سحب الولاة العسكريين.. تحديات ومخاطر
تقرير: صلاح مختار
أَمَنَّت قوى الحرية والتغيير في أول اجتماع لها لبحث ترشيحات الولاة على ترشيح سياسيين وكفاءات لشغل منصب الوالي، وقال مصدر بـ(قوى الحرية والتغيير) إن الاجتماع الأول للجنة الترشيحات ناقش وضع الأسس والمعايير المطلوبة لاختيار الولاة لـ (١٨) ولاية، مشيرًا إلى انعقاد ورشة لقوى الحرية والتغيير عن الحكم المحلي منتصف الأسبوع سيطرح فيها الشق الإداري للولايات كرؤية أخيرة.
كما ناقش الاجتماع شرط أن يكون الوالي من المنطقة نفسها أم ليس بالضرورة. وطبقًا للمصدر، فإنه من المتوقع أن تعقد لجنة الترشيحات والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير اجتماعاً آخر لوضع معايير الترشيحات.
نص الوثيقة
وتنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على تعيين الولاة بواسطة رئيس الوزراء على أن يعتمدهم المجلس السيادي. في وقت طالب فيه الولاة العسكريون، خلال اجتماع مع وزير الحكم الاتحادي في الخرطوم بإعفائهم من مناصبهم وتعيين مدنيين. وكان طلاب محتجون في بعض المدن طالبوا بإعفاء الولاة العسكريين وتعيين مدنيين وسط تزايد مطالب قوى الحرية والتغيير بالمسارعة في تعيين حكام مدنيين للولايات.
برامج الثورة
واستعجل تحالف قوى الحرية والتغيير رئيس الوزراء تعيين حكام مدنيين في الولايات الـ(18) بشكل سريع. وأبلغ المتحدث باسم التحالف وجدي صالح (الجزيرة نت) أن قوى إعلان الحرية والتغيير ستناقش الأمر مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وأضاف (لا بد من تعيين حكام قادرين على تنفيذ برنامج الثورة). وحذر تجمع المهنيين في وقت سابق من مغبة تأخير تعيين الولاة المدنيين الذين يمثلون الثورة وتطلعاتها. واعتبر وجدي صالح أن إرجاء تعيين ولاة الولايات ثلاثة أشهر في اتفاق المبادئ الموقع أخيراً في جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة، مخالف للوثيقة الدستورية. وشدد على أن إرجاء تعيين حكام الولايات يحتاج إلى مراجعة بشكل هادئ يوازن بين تحقيق أهداف الثورة وإحلال السلام، باعتبارها قضايا مترابطة وتحتاج حواراً أعمق في هذه الفترة الحساسة.
العنف المفرط
وليس ببعيد عن ذلك الفهم أن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير غرّد على حسابه في “تويتر” قائلا (العنف المفرط في مواجهة تلاميذ المدارس المحتجين سلمياً على شُحِّ الخبز وغلائه، استدعاء بائس لسلوك النظام المباد الاستبدادي”. وأضاف الدقير (الإدانة ليست كافية، بل الإقالة الفورية للوالي ومحاسبة الذين لم يفهموا بعد أن عهد الاستبداد والقمع قد ولّى).
الخصوصية الأمنية
وعلى خلفية المطالبات المتكررة وضغط الجماهير قرر المجلس السيادي سحب الولاة العسكريين من جميع الولايات، إلا أنه تم إرجاء الإعلان عن ذلك مؤقتاً. وأجل المجلس قراره في وقت سابق لوجود رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك خارج البلاد، وأوضحت مصادر أن المجلس السيادي ناقش قضية الولاة بشكل تفصيلي، واتخذ قراراً بسحب جميع “العسكريين” منهم. وأشارت إلى أنه سيتم سحب الولاة العسكريين حتى من الولايات ذات الخصوصية الأمنية وإفساح المجال لقيادات مدنية.
سيولة الحرية
وجزم المحلل الاستراتيجي والأمني اللواء أمن حنفي عبد الله بأن قضية سحب الولاة العسكريين وتعيين مدنيين بدلاً عنهم أعطيت مجالاً واسعاً من الأخذ والرد، ولكن من المعلوم أن الفترة الانتقالية محفوفة بالمخاطر والتحديات لا تزال موجودة سوا أكانت التحديات الداخلية من عدم اكتمال هياكل الفترة الانتقالية حتى مجلس الوزراء لم يكتمل، كذلك المفوضيات لم يتم إنشاؤها كذلك هنالك الوقفات الاحتجاجية المتسارعة وكثير جداً من استغلال سيولة الحرية وغيرها من المسائل المتعلقة بوجود الحركات المسلحة في مواقع عديدة بالبلاد كذلك التحديات بدول الجوار.
أعباء التكليف
وفسر حنفي أن المجلس العسكري وافق على سحب الولاة العسكريين بعد الاحتجاجات الكثيرة، وبعد طلب من الولاة العسكريين أنفسهم الذين تضايقوا كثيراً من الأعباء التي واجهوها، وطلبوا العودة إلى ثكناتهم العسكرية ومباشرة أعمالهم الأساسية وهم ضحوا بذلك دون مميزات، واعتقد أن التحديات كثيرة جداً، ولكن من ينادون بسحب الولاة العسكريين وتعيين مدنيين أنا لا أتمنى أن يندموا على هذه القضية، وخاصة أن ذلك سوف يؤثر حتى على مسار التفاوض لجهة أن الجبهة الثورية واحدة من شروطها أنهم لن يسيروا تجاه السلام إذا تم تعديل الولاة، وهم طالبوا بمشاركتهم في السلام وفي الولايات .
هزات عنيفة
ويبدو أن حنفي ينظر غلى خطوة سحب الولاة العسكريين وتعيين مدنيين بدلاً عنهم بشيء من القلق، فهو يعتقد أن الخطوة متسرعة جداً وليست القضية أنها مدنية أو لا مدنية، لأن الهياكل كلها مدنية غذا نظرت إليها نجد المديرين التنفيذيين وغيرهم مدنيين، وبالتالي أنا أؤيد في هذه المرحلة بصورة قاطعة إلغاء وظيفة المعتمد، وأن يرجع الضابط الإداري لهيبته ومكانيته ودوره الأساسي لقيادة العمل التنفيذي بالولايات. واعتبر المسألة فرصة لتخفيف الصرف البذخي الكبير بجانب إلغاء المجالس التشريعية والاستعاضة عنها بمجلس المدينة والمجلس المحلي دون رواتب، أعتقد التسرع في هذه المسألة سيقود إلى هزات عنيفة لا يحتاجها البلد.
سياسة تمكينية
ويرى المحلل الإستراتيجي د. محمد بشير سليمان أن نظرة قوى الحرية كما قال في السابق ليست نظرة تامين أو وجود ولاة عسكريين لحفظ الأمن في هذه الفترة وصون الاستقرار وإنما نظرتها سياسية تمكينية، وقال أحسب بأصرارهم أن يكون الولاة سياسيين ليس بمفهوم العموم، وإنما سياسيون في إطار التمكين سوف تأتي بسياسيين يؤيدونها أيديلوجياً ويحققون أهدافها كما هو الحال في الوزراء وبالمركز طرح شعارات من شاكلة كنس الوطني والدولة العميقة وغيرها.
موقع بموقع
ويبدو أن سليمان يتحسب لكل الاحتمالات بأن تجد المظاهرات التي تنادي بالمدنية، وإقالة الولاة سوف تجد المفاجأة أنها فقدت كادراً يمكن أن تحقق لها الكثير بحكم استقلاليته، بيد أنه قال: دون شك التعيين للولاة الجدد بالمفهوم السياسي والموالاة لـ(قحت) كأنها تمكين موقع بموقع، الخطورة فيه ستنتقل جرثومة الصراع السياسي إلى الولايات. هؤلاء سيأتون بالمؤدلجين إلى الولايات، وهناك سياسيو أحزاب سياسية والحزب الحاكم السابق أيضا موجود بالصورة المعروفة والآخرون الذين تم إقصاؤهم على مستوى الأحزاب التي كانت تؤازر الوطني وأقصيت كلها موجودو في الولايات سوف تتحول إلى حالة عدم استقرار أكثر منها مستقرة الآن، هذه كلها سوف تظهر بعد حين، وسوف يجدون أنهم (زادوا الطين بلة) على ما هم عليه الآن أفسدوا الحياة دون أن يصلحوا فيها كثيراً.
ورأى أن الأفق الضيق والتجارب دون خبرة والمسار دون قراءة سليمة يفرز سلبيات كثيرة حتى إذا عين ولاة من الولايات غير مرضيٍّ عنهم على مستوى البعد الاجتماعي في إطار الصراع السياسي سوف لن تقبلهم الولايات، وبالتالي هذه مدعاة لصراع جديد لا يفضي إلى استقرار وهي عامل للسياسة.
نصائح للولاة
ونصح سليمان الولاة المعينين بالاهتمام بقضايا المواطن المعيشية ومطلوباته الملحة الآن، والسعي لوحدة الصف في إطار المواطنة والاهتمام بالقضايا الاقتصادية والإنتاج التي تؤسس لحالة مدنية ومستقرة وأن يكونوا مع المواطنين في إدارة شئون الولاي، والعمل باستراتيجية تجاوزاً للعمل العشوائي في الفترة السابقة، ومعالجة لكل سلبيات الماضي وقيادة الولاية إلى بر الأمان.