لم يعُد الصمت ممكناً !!
* حكى لنا أحد رجال الشرطة أمس وعلى قارعة الطريق ، حكى بالأسى والأسف والندم الشديد، تراجع هيبة رجال الشرطة منذ اندلاع شعارات المدنية، وكأن المدنية، يقول الشرطي تعني تفكيك الدولة ونزع هيبتها، مع أن مؤسسة الشرطة الآن تحت إدارة رجل ملكي بامتياز هو معالي رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك.. كون السيد وزير الداخلية أحد أعضاء حكومة السيد حمدوك..
* يواصل هذا الشرطي بأنهم في كثير من الأحيان خاصة في طريق غدوهم ورواحهم إلى مقار عملهم يضطرون إلى التخلص من (وزر الكاكي) بوضعه داخل أكياس ويرتدون الزي الملكي حتى لا يتعرضون إلى أي مأزق، ولا بجرأون في وسائل المواصلات وقارعة الأسواق والطرقات على الإعلان عن هويتهم الشرطية إلا أثناء ساعات العمل..
* ويعزو هذا الشرطي هذا الأمر إلى أن غالب المواطنين أصبحوا لا يأبهون برجل الشرطة ولا يطيعون له أمرًا بل في بعض الموقف قد يخشى الشرطي على حياته بحيث يحتفظ هو وزملاؤه بمواقف كثيرة مؤلمة جداً، وذلك عندما تضعهم ظروف العمل وسط جمهرة من المواطنين لفض التشاجر والاشتباكات، ففي الغالب أن المواطن لا يستجيب لهم بالذهاب إلى مكامن الشرطة ما لم يكن الأمر تحت سطوة دورية بأكملها مددجة بالسلاح والجنود و… و.. … انتهى حديث الشرطي….
* يفترض أن يدرك المواطن والحديث لمؤسسة الملاذات بأن هيبة وقوة أي دولة يستمد من أدب (قوة القانون) وليس من ثقافة (قانون القوة) وأخذ الأمور باليد، وليس هنالك طريق لتعزيز قوة الدولة والقانون إلا عن طريق سطوة وهيبة مؤسسة الشرطة والمؤسسات الأمنية الأخرى.
* كما أن ليست هنالك فرصة لنجاح تجربة حكم المدني نفسه إلا تحت ظلال عدالة وهيبة القانون، على أن حلقة فرض قوة القانون، إلى جانب القضاء والنيابة، تتسع لمؤسسة الشرطة بحيث تحتدم أكثر عملية الحاجة إلى مؤسسات أمن قوية، في حالة الدولة السودانية التي تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم أكثر من خمسة جيوش فضلاً عن أطماع دول الجوار، يقرأ ذلك مع حالة كوننا دولة تتآكل من أطرافها، على أن هنالك أكثر من دولة تستقطع أجزاء من أرض الدولة السودانية، إثيوبيا في الشرق ومصر في الشمال ودولة الجنوب في الجنوب، ونحن بذلك بامتياز دولة ناقصة السيادة وعلى حافة هوة (الدولة الفاشلة) ، على أن الدولة التي تضيع مضابط أمنها الداخلي فهي لسواه من الأمن القومي أضيع، على أن أمر فرض هيبة الدولة والقانون يبدأ من هنا من الداخل، والآن الأمن يكاد يكون مطلوباً حول القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش، فضلاً عن الفشقة وحلائب وكاودا ..
* على أن للحكام الجدد عداء تاريخياً مع الأجهزة الأمنية، فعلى الأقل أن الشيوعيين كأكبر مسيطر ومكون لإدارة مؤسسات (دولة الحرية والتغيير)، ينظرون إلى أي عسكري كما لو أنه هو الذي قتل (عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ)، فضلا عن الإمعان في عملية تفكيك كل الأجهزة الأمنية لصالح أجندة جيش السودان الجدبد الذي يتشكل من الحركات الثورية، جيوش تحرير السودان..
* إذ أن هدفهم الكبير المحوري يتنقل في تفكيك كل الأجهزة الأمنية الوطنية وإعادة هيكلتها وصياغتها، ليس ذلك لتسكيل جيش قوي ليحرر المناطق المحتلة والمستقطعة، كاودا حلائب والفشقة وأي منطقة مرشحة أخرى للسقوط، ولكن تشكيل جيش السودان الجديد للتخلص من مواطني المركز لصالح دولة مواطني الهامش، كما يزعمون ويعلنون، ولا يهم بعد ذلك أن تقوم تلك دولة السودان الجديد على أية رقغة جغرافية، المهم أن تقوم على أنقاض دولة السودان القديم….
* مخرج …. فلئن فرط النظام السابق في الجنوب، القضية أن تفرط دولة السودان الجديد فيما بقي من الدولة السودانية، ذلك بسبب احتقار الأجهزة الشرطية وتفكيك بقية الأجهزة الأمنية .. وليس هذا كل ما هناك