أمبارح بعد كل الخلوق ما هجعوا استمعت للسيدة (أميرة علي) في تسجيل فيديو تنتقد فيه السيدة تراجي مصطفى..
وحين انتهيت كان عالقاً بذهني إلى حد التشبث تلك العبارة العجيبة التي أطلقتها: (أنا ماااا فيني دم الريدة).. قالتها بتفاخرٍ ظاهرٍ وفرحٍ مبذولٍ وصدرها إلى الزهو مُنتمٍ.
وأميرة الدينكاوية ذات العلاقة العميقة بالثقافة الشعبية للشمال، أحَبّت البشير والأصم ورددت: (مالي مال الرز باللبن.. مالي ومال الحيرقان)، وبكت معنا صلاح ابن البادية، وردمت داليا الياس وتراجي، متأثرة بكل ما هو شمالي، إلى حد أنّها وفي مراتٍ كثيرةٍ تعيد اكتشاف بعض التعابير وتضعها أمامك في قراءةٍ ثانيةٍ مزيدة وموحية.
(فيني دم الريدة)..
هل صحيح أن للريدة دماً؟! وهل يختص به البعض دون الآخرين؟! وهل لتلك الجدلية ما بين الريدة والدم أي علاقة بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء).
إذا افترضنا أنّ دم الريدة يتناقص ويزيد من شخصٍ لآخر وبمفهوم المخالفة، فإن انخفاض معدل ضغط (المكون الريدي) في الدم يقود إلى (المكاجنة).. وذلك حينما يكون الانطباع الأولي فرصتك التي لا تعوّض للجهر سراً: (الزول دا.. لله ما درتو)!!. (أميرة علي) سافرت 14 ساعة لتقابل الأصم في أمريكا، فهل كان ذلك لأنّ دم الريدة متوافر وجزل عندها أم لدى الأصم؟! أم أنها كانت تحاول التماهي مع بعض الطيش والنزق المتوافر لدى (العوريزم)؟! فقد كان حديثها في اللقاء رصيناً (على شكل نصائح) بعكس ما توقع الحضور (الفاير)!!
من المقولات الشعبية الراسخة حينما لا يُقصر البعوض مع أحدهم فإننا نقول: (دمُّو حلو).
وهو أمرٌ مُحيِّرٌ.. ففي مكان واحد وبذات الوضعية، اختار البعوض أن يمضي لدم (حبذقي)، بينما (وزة) ينام ملء جفونه عن شواردها.. (ولا حتى بعوضة واحدة) بيها يتعذّب شوية.
لماذا يكون البعض كالمغناطيس ينجذب البعوض إليه من دون غيره؟ وهل السبب في البعوضة أم في الشخص ذاته؟ إنّ حوالى 20% من الناس يتعرّضون لقرص البعوض بانتظامٍ، ولم يستطع العلماء معرفة السبب بدقة، لكنهم توصلوا إلى كشف مجموعة من العوامل التي تجعل البعض أكثر تَعرُّضاً من غيره للقرص، ومن هذه العوامل: (الوراثة، غاز ثاني أوكسيد الكربون “من خلال هواء الزفير المُشبّع بغاز ثاني أوكسيد الكربون”، زمرة الدم “فالبعوض يحط على أشخاصٍ من زُمرة الدم (O) أكثر بمرتين من أولئك الذين يملكون زمرة الدم (A)”، مواد كيمائية تطرح في العرق يستطيع البعوض شمّها، مثل حمض اللبن، المُستويات العالية من الكوليسترول والمُركّبات الستيرويدية، جراثيم الجلد “البعوض لا يقرب الأشخاص الذين لديهم أنواع كثيرة من الجراثيم على جلدهم لأنها تردع البعوض”، في المُقابل، فإنّ الجراثيم القليلة تعني ولائم شهية للبعوض). انتهى…
هذا عن “ريدة البعوض” في أن ترق بعض دماء دون دماء.
أما انجذاب الناس فأظنه أمرٌ آخر ومُغايرٌ، فلا يُمكن نسبته بالكلية إلى تلك العوامل الآنفة الذكر.
نذكر الآن جميع الشهداء.. شهداء الريدة الذين ضرجوا بدماء ريدتهم الأهازيج استجابة للنداء المقدس: (حبيبي تعال.. تعال نتلم.. ما دام الريد اختلط بالدم.. وأنا ذنب أيه شيّلوني الهم).
وتلك النظرية النسبية تقرر أن الميل أعمى.. والقلب وما يريد.. وسبب الريد عينيك وعيني.. تلك (الذبذبات) التي تستمد قوتها من (الطاقة الحمراء) أو ما يسمى (الليبيدو) ولا نستطيع الجزم أن منبع ذلك من الطاقة (الريدوية) أو (الراديوم) لدى شخص ما دون النظر والأخذ في الاعتبار الطرف الآخر أي (الزول المُكسّر)، فلا يوجد مصباح كهربائي يضئ لوحده، لا بُدّ من السالب والموجب وسريانهما معاً.
كلها مواقيت معلومة للتقارب وأخذ الإذن بالدخول لتبادُل الرنين والتفاعُل الكوني الأثيري.
وتتجلى تلك القدرة الإلهية في جعل الأرواح جنوداً مُجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فربما ترى أحدهم (فيهو دم الريدة)، بينما آخر (يشوفو بمبي)..
ولولا اختلاف الآراء لبار دم الريدة!!