منبر جوبا.. حُمى البدايات
جوبا: أبو عبيدة عبد الله
تصوير:الطاهر خالد
غُيومٌ كَثيفةٌ وسُحُبٌ في سماء جوبا تتسلّل منها أشعة الشمس من حينٍ لآخر لتكشف عن وجهها، وفي فندق بيراميد بوسط مدينة جوبا حيث مقر التفاوُض بين وفد حكومة السودان والحركات المسلحة بمُسمّياتها المختلفة.
ذات الغُيُوم التي أشرت إليها تجد موطئ قدم لها في مقر التفاوُض، فالرؤى غير واضحة، والمواقف مُتباينة، والأجندة مُتحرِّكة وفقاً للخارطة السياسية داخل وخارج مقر التفاوُض.
(1)
فندق بيراميد الذي يتوسّط مدينة جوبا أُحيط بمجموعة من العساكر كتأمين للعملية التفاوُضية، فَضْلاً عن تأمين قيادات الحكومة وبعض قيادات الحركات الذين يتّخذونه مقراً لهم.
وهو الفندق الذي استضاف الجلسة الافتتاحية للمُفاوضات بحضور عددٍ من الرؤساء والزعماء من دول الجوار.
(2)
في بهو الفندق الفسيح، مجموعة من الإعلاميين من وكالات إعلام محلية ودولية، يمنون أنفسهم بأخبار تحملها وسائل الإعلام تجد حظّها من المُتابعة، وفي نفس الوقت يجد الزملاء أنفسهم في نقاش وحوارٍ لا تُفرِّق فيه بين الضيف والمذيع، لأن الشخص منهم يسأل السؤال ويجاوب عليه وفقاً للرؤية التي أمامه.
(3)
وفدٌ من الوساطة يدخل إلى الفندق بقيادة مستشار سلفا كير توت قلواك، وكان من المُتوقّع أن تنعقد جلسة مُفاوضات بين الحكومة والجبهة الثورية بعد أن تعذّر اللقاء بين الحكومة والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والذي يدخل التفاوض خارج مظلة الجبهة الثورية.. دخول الوسيط توت سرت معه شائعة قوية بتأجيل التفاوُض لمدة أسبوعبن، حينها سارعت (الصيحة) لاستجلاء الأمر من عضو المجلس السيادي محمد الحسن التعايشي، والذي أكّد أنّ هذا الحديث مُتداول حتى ظهر أمس، وقال إنّ اجتماعاً سيحسم هذا هذا الأمر.
(4)
بعد ذلك الحديث، سارعت الوساطة لبحث الأمر، وعقد الوسيط اجتماعاً مع وفد الحكومة، بينما حَدّدَت مُكوِّنات الجبهة الثورية اجتماعاً مساء أمس لصياغة الطلب الذي ستُقدِّمه للوساطة بشأن التأجيل.
(5)
بحسب مصادر خاصّة، فإنّ طلب التأجيل من الجبهة الثورية بسبب عدم تشكيل لجان مُشتركة بين الحكومة والجبهة الثورية، بجانب عدم إرسال وفد مُقدِّمة للخرطوم وإطلاق سراح الأسرى وبعض الترتيبات الأخرى.
لكنّ مصدراً آخر عزا في حديثه لـ(الصيحة) مُقترح التأجيل لتبايُن في وجهات النظر بين مُكوِّنات الجبهة الثورية في عددٍ من القضايا، من بينها منبر جوبا وتفويضه ودعمه من المجتمع الدولي.
(6)
قيادات الحبهة الثورية دخلت في اجتماعٍ مع بعض أعضاء وفد الحكومة برئاسة الفريق ياسر العطا، لم ترشح عنه أيِّ أخبارٍ، لكن الراجح أنه كان بغرض بلورة رؤيةٍ مُشتركةٍ واطلاع وفد الحكومة عن طلب التأجيل ومُحاولة الاتفاق على موعدٍ زمني لاستئناف الجولة القادمة، وبحسب مصادر فإنّ وفد الحكومة ذكّر أعضاء الجبهة الثورية بأنّه في سباق مع الزمن، باعتبار أنّ الوثيقة الدستورية حددت فترة ستة أشهر للتّوصُّل إلى اتفاق.
(7)
في تلك الأثناء، خرج نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” وعاد بعد فترةٍ من الزمن.. المصادر رجّحت أن يكون غادر للقاء سلفا كير لاِطلاعه على مُجريات التّفاوُض وما وصلت إليه اللقاءات التي تمّت، فضلاً عن لقاءٍ مع وفد الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
(8)
فرضية لقاء سلفا كير والحلو و”حميدتي” يُعزِّزها حديث الوسيط توت والذي دخل مقر التفاوُض عقب عودة “حميدتي”.. توت قال إنّ الحكومة السودانية أكدت التزامها بالسلام ووقف إطلاق النار بجنوب كردفان وغيرها، وأوضح أنّ وفد حركة عبد العزيز الحلو قرّر العودة للتفاوُض وأنّ ماحدث يجب تركه فى الخلف.
ممثل الحلو أكد أنّ الحكومة قامت بأعمال عدائية، وقال: ما قامت به من إجراءات يُشجِّع للعودة إلى التفاوُض.
السيناريو المتوقع بحسب مُتابعين للتفاوُض هنا في جوبا، يرون أنّ التأجيل سيتم، لكنهم لم يستبعدوا أن يكون هناك أكثر من منبر للتفاوُض سواء جوبا أو الدوحة أو الإمارات أو غيرها.. وهذا يعني أن الجهود ستكون مُبعثرة على كثيرٍ من الطاولات التي لا تخلو من الأجندة.