من هو المُستفِيد؟
انفتح البابُ على مِصراعيْه للعنف في الجامعات مع بداية استئناف الدراسة بعد توقّف استمر عدة أشهر، وأطلّت ظواهر جديدة ستزيد النار اشتعالاً منها خطورة ما تطرحه الحرية والتغيير من نهج سياسي وتحريضي واستعانتها بما يُسمّى بلجان المقاومة بالأحياء والتدخّلات الخارجية لأجسام لا علاقة لها بالجامعات، ستكون هناك بالطبع ردات أفعال في مقابل ما تقوم به هذه المجموعات بطيشها السياسي الذي سيُدخِل البلاد إلى نفق مظلم إذا لم يتم تدارُك هذه التجاوزات والظواهر الخطيرة التي ستنتقل إلى مستويات أخرى وسيتضرّر منها الوطن أولاً وأعداد من الطلاب والشباب لا قدّر الله ..
هذه الأحداث التي بدأت في جامعة الأزهري مؤشر شديد الخطورة، لأن ظروفه وميقاته وطبيعته تختلف عن أية ظروف سابقة، فأجهزة الدولة والحكومة في مرحلة انتقال وإعادة ترتيب خاصة الشرطة وقوى الأمن المنوط بها الأمن الداخلي وضبط التفلّتات في المجتمع وحول الجامعات، ومنع الجريمة وحسم أي مظاهر للعنف يتم الإعداد لها خارج الجامعات ثم نقلها إلى داخل مؤسسات التعليم العالي، إضافة إلى وجود كيانات ومجموعات غير قانونية ولا يسندها مُسوِّغ شرعي وهي لجان المقاومة في الأحياء، وقد تكرّرت اعتداءاتها وتجاوُزاتها على المواطنين وتعدّدت الشكوى منها، وأمس تورّطت في ما جرى في جامعة الأزهري .
بالطبع سيُولّد هذا العنف عنفاً مضاداً، وهذا بطبيعة ومنطق الأشياء، ولن يكون هناك ناجٍ من هذا العنف، وقد يقود إلى أشكال أخرى تنزلق بها البلاد إلى الفوضى العارمة، ويختلط الحابل بالنابل، ويسْتَعصِي حينئذٍ الحل .. فعلى الحرية والتغيير أن تضبط مُتفلِّتِيها وتُلجِم مُؤيِّدِيها، لأن الأطراف الأخرى إذا أطلقت أيادي عضوّيتها وحدَث الاستقطابُ الحاد، ستكون الخسارة أكبر وسيرتد السهم والكيد إلى نحر من بدأ بالاعتداء ودعا إليه، وهذه مرحلة لن يتمنّاها أحد، ولا يرغب عاقلٌ أن تحدُث، لأنها إذا وقعت ستكون الواقِعة والكارِثة التي لا فكاك منها بسهولة.
إن من يُشعلون النار من غُلاة المتشدّدين والموتُورِين في قوى إعلان الحرية والتغيير ومن شايَعهُم، سيحصدون الثمرة المُرّة، وستكون حنظلاً في حلوقهم، فليس هناك من شكٍّ على الإطلاق، أن من اعتدى على طلاب حركة الإسلاميين الوطنيين بجامعة الأزهري، كان يقصد تفجير الأوضاع في الجامعة وإرهاب خصومه ومحاولة القضاء على أي نشاط لهم وتخويفهم، فإذا كان المُعتدَى عليهم لم ولن يسكتوا على ذلك، فإن المواجهات والصدام سيستمر مستقطِباً آخرين ليكونوا وقوداً للصراع السياسي والعُنف داخل الجامعات، ولن تكون جامعة الأزهري هي الوحيدة ولا الأخيرة ..
ما نخشاه أن تفلت الأمور من الأيدي، ويعجز الجميع عن إيقاف هذا النوع الخطير من العنف الإقصائي وما يقابله من رد من الجهة الأخرى وفي الطرف الآخر، ستتحول الأحداث إلى ما هو أخطر، وربما تنتقل إلى ميادين أخرى، وتتسع دائرة المواجهات وترتفع ألسنة اللهب، وواضح أن التحريض والتأليب السياسي سيقود إلى أوخم العواقب، وأسوأ النتائج، والخاسر الأوحد هو الوطن ..