تقرير: هبة محمود سعيد
قبل نحو شهر من الآن أعلن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك عن تشكيل لجنة مستقلة بصلاحيات واسعة بموجب نص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية 2019. اللجنة بحسب ما أعلن، برئاسة قاضي المحكمة العليا وعضوية ممثل من وزارة العدل (مقرراَ) بجانب ممثلين لوزارة (الداخلية، الدفاع) وشخصية مستقلة ومحامين مستقلين، ولها جميع سلطات التحقيق الواردة في قانون لجان التحقيق للعام 1954 ويحق لها الاستعانة بمن تراه مناسباً بما في ذلك الاستعانة بدعم أفريقي، وتسلم الشكاوى من الضحايا وأولياء الدم والممثلين القانونيين، على أن تكمل أعمالها خلال ثلاثة أشهر، وكان من المتوقع أن تبدأ اللجنة عملها منذ الإعلان عنها، قبل أن يعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية وزير الإعلام الأستاذ “فيصل محمد صالح” أمس الأول عن تعديل في قرار تشكيل اللجنة بتسمية المحامي “نبيل أديب” رئيساً لها وعثمان محمد عثمان كبير المستشارين مقرراً لها وصهيب عبد اللطيف مقررًا مناوباً، وعضوية الحقوقيين عصمت محمد عبد الله ـ خالد مهدي ـ محمد زين الماحي ـ أحمد الطاهر النور). ليبقى السؤال عن جدوى تعديل القرار وفرص نجاح اللجنة في التوصل إلى الحقائق المُقبَرة؟
مطلب ملحاح
منذ الثالث من يونيو الماضي، وحتى الآن ظل وما زال الكشف عن المتورطين في فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم، احد أهم مطلوبات الحكومة الانتقالية، ومن قبلها المجلس العسكري قبيل تشكيل المجلس السيادي، وكان المجلس العسكري شرع مباشرة عقب عملية الفض في تشكيل لجنة تم الكشف عن نتائجها عقب أسبوع من بدء التحقيق، وأعلن المجلس أنه تم توقيف عدد من منسوبي القوات النظامية بعد توصلهم إلى بينات مبدئية في مواجهتهم وتم التحفظ عليهم عليهم توطئة لتقديمهم للجهات العدلية، دون أي تفاصيل عن عددهم، ولم يكن الأمر مقنعاً للشارع.
وفي أعقاب لجنة النائب العسكري تم تشكيل لجنة من قبل النائب العام السابق للتحقيق في الأحداث، إلا أن النتائج لم تكن هي الأخرى مرضية، لذا كانت المطالبة بضرورة تعيين رئيس القضاء والنائب العام لاستقلالية القضاء في السودان والكشف عن الأيدي الضالعة في فض الاعتصام، بجانب محاكمة رموز النظام السابق ومحاربة الفساد وغيرها من القضايا الشائكة في انتظار رئيس القضاء والنائب العام.
جدوى التغيير
يرى مراقبون أن التغيير في اختصاصات اللجنة وإيكال مهامها إلى قانونين، أمر يصب في عدم الثقة في نتائج اللجنة حال ضمت ممثلين من الداخلية والدفاع، لذا فضل لها أن تكون لجنة تضم قانونيين مستقلين يرأسها محام ضليع في الحريات وقانون الإنسان، وكان من المفترض أن تضم اللجنة وفقاً للقرار السابق ممثلين لوزارتي الدفاع والداخلية.
وزير الإعلام “فيصل محمد صالح” أكد لـ(الصيحة) أن دواعي التعديل عقب الشعور بأنه يتوجب أن يكون رئيس اللجنة شخصية مستقلة، وقال: اللجنة منحت صلاحيات مثل صلاحيات النيابة العامة، وتضم كفاءات وقدرات كبيرة ولها فرص نجاح وقادرة على التوصل إلى نتائج.
وفي سؤاله عن إمكانية توجيه تهم لأعضاء بالسيادي حال ثبت تورط أي منهم في عملية الفض، أكد فيصل أنه حديث سابق لأوانه، والمهم أنها لجنة لها صلاحيات واسعة وكبيرة.
بدوره رفض الأستاذ “نبيل أديب” التعليق على تغيير القرار وقال للصيحة يسأل من دواعي التغيير رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، إلا أنه أكد قبوله التكليف، وأضاف: سوف نبذل جهدنا في التوصل إلى معلومات.
لا حصانة لأحد
ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو قادة المجلس العسكري على الرغم من تبرؤهم من التهمة وتأكيدهم على المحاسبة حال ثبت تورطهم، وفي حوار سابق مع الصيحة أكد الفريق ركن شمس الدين الكباشي جاهزيتهم لأي محاسبة حال ثبت تورط أي من أعضاء المجلس السيادي في احداث القيادة العامة، وقال إن الوثيقة الدستورية أوضحت كيفية رفع الحصانة حال إثبات تورط أحدهم، وبحسب نيبل أديب للصيحة، فإنه لا يوجد شخص له حصانة من الاتهام، وفي ذات السياق أصابع الاتهام غير موجهة لأحد، وأن التحقيق هو الذي سيكشف المتورطين.
هزيمة نفسية
ووفقاً لخبير سياسي ـ فضل حجب اسمه ـ فإن الحديث عن اتهام لعسكريي المجلس السيادي أمر لم يعد مجدياً، لأن لجنة التحقيق القانونية المكلفة بحسب الوثيقة الدستورية، لم تنص على أن يشمل التحقيق أعضاء المجلس السيادي، وقال: لو كانت الحكومة تملك ذرة شك في المكون العسكري بالمجلس السيادي لحققت معهم، وأضاف: الحديث من هذا النوع يصب في خانة الهزيمة النفسية لأعضاء السيادي من المكون العسكري، ومضى قائلاً: الاستمرار في إطلاق مثل هذه الأحاديث وفي هذا التوقيت الغرض منه تحريك ملف القضية بشكل إيجابي وأيضاً للمزيد من الشفافية، وزاد: أتوقع ظهور متورطين آخرين اقتضت الظروف عدم ذكرهم في التحقيق.