بين (المطيعي) و(محمود محمد طه)
الشيخ محمد نجيب محمد المطيعي، ولد في قرية الطوابية (مركز الفتح – محافظة أسيوط – جنوبي مصر) عام 1334هـ – 1915م ، وتوفي في المدينة النبوية عام 1406هـ – 1985م . قضى حياته في مصر ثم السودان ثم المملكة العربية السعودية.
حفظ القرآن الكريم على والده، ثم انتقل به إلى مسجد أولاد إبراهيم باشا بالإسكندرية، فحفظ الآجرومية في النحو وحفظ البخاري ومسلم وسنن أبي داوود، عمل مدرساً في مسجد العمري بمدينة الإسكندرية، ثم صحافياً ومراجعًا لغويًا في جريدة «وادي النيل». ثم انتقل إلى القاهرة ، فافتتح مكتبة المطيعي بميدان العباسية، ثم سافر إلى السودان، فعمل رئيسًا لقسم السنّة وعلوم الحديث بجامعة «أم درمان» الإسلامية، كما أشرف فيها على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، ثم قصد المملكة العربية السعودية، فعمل عميدًا لمعهد أبي بكر الصديق للدعوة الإسلامية، حتى وفاته.
كان عضوًا في نقابة الصحافيين، كما كان عضوًا في رابطة العالم الإسلامي، وعضواً في هيئة التدريس ولجنة ترقية الأساتذة في جامعة «أم درمان».
له عدة كتب منها : «المسير المخلص» ، و«تاريخ النقود الإسلامية»، و«الأوثان» ، و«صلة السنة بالقرآن»، وإكمال «شرح المهذب بعد انقطاع الكتاب بوفاة الإمام النووي وبعده السبكي»، وحقق خمسة مجلدات من كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، وله سلسلة مقالات في الرد على منكري السنة النبوية نشرت في مجلة الأزهر بعنوان: «البخاري المفترى عليه»، وكان له باب ثابت في مجلة الدعوة والاعتصام بعنوان: “ليس حديثًا وليس صحيحًا“.
ومن كتب الشيخ محمد نجيب المطيعي كتاب (حقيقة محمود محمد طه) ، والكتاب مطبوع إلا أن انتشاره ليس بالكبير، أوقفني عليه – مشكوراً – أحد الإخوة الأفاضل من طلاب العلم جزاه الله خيراً، فرأيت انتقاء بعض ما كتبه المطيعي عن حقيقة مدّعي الرسالة الثانية المقتول ردّة محمود محمد طه وحقيقة أتباعه ومقلديه، ليضاف ذلك إلى سلسلة المقالات التي نشرتها سابقاً بهذا العمود بعنوان : (الموجز في بيان حقيقة الفكر الجمهوري)، ويعتبر المطيعي شاهداً على هذه الدعوة الهالكة، ولم يكتف بالإنكار الشفهي عليها فسطّر ذلك في كتاب تمت طباعته نصحاً للمسلمين، ومما جاء في كتاب المطيعي المذكور:
قال الشيخ محمد نجيب المطيعي – رحمه الله – في كتاب حقيقة محمود محمد طه ص 161: (وقد عن لي أن أطلع على بعض منشوراته “محمود محمد طه” التي يسمونها كتباً، والرجل عنده “إسهال” في إصدار المنشورات، وساعده على هذا الإسهال أنه لم يتطوع أحدٌ بإعطائه قرصاً من أقراص تطهير المعي التي تنسق عملية الإخراج وتضبطها وكلها كلام معاد ومكرر وممل حتى أنه ليأتي في البدهيات والمسلمات عند جمهور المسلمين، ولا تحتاج إلى تنطع وتفلسف ولا إمعان في تراكمات تعبيرية مركبة وجمل جاهزة يجمعها من دارون وفرويد وأينشتاين وابن عربي والبهاء والأصبهاني وغلام أحمد، وكل مزبلة من مزابل الدعوات سواء أكانت علمانية أم دجالية كلها يمر عليها ويبدأ بحركة الكون كما يصوره له معلموه ….).
وقال – رحمه الله – ص6-7 : (ووجدت في القضارف وفي الكاملين والحصاحيصا وفي واد مدني لجاناً للإخوان الجمهوريين . وناقشني كثير منهم في دعوتهم، وكانت مثاراً للغثيان أن يرى المرء ضلالة عمياء وظلمة طخياء وجهالة جهلاء تلبس ثوباً من ثقافة انتحلت من أجل شخص مثقف نوعاً تضعف ثقافته ويضعف ذكاؤه أمام اندفاع نفسي ملتهب نحو تقرير ألوهيته، وإثبات رسالته فتسترضي حدة ذكائه أمام هذا الوسواس اللعين، ثم يسيطر عليه هذا الوسواس الملتاث فيسخر مواهبه وثقافته وذكاءه نحو هذا المقصد الشاذ والغرض الغريب …. ليستمعوا إلى مثل محمود محمد طه الذي أسميته (تاها) بترقيق الطاء حتى يتطابق الاسم على مسماه الذي يخوض فيه هذا الضال …).
وقال في ص67 : (وإن كان محمود قد وظف حياته لهدم أركان الإسلام الخمسة إلا أنه ركز بصورة خاصة على ركن الصلاة – إذ أن من هدمها فقد هدم الدين- وقد أصدر الحزب الجمهوري أكثر من عشرة كتب لهدم شعيرة الصلاة وخصص مؤتمرات كاملة لحزبه عن الصلاة فجعل الله كيده في نحره وجعل تدميره في تدبيره فكان كتابه رسالة الصلاة هو رأس الخيط والمفتاح الأم لفك صواميل الدعوة المحمودية )!.
وقال – رحمه الله – وهو يتحدث عن طقوسهم ومخالفتهم في الزواج ص 65: (وأسوق هنا حادثة لطيفة تحكي مدى التناقض الذي يعيشه الجمهوريون وهم يحاولون إماتة السنة ففي قرية من قرى الجزيرة دخل جمهوري مع جمهورية في علاقة غير شرعية ” الزواج الجمهوري” ورفض الجمهوري حسب أوامر محمود أن يقدم أي نوع من اللحوم وأحضر الجمهوريون ملوخية وبصلاً وطلبوا طبخه بدون لحم ” مبالغة في مخالفة سنة الوليمة في الزواج” فاضطرت الأخت الجمهورية للاستعانة بالدجاج الأمريكي الجاهز ” ماجي” “magi”لعمل طبخة الملوخية)!!.
وقد أوصى الشيخ المطيعي – رحمه الله – بمنع الجمهوريين من التحدث باسم الدين، وهذا الذي بيّنته في مقالاتي السابقة في هذا الموضوع وهو منعهم من تسجيل حزب لهم أو تمكينهم من إقامة خرافاتهم، قال المطيعي ص 154-155 : (والذي أطلبه من الحكومة باسم زملائي وإخواني العلماء في السودان بل باسم المسلمين جميعاً أن تمنع محمود محمد طه وأذنابه من التحدث باسم الدين في أي مجتمع من المجتمعات لا في ناديهم ولا في غيره؛ ولأن ناديهم يعتبر اليوم كمسجد الضرار لأنه قائم على الضلال – وهل تسمح الحكومة لجاهل من الناس لم تسبق له دراسة علم الطب أن ينخرط في سلك الأطباء، ليقوم بإجراء عمليات جراحية في مستشفياتها؟ فلماذا التهاون بأمر عقائد النشء؟ …. ومحمود محمد طه أضر على المسلمين في السودان من الكفار أنفسهم لأن الكافر عدو معروف فيأخذ المسلم حذره منه. أما محمود فداخل وسط المسلمين ، ويهدم الدين باسم الدين. ..).
ومن المآخذ الخطيرة التي أخذها الشيخ المطيعي على الجمهوري محمود تاها! قال:(أخذت عليه دعوته إلى الرسالة الثانية وأثبت أنه سطا على كتاب لمحيي الدين بن عربي اسمه الرسالة الثانية وهو مطبوع ضمن كتاب “معارج الأفلاك في مدارج الأفلاك” وهو كتاب طبع في الثلاثينات بتحقيق …. طه عبد الباقي سرور نعيم، ونظراً لنفاد طبعة الكتاب وندرته أو فقدانه فقد موه ودلس ولفق على السذج والبسطاء من أتباعه فأذاب كتاب الرسالة الثانية في بعض عباراته العصرية إمعاناً في التلفيق، وسوء نية في انتحال كتب لها مؤلفوها وقد أفضوا إلى ما قدموا)!
قلتُ: هذه الشهادة من الشيخ المطيعي تضاف إلى شهادات سابقة نشرتها لعلماء من غير السودان كتبوا وبرأوا ذمتهم وتمنوا في ذلك الوقت كف أذى الجرثومة الجمهورية، حتى وفّق الله فخامة المشير جعفر نميري رحمه الله وغفر له فحقّق أمنية أولئك العلماء، وفي نشر مثل هذه الشهادات دروس كثيرة أولها ما يوجّه إلى العلماء والدعاة في التذكير لهم بواجبهم تجاه دينهم، والموفّق من وفّقه الله .