عوضية سليمان
قد تكون المفاوضات التي انطلقت بحاضرة دولة جنوب السودان جوبا لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاقية السلام والتي ستؤكد قدرة الحكومة الانتقالية أو عدم قدرتها على طي صفحة خلاف بين أبناء السودان في ظل القطيعة السياسية التي امتدت إلى سنين، بالرغم من المحاولات والترضيات والتسويات، علماً بأن هنالك العديد من الجولات التفاوضية التي كانت في السابق بعضها نجح مثل المفاوضات التي أتت بحركة تحرير جيش السودان جناح دبجو، وحركة العدل والمساواة برئاسة بحر أبو قردة بالإضافة إلى مجموعة السيسي.
وفي مفاوضات أبوجا جاءت مع جيش تحرير السودان برئاسة مبارك دربين وأركوا مناوي، لكنه سرعان ما عاد وحمل السلاح مجدداً، تلك الاتفاقات تكونت على إثرها السلطة الإقليمية.
أما مفاوضات نيفاشا فجاءت باتفاق السلام الشامل، وكانت هي سبباً في انفصال الجنوب، أما مفاوضات أديس أبابا فلم تحرز تقدماً، وكانت فاشلة عدا بعض الجولات التي تمخضت عنها تفاهمات واتفاقيات سلام محدودة.
في هذا الأسبوع بدأت جولة من المفاوضات الجديدة بمدينة جوبا، بالرغم من أن هنالك خلافاً حول ذلك من قبل الجهة المفاوضة التي ترى أن جوبا ليست مركزاً لانطلاق جولات التفاوض.
جذور المشكلة
إدراج مشاركة الحركات في السلطة عبر المفاوضات ضرورة وأن رفض الحركات المسلحة في الجبهة الثورية الوثيقة الدستورية الموقعة قد يجعل قضية السلام في خانة الاستفهام. مصدر بحركة العدل والمساواة ـ رفض ذكر اسمه، قال لـ(الصيحة) إن الفكرة الأساسية من وراء الحراك الحالي للقوى المسلحة عموماً ومع بقية مكونات الجبهه الثورية هي محاولة ترتيب الأوضاع الداخلية للجبهة الثورية، وكذلك الانفتاح على القوى المسلحة الأخرى.
وأضاف: هنالك مفهوم متفق عليه بحل قضايا السلام والمشاركة بغرض الانتقال إلى مرحلة ديمقراطية حقيقية خلال الفترة الانتقالية وما بعدها، لذا من الضرورة الوصول لاتفاق حول كافة القضايا في هذه الجلسة، وأوضح المصدر أن هنالك اجتماعات مكثفة سبقت جلسة المفاوضات لتسهيل العملية السلمية عبر المفاوضات وتسهيل الإجراء للجهات الراعية لعملية السلام، وكذلك الوساطة كما يمكن الخروج بنتائج إيجابية في أي عملية تفاوضية جادة، لذلك جاء اللقاء في جوبا للتفاكر حول الخلافات، وهذا هو الاندماج بين الحركات المشاركة في الاجتماع.
وقال إن المفاوضات تبدأ في الوقت الذي تتوفر فيه الظروف الملائمة، وأوضح أن التفاوض في السابق كان تحت مظلة دولية وبرعاية أفريقية أممية.
تعثر التفاوض
ما دفع جوبا لقضية السلام والخروج من عتمة الحرب الكئيبة عبر استضافتها للحركات المسلحة التي تضم جميع القيادات، هذا ما دفعنا أن نتساءل عبر المحلل السياسي عبد الرحمن أبوخريس والذي قال لـ”الصيحة” إن هنالك تعثرات كبيرة تواجه مفاوضات جوبا معللاً ذلك بوضع الحكومة السابقة في السودان نفسها وإدارتها لشئون البلاد، وأضاف أبوخريس أن الحكومة الانتقالية الآن لم تستطع اتخاذ أي قرارات تجاه القضية، وأضاف أن من الممكن أن تمتد فترة التفاوض إلى أبعد حد بغرض عدم توافق الحركات المسلحة على بنود المجلس الانتقالي والحرية والتغيير نفسها.
وكشف أن هنالك شيطاناً في تفاصيل القضية، موضحاً أن الطرفين كلما جلسا إلى تفاوض تعذر الأمر بينهما في أشياء نحسب أنها تم حسمها من قبل المفاوضين.
وقال إن الحركات المسلحة معارضة للحكومة وهم كانواً أيضاً ضد الفكر السياسي الموجود وقتها، وأضاف أن الحركات عندما رفعت السلاح لم تكن ترفعه من فراغ، وإنما كانت لها مطالبها، مشيراً إلى أن الحركات المسلحة الآن بعد المحاصصة التي تمت طلبت التفاوض من جديد، بعدما رأت أن حقوقها مهضومة وهي مظلومة في الحكم السابق، وقالت إن الكيكة تتبع فقط للسلطة، واتضح أن هنالك عداء تجاهها. وأضاف أن قوى الحرية والتغيير لم تضعها في مكانتها لذلك حاولت أن تجدت خط تفاوض لها دون أي وسيط.
وعن غياب قيادات عن جلسة التفاوض، قال إن هذه جلسة افتتاحية، وإن عبد الواحد محمد نور وغيره من القيادات يعتقدون أن الحكومة غير ممثلة للشعب السوداني.
عدم اعتراف
وأوضح أبوخريس أن الحركات المسلحة لم تعترف بحمدوك كرئيس وزراء، وهو ليس الشخص الذي يمثلهم في الحكومة وهذا ما قاله عبد الواحد لحمدوك عندما قابله في باريس، وقال له بالحرف الواحد: أنا لم اعترف بك وسوف أقابلك بصفتك الشخصية، وليس كرئيس وزراء، وإن غياب القيادات الكبيرة عن الجلسة الافتتاحية دليل قاطع على عدم اعترافهم بالحكومة الحالية باعتبار أنها لا تمثلهم، وهذا هو الضغط على الحكومة الحالية من قبل الحركات المسلحة وبمثابة كرت جديد من الحركات المسلحة ومتفق عليه من قبل قيادات الحركات المسلحة.
وقال: نحن الآن لم نحكم، مبيناً أنهم ينتظرون قراءة الوضع الدولي وهو داعم للسلام في السودان، وهو من يحاول ترقّب الأحداث في التفاوض، وأوضح أن موضوع اتفاق السلام من ضمن المواضيع المطلوبة في الجنائية ومربوط باتفاق السلام وأن الحكومة مضغوطة بأن تنجز موضوع السلام، والحركات المسلحة عليها ضغط أكثر من الحكومة، والاثنان يبحثان عن أكبر إنجاز لهم لإخراجهم من هذه القضية.
وكشف عن مطالب سوف تفرضها الحركات المسلحة على الحكومة من جديد، وهذه كما ذكرت أنها كرت ضغط من أجل أن تتنازل الحكومة أكثر وأكثر من ما هي عليه الآن.
حقد كبير
أنا غير متفائل بسير أو نجاح المفاوضات التي انطلقت بدولة جنوب السودان، هذا ما جاء على لسان المحلل السياسي الرشيد أبو شامة خلال حديثه لـ (الصيحة )، وأوضح أبوشامة أن سبب عدم تفاؤله لنجاح المفاوضات بأن الحركات المسلحة الرافعة للسلاح ليس هم ضد الحكومات السابقة بل قضيتهم في الوسط النيلي وسكانه، وقال إنه ليست له ثقة في ذلك، وقال إن الحركات المسلحة ليست فاهمة بأن منطقة النيل الاستعمار فتح فيها مدارس من قبل دارفور وعلم الناس الموجودين، وكشف أن هذه المنطقة كان بها خلاوى وخرجت الكثير من القيادات الموجودة الآن وفتح لهم كلية غردون، وهذه أساس القضية لذلك يشيرون إلى أن قضيتهم منذ الاستقلال، وأضاف: دائماً مطالب الحركات المسلحة بأنهم يريدون حل المشكلة من جذورها، وقال إن عبد الواحد قال لحمدوك أنا غير معترف بك كرئيس وزراء، وقال له أيضاً أنا اقابلك بصفتك الشخصية فقط وهذا يعيد ما قاله جون قرنق للمهدي في عهده عندما كان رئيس مجلس وزراء في عهد الديمقراطية الثالثة، وأن قرنق عندما فاوض الصادق المهدي قال له أنا غير معترف برئاستك للوزراء، وقال له سوف أفاوضك كشخص تابع لحزب الأمة.
مطالب صعبة
وأضاف أبوشامة أن الحركات المسلحة لها مزاج وما أقوله عن تجربة في عهد التفاوض المستمر، لأن طلباتهم تأتي في وجود فرصة لهم في المشاركة عبر سلطة وكراسي، وقال إن المؤتمر الوطني توسط لهم وأعطاهم وظائف ونسوا منسوبيهم ونسوا قضيتهم، لذلك هذه المجموعة التي استطاع أن يشقها نظام البشير من حركاتهم الأصلية ويعطيهم وزارات وأراضي لذلك الحركات المسلحة الآن لها مطالب كثيرة جداً.
وكشف عن أن قضية الحركات المسلحة ليست في الكراسي أو مشاركتهم في الحكومة الانتقالية، ولا في عودة النازحين واللاجئين، وإنما في أن تتنازل لهم الحكومة من الحكم نهائياً ويتم تسليمه لهم، وبذلك (تنتهي القضية الوطنية) وأن السلطة تكون تحت أيديهم والدليل على ذلك سابقاً كانوا يطالبون بمشاركتهم عبر الكراسي في مجلس الوزراء، والآن بعد إعلان الوثيقة السياسية كان جبريل إبراهيم لديه مفاوضات مع الحكومة في أديس أبابا تحايل عليهم وقال نحن لم نصل إلى نتيجة في عملية التفاوض، وأضاف أن الحركات لها مطالب صعبة جداً غير ساهلة منها أن عبد العزيز الحلو يطالب بتقرير المصير، وأشار إلى أن مالك عقار يطالب حكم إقليمي ذاتي.