انتصار وزير الصحة
أخيرًا حقق وزير الصحة الاتحادية انتصاراً باهراً لحكومته، وأوقف صادر الثروة الحيوانية إلى كل بلدان العالم بعد اكتشاف وزارته لوجود أربعين عنزة في أعالي جبال البحر الأحمر مصابة بحمى الوادي المتصدع، وعلى الفور أبلغ الوزير أكرم منظمة الصحة العالمية بأن السودان موبوء بمرض حمى الوادي المتصدع، وذلك خلافاً لمنهج “الغتغتة” الذي كانت تمارسه حكومات السودان المتعاقبة وحتى حكومات البلدان الغربية التي تسعى لحماية صادراتها بالتأني في الحديث عن مثل هذه الأمراض
في غياب وزير الثروة الحيوانية الذي أفلحت قوى الحرية والتغيير في العثور عليه أخيراً بعد بحث مُضنٍ ورهق. ووزارة الثروة الحيوانية هي جهة الاختصاص في الإعلان عن مثل الأمراض التي إذا حلت ببلد منتج للثروة الحيوانية فقدت البلد كل عائداتها من الثروة الحيوانية .
فهل فعلاً السودان موبوء بمرض حمى الوادي المتصدع ؟ وهل ظهور المرض في قطيع من الماعز في جبال البحر الأحمر سبب مقنع لوقف صادر الأبل القادمة من فوربرنقا وقطيع الأبقار القادم من النيل الأزرق ؟وقطيع الضأن الحمري الوارد من صقع الجمل وعيال بخيت ؟ وهل السيد وزير الصحة عندما أعلن هذا النبأ المفزع مدرك لخطورة تصريحاته وهرولته مسرعاً لمنظمة الصحة العالمية، ليعلن هذا الاكتشاف الخطير ؟ وهل السودان الواسع الممتد لآلاف الكيلو مترات تنتقل عدوى المرض بسرعة البرق من ماعز البحر المالح إلى الضان في الأضية زكريا بين يوم وليلة ؟
الآن حقق الوزير انتصارًا باهراً وأثبت حرصه على الثورة وحرصه على صحة الإنسان ولا يهتم الوزير بتكبد حكومة بلاده خسائر فادحة في العملات الأجنبية، حيث يشكل قطاع الثروة الحيوانية ٧٠ في المائة من إجمالي صادرات البلاد وبعد إعلان الوزير، أعلنت المملكة العربية السعودية إيقاف رخص استيراد اللحوم من السودان باعتباره بلداً موبوءاً بمرض حمى الوادي المتصدع، ومن حق السعودية حماية شعبها ورعاية صحته.
والانتصار الثاني الذي حققه وزير الصحة يتمثل في ضرب معاقل الرجعية والدولة العميقة التي تعمل جيوبها في تجارة الثروة الحيوانية ولذلك إفقار هذه الفئة وشن الحرب عليها وإيقاف التصدير من شأنه خفض أسعار اللحوم في المدن بعد كساد الأسواق وعزوف المصدرين عن الشراء ومن حق سكان المدن الثلاث بحري والخرطوم وأم درمان الحصول على اللحوم بأسعار زهيدة لا يتجاوز سعر كيلو اللحمة المائة جنيه مما يعده المواطنون ثمرة لجهود الحكومة التي قيل لنا أنها حكومة كفاءات مستقلة ويعتبر الوزير أكرم نموذجاً لوزراء الحكومة في الحرص على صحة الإنسان .
إذا كان الوزير حقاً حريصاً على صحة الناس مما دفعه للهرولة حافياً إلى منظمة الصحة العالمية، لماذا لا يصدر قراراً بإغلاق كل أماكن بيع اللحوم في المدن درءاً لخطر حمى الوادي المتصدع؟
وهل مثل هذا القرار الذي يضرب اقتصاد البلد في مقتل يصدره وزير الصحة وحده ؟ أم وزير الثروة الحيوانية ؟ أم إن مثل هذا القرار يصدره مجلس الوزراء ؟ أم مجلس الأمن القومي؟ لتاثيره البالغ على حياة السودانيين؟
مبروك لوزير الصحة، (سوري) ليك يا شعب السودان فنحن في بلد كل وزير تأتي به السلطة يجلس في كرسي غير كرسيه ويصدق علينا قول شاعر مؤتمر الخريجين علي نور حينما كل أمرء في السودان يحتل غير مكانه
المال عند بخيله والسيف عند جبانه ولا نملك إلا القول “إنا لله وإنا إليه راجعون”