أيام الظهور.
(قول لي ايه ضراك لو كان صبرت شوية)
وحكومة حمدوك لم يقو عودها بعد لمُجابهة التحديات ومصارعة قائمة المشاكل الحقيقية التي تُعاني منها البلاد في المجال الاقتصادي، ومعاش الناس، وإزالة الحصار الدولي المفروض على السودان منذ عقودٍ.
اشتكى الدالي في ندوته الافتتاحية من ردة الفعل (العميقة) على الفكر الجمهوري واصفاً مُعارضيه أنّهم من (أهل الكهف)!! وهو توصيف المقصود منه إظهار أنهم منبتون عن الواقع غير قادرين على معايشته وإبراز الحجج.. يغيب الرجل عن البلاد نحواً من ثلاثة عقود ثم يعود ليوصم مُعارضيه بالكهفية والجمود وكأنه من بعد (كهفه الاختياري) عاد بالمثير الجديد!!
قال الدالي إنّ الهجوم عليهم يستهدف كل القوى المستنيرة!! وإن استهدافهم هو في إطار مشروع (أكلت يوم أكل الثور الأبيض) والذي يستهدف أولاً الحزب الجمهوري، ولعمري أن ذلك ليس سوى استجداء لنصرة لن تأتي وهم في مُواجهتهم الحاسمة مع تيارات شعبية حقيقية لا تُحرِّكها الفلول ولا تَعرف مع بعضها ارتباطاً عُضوياً من أيِّ نوع سوى قبس من صاحب الرسالة الأولى حين قال:
(… كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي)..
والنور حمد كذلك بذل ذات الشكاية وهو يشبه القصف المدوي للمتاريس الجمهورية داخل الحكومة بأنّها مُحاولة لإجهاض الثورة!! وإن الجمهوريين ليسوا سوى (كباش فداء).
حسناً.. فلنقل إن وجودكم ووفقاً لما جرت عليه الأحوال مضر إضراراً فادحاً بالثورة ولا فائدة مرجوّة منه، فلماذا لا تتراجعوا هوناً ما، من هذا الظهور الصادم ولتتوخّوا أياماً أخرى تكون فيها السماء معبأة بالبشارة.
ادخاراً لأوقاتنا الثمينة وحقناً للدماء.. فلا خير يأتي من إصراركم الذي سيفلح في إنتاج مزيدٍ من (الفوضى) و(الداعشية)، كما أن العشب لا يحتمل.
وتظل مُرافعاتي صوتاً ناحلاً يُحاول إسداء النصح والتسديد والمقاربة، ولكنهم هناك لا يعرفون (التحانيس) ولا ينتظرون (الاسنتابة).