الخرطوم: عبد الله عبد الرحيم
نَعَى حزب “الموتمر الشعبي”، القيادي بالحزب العميد (م) محمد الأمين خليفة إثر عملية جراحية بالقلب في مدينة بون الألمانية. وقد بكاه القيادي بالمؤتمر الشعبي عبد الرحمن جفون برثائية حزينة قال فيها: (يا سيف لا تبكي عليك عيوننا إنّ الدموع على الفوارس عار).
ورحل الرجل الأمة، رجل الحرب والسلام، الرجل الذي وهب نفسه وماله وبنيه وحياته لرسالته ووطنه. ونعاه المؤتمر الشعبي بنهر النيل بأنه كان رمزاً للفكر والدعوة وعنواناً للصبر والصدق والوفاء ومثالاً للزهد والطُهر والصفاء والنقاء. ظَلّ يعمل مُجاهداً مُحتسباً لن يهدأ له بال ولم تلِن عزيمته، ولم تنكسر إرادته، تجده على الدوام هاشّاً باشّاً، مطروح الجبين، صَبُوح الوجه، رَاجِح العقل والتفكير.
رحم الله رجل القرآن الأمة القامة القمة وأسكنه فسيح الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين السابقين المقربين.
المولد والنشأة
لم يدر بأنّ الزمن يَحمل له تاريخاً كبيراً وحركة هو من صانعيها، فقد ولد محمد الأمين خليفة في منطقة “أرمل” غربي كردفان على الحدود الشمالية الشرقية لولاية شمال دارفور وعلى الشريط المحاذي لمنطقة أم كدادة كأقرب مُدن ولاية شمال كردفان لولاية غرب كردفان، والبلدة التي رأى فيها محمد الشمس لأول مرة في العام 1948م. درس وترعرع مُتنقلاً ما بين “أرمل” ومناطق شمال دارفور، حيث الأهل والعشيرة. كان محمد وفقاً لروايات من زاملوه في سنين دراسته الأولى، سريع البديهة، ويُخال إليك وأنت تجالسه بأنّ فهمه ومنطقه أكبر من عُمره بكثيرٍ. وتخرج د. محمد الأمين خليفة في الكلية الحربية السودانية العام 1973، نال دبلوم إشارة في مدرسة الإشارة الأمريكية ودبلوم الحرب الإلكترونية في معهد الحرب الإلكترونية بجمهورية مصر العربية، ونال درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان السودانية العام 1985. كان عُضواً فعّالاً في “المجلس العسكري العالي لثورة الإنقاذ” وبعد حل مجلس قيادة الثورة، تولى العقيد محمد الأمين خليفة رئاسة البرلمان الانتقالي من (1992 – 1996)، وفي العام 1996 اُختير وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، ورئيس اتحاد البرلمان العربي 1994م.
خليفة والشعبي
وفي العام 1999، بلغت الخلافات بين الرئيس الأسبق البشير والراحل الشيخ حسن الترابي عراب الإنقاذ، مرحلة بعيدة انتهت بالانفصال، إذ بقي البشير رئيساً وخرج الترابي مُعارضاً، فكان أن اختار محمد الأمين خليفة الخروج والانشقاق مع الترابي، فانضم إلى جناح (المنشية) في يونيو العام 2000 ضد (جناح القصر)، وصار خليفة أحد أبرز قياداته، وقد تَعَرّض للاعتقال والمُحاكمة بتُهمة مُحاولة عمل انقلاب العام 2004، لكن خليفة عاد للواجهة الحكومية بعد مصالحة حزب المؤتمر الشعبي مع نظام البشير، فأصبح خليفة نائباً لرئيس مجلس الولايات حتى الإطاحة بالنظام.
مُؤلفات للراحل
نال محمد الأمين خليفة درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة الجزيرة العام 2008. من مُؤلَّفاته كتاب “تأمُّلات حول النظام السياسي السوداني” باللغتين العربية والإنجليزية، وكتاب “خُطى السلام خلال عشرة أعوام” أيضاً باللغتين العربية والإنجليزية، وكتاب “خُطى السلام خلال عهد الإنقاذ”، وكتاب “قضية السلام والحرب في جنوب السودان من منظور إسلامي”، وكتيب “حكاية الراوي”. له عدة مقالات صحفية وبُحُوث ودراسات ومُشاركات في مُنتديات فكرية وبحثية.