تقرير: بابكرالقاسـم
تشـابك القضايـا والملفات العالقة وإفرازاتها في ولاية وسط دارفور خلقت واقعاً يتميز بطقس ومناخ خاصين، خاصة وأن الولاية تعيش أسوأ ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية في هذه الأيام، ربما تراكمات الماضي وإخفاقات الحاضر هي من أوصلت إلى هذه النتائج.
وخرجت لجان المقاومة والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين بالولاية في مظاهرات عارمة ومواكب جابت الأحياء والطرقات والتقت في ميدان الأهلي وسط المدينة شكلت مشهداً جديداً من سيناريوهات الأوضاع السياسية، لذا وجب التساؤل حول مظاهرات الحرية والتغيير بالولاية ضد نفسها هل هـي تأكيد على فشل السياسات المركزية في معالجة ما ينبغي أن يكون؟ أم هي نقد وجلد للذات؟
ذهب كثيرون في القول: ما أشبه الليلة بالبارحة، بل البارحة أفضل من حيث النتائج مقارنة بين الواقعين، فعلاً نجحت لجان المقاومة والتغيير في تحريك الشارع من جديد، وذلك نتاج طبيعي لاحتباس نفس المواطن في رئة الظروف اليائسة والبائسة ندرة وشح وغلاء السلع الاستهلاكية والإستراتيجية واستمرار سياسة التجويع ضد المواطن، فيما ذهب آخرون لربما خـرجت (قـحت) ضد نفسها لتلفت أنظار المركز تجـاه حالة اليأس والإحباط لدي مواطني ولاية وسـط دارفور
في عنفوان هذا المـد الثوري والحراك النشـط تقدمت بل ستقدم قوى الحرية والتغيير مذكرة لوالي الولاية المكلف اللواء الركن سليمان الأمين مساعد عقب عودته من الخرطوم، المذكرة التي من المتوقع أن تدفع بها قوى إعلان الحرية والتغيير إلى الوالي اشتملت على عدد من المطالب أبرزها إقالة الأمين العام لحكومة الولاية الشرتاي حسين بخيت يوسف من منصبه، والذي ظل يشغل والي الولايـة المكلف بالإنابة في فترة غياب وزهد الولاة العسكر عن المنصب وارتباطهم بالخرطوم جيئة وذهاباً، إضافة إلى المدير العام لوزارة التخطيط العمراني والبنى التحتيـة المهندس عبد الكريم يوسف عثمان، والمدير التنفيذي لمحلية زالنجي صلاح إسماعيل، ومديرين عامين في مرافق حيوية ترتبط بمعاش الناس بحسب ما أشارت المذكرة، بجانب القبض ومحاسبة كل من يثبت تورطه في فساد ممن شارك في النظام السابق، وسبق وأن تقدمت قوى الحرية والتغيير بمذكرات إلى الوالي المكلف السابق اللواء الركن نجم الدين كرار عبيد وخلفه الحالي اللواء الركن سليمان الأمين مساعد، إلا أن تلك المذكرات لم تلق أذناً صاغية لتنفيذها حتى الآن فهل تسلم الجرة في كل مرة؟
وبحسب مراقبين لشأن الولاية فإن عدم تنفيذ مذكرات لجان المقاومة هذه يرجع لعدة أسباب منها وجود فراغ كبير في الربط بين قوى الحرية والتغيير بالولاية فضلا عن إن إقالة بعض الموظفين ليس من اختصاص الوالي بل من اختصاص مجلس الوزراء إضافة إلى أن مثالية هذه المطالب والتي يصعب تنفيذها جملة واحدة لأن فصل الموظفين يحتاج لتمحيص ومبررات منطقية ووقت كافٍ وليس على طريقة النفس الثوري.
وتعيش وسـط دارفور على سطح صفيح ساخن تحيطه هالة من الظروف الملتهبة، استقطاب سياسي حاد من بعض القوى السياسية، وأنشطة مجتمعية، وحركات ثورية يدها على الزناد في جبل مرة، وجوع وفقر ونزوح وتشرد ينشب أظافره في جسد المواطن، ومشاريع تنموية وخدمية قائمة توقف فيها العمل منذ عهد النظام السابق، بجانب سوق يحتله جشع التجار وغابت عنه الرقابة الحكومية.
إذن هي أحلام وطموحات وآمال تبعثرت أمام مخاوف تسللت خلسة إلى نفوس الناس من مصير مجهول قادم.