أخيراً جداً
بعد نصف عام من سقوط النظام السابق، وبعد تشكيل الحكومة الانتقالية بثلاثين يوماً تمكنت قوى الحرية والتغيير الحاكمة من الاتفاق على برنامج لإدارة الدولة خلال الفترة الانتقالية، وقال عادل خلف الله إن البرنامج الذي يشمل كل وزارة على حدة قد تم وضعه منذ ٢٠١٤ أي قبل خمس سنوات من الآن، وهي خطوة جاءت بعد حديث رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الصادم لتحالف حكومته قبل الآخرين أثناء حديثه إلى بعض أعضاء الجالية السودانية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإذا كانت الحكومة خلال الفترة الماضية تسير بغير برنامج ولذلك تخبطت في مسيرها إلى حد جعل أكبر شريك في التحالف (حزب الأمة) يوجه سهام النقد لأداء الحكومة ويرجح فشلها في إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية.
وإذا كان الدكتور حمدوك الذي جاب أرض الله شرقها وغربها والتقى زعماء العالم عربهم وأعاجمهم من غير أن يكون من بين يديه برنامج لحكومته.
فاليوم يحق لحمدوك التفاوض مع الصناديق المانحة والدول التي ترغب في مساعدة السودانيين وبيده برنامج لحكومته بعد أن كان يتحدث للآخرين من غير خطة ولا برنامج.
ورغم أن قوى الحرية والتغيير لم تكشف عن برنامجها الذي تسلمه مجلس الوزراء أمس كما قال بذلك عادل خلف الله لا لعضويتها أو عامة الناس، ولكن الآن فقط يمكن أن يحاسب الشعب حكومة حمدوك على البرنامج الذي يفترض أن يصبح معلناً وليس سرياً.
نعم، حكومة حمدوك أصدرت عشرات القرارات بإعفاء قادة الخدمة المدنية ومديري الشركات والمؤسسات الحكومية ووكلاء الوزارات وأمناء الوزارات بالولايات كل هذه القرارات سهلة ولا تكلف المسؤولين جهداً أو فكراً ولا مالاً وهي قرارات مجانية كخطوة أولى نحو تسكين وتمكين اتباع الحرية والتغيير التي لم تأت بجديد في مشروعات تعيين المريدين والأحباب، وهي تظن فيهم الخير لها ولأنفسهم، وعلي خطى الحكومات السابقة تمضي حيث مارست مايو الفصل والتشريد بدعوى طرد الرجعية وتمكين التقدميين الأحرار، وجاءت حكومة السيدين بعد الانتفاضة وبدلت وغيّرت في تركيبة الخدمة المدنية، ولما جاءت الإنقاذ سنت سنة التمكين في الأرض وتم إبعاد الكفاءات على أساس الولاء، وفقدت الخدمة المدنية الكثير، والأن هبت رياح اليسار فاغتنموها بفصل غير الموالين وتسكين اتباعهم في مفاصل الدولة.
كل ذلك لن يحقق للبلاد تقدماً ورخاءً في العيش وتطورًا اقتصادياً من خطة وبرنامج طموح وواقعي للنهوض ببلد أقعدها عجز القادرين وكبّل خطاها تخبُّط ساستها يميناً ويساراً، ومع تسلم مجلس الوزراء برنامج قوى الحرية والتغيير الذي ينبغي على الحكومة مناقشته وإجازته في مجلس الوزراء والسيادي، ومن ثم في البرلمان المعين، ولكن تلك الخطوات لا ينبغي لها أن تغفل حق قوى الكفاح المسلح في المشاركة في وضع برنامج معنيٍّ به كل السودان وليس الخرطوم وحدها.