جوبا.. الحلو يقلب الطاولة… وميارم دارفور يزغردن
جوبا: أبو عبيدة عبد الله
كان يوم أمس يوماً استثنائياً بفندق “بورميد” بمدينة حوبا، حيث مفاوضات سلام السودان التي ترعاها دولة الجنوب بين الحكومة والأطراف التي تحمل السلاح في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
الاستثناء لليوم كان بائناً منذ شروق الشمس التي كانت متوارية خلف السحب اليومين الماضيين، وهي مؤشر لإزالة الضبابية والغيوم التي لازمت جولة التفاوض الحالية منذ اليوم الأول.
بداية جادة
بدا وفد الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو متحفِّزاً للتفاوض فوصل قبل التاسعة صباحاً إلى قاعة التفاوض ليجد وفد الحكومة بذات الهمة، وهي الجلسة الأولى للطرفين منذ بداية التفاوض، بعد أن أعلنت الحركة الشعبية انسحابها من التفاوض بسبب أحداث “خور الورل” التي وقعت الأسبوع الماضي، لكنها سرعان ما تراجعت بعد أن اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات التي وصفتها الحركة بالتطمينية للعودة للتفاوض.
ثلاث ساعات فقط، قضاها وفدا الحكومة والحركة الشعبية شمال في جلسة مباشرة أسفرت عن الاتفاق والتوقيع على إعلان مبادئ بين الطرفين يحكم مسار العملية التفاوضية، ووقع عن حكومة السودان عضو مجلس السيادة الفريق الركن شمس الدين كباشى إبراهيم وعن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الأمين العام للحركة عمار أمون دلدوم. ووقع عن الشهود رئيس لجنة الوساطة لمحادثات السلام توت قلواك، وقسمت خارطة الطريق الموقعة من الطرفين، قضايا التفاوض إلى ثلاثة ملفات تشمل الملف السياسى والملف الإنساني وملف الترتيبات الأمنية.
ترتيبات التفاوض
وبحسب المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية شمال الجاك محمود الجاك، فإن جلسة الأمس بين الطرفين خُصّصت لتحديد وترتيبات أجندة التفاوض، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع ممثل وفد الحكومة والوساطة إن الطرفين أحدثا اختراقاً كبيراً بالاتفاق على ملفات التفاوض الثلاث، وهي الملف السياسي، ثم الملف الإنساني، وملف الترتيبات الأمنية، بجانب الاتفاق على ضرورة إعلان مبادئ.
وأضاف أن ما تم يشكل اختراقاً حقيقياً لم يتحقق من قبل، خاصة في عهد النظام السابق، وقال إن ثماني سنوات عُقدت فيها 22 جولة تفاوض حول الأجندة ولم يتم فيها أي اتفاق.
وأكد الجاك استعداد حركته للتفاوض وسيقدمون مقترحاتهم لإعلان المبادئ، لافتًا إلى أن ورقتهم جاهزة وسيدفعون بها اليوم.
إرادة صادقة
عضو مجلس السيادة المتحدث الرسمي باسم وفد الحكومة المفاوض محمد حسن التعايشي، أكد في التصريحات الصحفية المشتركة مع المتحدث الرسمي باسم الحركة، أن الإرادة الصادقة التي تتحاور بها الحكومة والإدراك العميق لطبيعة مشاكل السودان ساهم في التوصل إلى هذا الاختراق الكبير في المفاوضات.
وأشار التعايشي إلى أن خارطة الطريق التي تم التوقيع عليها اليوم أو في غضون ساعات فقط بينما استغرق التفاوض حولها في ظل النظام السابق (22) جولة من المفاوضات أضاعت على السودان ثماني سنوات في الحرب،
واعتبر الاختراق الذي حدث أمس ليس غريباً على حكومة تحمل أجندة ثورة ديسمبر والمهمومة بقضايا المواطنين.
وأوضح التعايشى أن السرعة التي تمّ بها التوقيع اليوم تمثل دليلاً على رغبة الأطراف المُتفاوِضة في إنهاء الحرب وبناء دولة ديمقراطية آمنة ومتقدمة.
رئيس لجنة الوساطة توت قلواك أكد أن الشعب السوداني موعود بأخبار سارة قريباً بتحقيق السلام، معتبرًا التوقيع الذي تم اختراقاً كبيراً في عملية السلام، مؤكدًا استمرار الحوار مع مع الحركة اليوم السبت.
توت بدا مهموماً بتحقيق سلام السودان، يبدو ذلك واضحاً من خلال عدم السماح بطرح أي أسئلة من قِبل الإعلاميين ويخشى على المُتحدّثين في المنصة الوقوع في فخ أي سؤال ينسف العملية التفاوضية.
المسار الثاني
في المسار الثاني لعملية التفاوض، استمرت المشاورات بين وفدي الحكومة والجبهة الثورية لتشكيل لجان التفاوض وترتيب الأجندة، وأنهى الطرفان اجتماعاً استمر حتى الساعات الأولى من يوم أمس الجمعة دون الكشف عن أي معلومات واستمرت المشاورات أمس أيضًا.
زغاريد وفرح
على هامش التفاوض، وفي لفتة وجدت الإشادة والاستحسان من كافة أعضاء التفاوض تقدّمت ميارم دارفور بمدينة حوبا بمبادرة معنوية لدعم السلام بأن قدّمن وجبة إفطار لكل الوفود، حياهن على إثرها نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو وعدد من أعضاء السيادي وحملة السلاح، وسط زغاريد وفرحة كبيرة بفندق “بيريميد”.
وأكد حميدتي في كلمة قصيرة لهن إن الحكومة السودانية ستعمل مع حكومة جنوب السودان لحلحلة مشاكل السودانيين المقيمين في دولة جنوب السودان، مشيراً إلى أنه أُحيط علماً بأوضاع المسجونين بجوبا وعددهم (22) سودانياً فضلاً عن الموقوفين وأوضاعهم.
وأضاف أن الحكومة ستعمل مع حكومة جنوب السودان لمعالجة المواضيع المتعلقة بالجوازات والإقامة في البلدين مضيفاً أنهم سيعملون مع شركائهم في دولة الجنوب لتسهيل إجراءات حركة تنقُّل المواطنين بين البلدين، مؤكداً على خصوصية العلاقات التي تربط بينهما، باعتبارهم شعباً واحداً في دولتين، وقال: “عيب بسألوا جنوبي في الخرطوم عن إقامتو”.