من إشراقات حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، وزيرة العمل لينا الشيخ محجوب التي بدأت عملها بوعي وإدراك وهي تُشارك الجميع في البَحث والدِّراسة والحُلُول وهي الّتي لم تَدخل أيِّ وزارة حكوميّة في حياتها طالبةً خدمةً، نَاهيك عن أن تكون وزيرة فيها.. منذ تخرجها في جامعة الأحفاد التحقت بالعمل في المُنظّمات الدولية وكُلّفت اليوم بوزارة هي الأكثر تعقيداً ومعنية بأهم ملف وهي الخدمة المدنية وإصلاحها، غير أنّها عندما جاءت وجدت وزارتها تمّ تشليعها من قبل أفندية الخدمة المدنية الذين استغلوا فترة الفراغ الدستوري قبل تشكيل الحكومة، حيث اُقتطع منها ديوان شؤون الخدمة واتّبع لوزارة المالية، بينما الاستخدام الخارجي اتبع إلى مجلس الوزراء، والتدريب المهني والتقاني تمّت تبعيته إلى التعليم العالي.. جلست الوزيرة على كرسي وزارة بلا مهامٍ ولا وظائفَ، لكنها لم تجزع ولم تثر، وبلا ضَجيجٍ جلست إلى وكيل الوزارة المُقال وتفاكرا ماذا يعملان فاتّفقا على كتابة مُذكِّرة لرئيس الوزراء تتضمّن الحيثيات وتُطالب بعودة المؤسسات إلى الوزارة وقد كان، فأعيدت للوزارة مُؤسّساتها، ولينا تبعث برسائل شكر للوكلاء والفنيين الذين أعانوها بالمشورة والنصح، وحقاً (لينا) تمثل وجهاً مُشرقاً في الحكومة الانتقالية التي يبدو فيها بعض الوزراء أشبه بالغزاة المُحتلين الفاتحين وهم يطلقون التصريحات المُجنحة ويكيلون السباب للآخرين، وعلى رأس هؤلاء وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي التي تبدو كما لو جاءت بالصدفة بلا تَخطيطٍ ورؤيةٍ معياريةٍ للكفاءة.. (فولاء) تجاوزت كل أولويات الشباب وهمومهم هابطةً إلى إدارة معارك انصرافية مع الشيخ/ عبد الحي يوسف، مُتجاهلةً أوضاع وزارتها المُزرية، فعلى صعيد البنى التحتية للعمل الرياضي وبدلاً من السعي لتكملة الـ10% المتبقية من تكملة المدينة الرياضية، ركبت البوشي مراكب الخشب وبوارج الغُزاة الوهمية حين خطّطت لإقامة مؤتمرٍ صحفي بمنبر “سونا” للأنباء وكان منقولاً على كل القنوات وهي تتحدّث عن الفساد في المدينة الرياضية، ومُحاسبة علي عثمان محمد طه وعبد الرحيم محمد حسين ويوسف عبد الفتاح، لأنّهم صدّقوا أراضٍ خصماً على أراضي المدينة الرياضية لجامعة أفريقيا العالمية ومُؤسّسات أخرى.
ليس دفاعاً عنهم، ولكن نقول للوزيرة لماذا هذا التسكع يا بت البوشي في مُخاطبة أولويات الشباب، فالأمر ليس خطيراً، لأنّ هؤلاء كانوا مسؤولين ولديهم سُلطة تقدير للمصلحة العامة واستخدموها وفق القانون، أين المُشكلة والوزيرة نفسها نسيت أنّها وزيرة وتتحدّث وفق السُّلطات التقديرية الممنوحة لها؟ لكن من يبصر الأعمى الذي تعود على رفع بصره بدون رؤية معتمداً على حركة واستشعار غيره.
كان الأوفق للوزيرة أن تمنح الفُرصة للمستشار القانوني والنيابة والقضاء للتحقيق والمُحاكمة وهي كوزيرة تتفرّغ لمهام ووظائف وزارتها التي تحتاج الكثير فيما يلي التخطيط السليم لمشاريع الشباب وحاضناتهم الأساسية في المركز والولايات.. ومن الأشياء المُنتظرة مِن وَزيرة الشباب أن تَعمل نفرةً لنهضة القِطَاع الرِّياضي السُّوداني الذي تَهَالَكَ، وتستعيد للكرة السودانية مكانتها الطبيعية في البطولات العربية والأفريقية.
الوزيرة ليست فاضية، مشغولة بالصراعات التي لا تترك لها بالاً ليحمل هُمُوم الشباب وما أحوجهم لمن يحمل عنهم تكاليف الزواج والاستقرار ولو بصوتٍ خافتٍ.
صدِّقوني ولاء البوشي لا تدرك قيمة المثل السوداني: (الكلمة الطيبة تنزع شارب الأسد)، وهي في صراعاتها الشخصية مع الكبار والقدرها، وهي مُستعدة تخرج في أيِّ موكبٍ وتبكي بلا وجيعٍ، والرياضة في البلاد أصبحت جنازة بحر ومركب وزارتها غرقان!
آمل أن تقترب الوزيرة ولاء البوشي أكثر من حقيقة مُعاناة الشباب، وتقترب أكثر من مركب وزارتها الغرقان وتنظر إليه بعدسةٍ مُقرّبةٍ لتبدو لها الجنازة أوضح لترى مشاكل الولايات وفرقها الرياضية التي ودّعت الممتاز.. حتماً ستجد (ولاء) هناك أكثر من جنازة مُتحلِّلة ومُتعفِّنة، فرائحة جنائز الرياضة وأوضاع الشباب بالولايات ربما تلهم الوزيرة وتعيدها إلى رشد التفكير داخل صندوق تكليفها الوزاري بدلاً من مُباراة النشطاء الذين يجيدون البكائيات وليس بمقدورهم تحضير حنوط ولا كفن لسترة جنائز الحال المائل، إنّهم بارعون في إطلاق الاتّهامات غير المُنتجة والشائعات غير المثبتة.. وإلا سوف تتمزّق كيانات الشباب ما بين باحثٍ عن هويةٍ، وغريقٍ غير قابل الانتشال، وكثيرون مقعدون ليس بمقدورهم مُعاونة وزارة الشباب ووزيرتها ولاء البوشي في النهوض بالحال إلى نحوٍ أفضل، لأنّ ربان سفينتهم ما فاضية من الصياح وعُلو الصوت وتهييج المشاعر بالحديث المشروخ والمكرور عن الفساد والمُفسدين بلا دلائل واضحة، سوى أنها مُحاكمات إعلامية وتشهير بالحال ليس إلا..!