عبد الله الكاظم الأب الشرعي للأغنية الكردفانية
مختار دفع الله
هنالك شعراء وأدباء ومبدعون كثر في شتى مجالات الإبداع الإنساني كانت لهم بصماتهم المضيئة على صفحات العطاء فأضحوا يشكلون حضوراً دائماً في وجدان الأمة حتى بعد رحيلهم بعقود وقرون من الزمان، إذ ظلت إبداعاتهم حاضرة تسفر عن وجهها المضيء كالبدر في الليالي المدلهمة، فتسير الأمم على ضوء ما جادت به قرائحهم، والأمثلة والنماذج كثيرة، ودونكم المبدع العظيم خليل فرح والذي مر على رحيله سنوات بلغت سبعة وثمانين عاماً، ولا يزال بحضوره الطاغي عبر قصائده وأغنياته..
وعلى ذات الدرب كانت خطى شاعرنا الكبير والمبدع عبدالله الكاظم أحد المبدعين الكبار وأحد الأنجم الزاهرة في فضاء الشعر الغنائي السوداني، وله الفضل في الانتقال بالأغنية الكردفانية من محيطها الإقليمي الضيق إلى رحاب القومية العريض، ودونكم أغنيات إبراهيم موسى أبا، وصديق عباس، وعبد القادر سالم، وعبد الرحمن عبد الله وغيرهم والذين استطاع من خلال قصائده الغنائية الباهرة أن يقدمهم لعشاق الغناء النظيف والأصيل والمعافى مما أكسبهم تلك الشهرة وذلك الألق، بل تعدى الأستاذ عبد الله الكاظم حيز الأغنية الكردفانية ليرفد بقصائده مجموعة من المطربين الكبار وعلى رأسهم المطرب الشامخ والهرم محمد وردي حينما تغنى له بأغنية “وديان الريد”، ولعل أغنيات مثل “شقيش قولي يا مروح.. قبل صباحنا يروح.. وأنا ما بقدر أسيبك قليبي تشيلا تروح” أو “الله يصبرك يا قلبي من حالتك الفوقك” أو “عيني عليك باردة.. يا السمحة يا الواردة”..
وجميعها وغيرها كثر تؤكد على البذل الوافر الذي صدر عن هذا الشاعر الملهم في مسيرة الأغنية، ولا أخالني مبالغاً إن قلت إن حصيلة الشاعر الكاظم التي رفد بها مكتبة الغناء السوداني قد قاربت المئتي أغنية، تنوعت ما بين مطربي كردفان ومطربي أواسط السودان، ولم تقف إسهامات الكاظم في حدود الغناء بل لديه إسهامات أخرى في التوثيق للحياة الأدبية والثقافية, إذ ظلت كتاباته عن البرامكة وشعرهم ومجالسهم في كردفان إحدى محفزات الذاكرة الشعبية في الاحتفاظ بسيرة ومدلول هذه الظواهر الأدبية..
ولعلها سانحة في أن نهمس في آذان إخوتنا في جامعة كردفان وعلى رأسها البروف محمد النور طه، والعميد وأساتذة كلية الآداب لمنح الأستاذ الكاظم الماجستير الفخري في الآداب فهو يستحق بكل هذا العطاء الزاخر من الإبداع..