* كنت أتصور أن آخر شيء يمكن أن يحدث في (عصر اللامعقول) أن يقدم أحد على اتهام الدكتور عبد الحي يوسف (بالفساد)، التهمة التي يستخفونها يوم ظعنهم لملاحقة من يريدون اغتيال شخصيته وإقصائه من المشهد من الذين يمكن أن يشكلوا خطراً محتملاً عليهم، ويعيقون مسيرتهم في (تفكيك الدولة الدينية)، مرة تحت مسوغات التطبيق السيئ للدين، ومرات تحت دعاوى الفساد، فساد الإسلاميين جملة وتفصيل، ذلك للوصول إلى غاية دحض شعار (الإسلام هو الحل).. و… و…
* بطبيعة الحال هنالك بعض المنابر والأشخاص، منابر المساجد، وبعض الشيوخ المؤثرين الذين يجدون قبولاً واسعاً في أوساط المجتمع السوداني، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف، يقفون حجر عثرة أمام تحول البلاد إلى صناعة الدولة التقدمية العلمانية الحديثة…
* فكانت الخطة في بادئ الأمر تتمثل في العمل على (نزع قدسية منابر المساجد) بإدخال ثقافة الهتافات إلى داخل حرم المساجد، وكان عملاً منظماً ومخدوماً بعناية، على أن تنهض بعض كوادرهم عقب الخطبة ليقوموا بعمليات هتافات وهرج ومرج لمحو آثار الخطبة، وكسر حاجز قدسية منابر المساجد….
* من ثم اتسعت الخطة ذاتها إلى عملية تحطيم هيبة الشيوخ الكبار، فكانت الحملة الضارية جداً ضد الدكتور الشيخ عبد الحي يوسف، وفي هذا السياق لم يصدق القوم أن يأتي ذكر قناة طيبة في مضابط التحقيقات التي تجري مع الرئيس السابق، بحيث تم توظيف تلك الإفادة مباشرة في محورين اثنين، إيجاد علاقة خاصة بين الشيخ والرئيس السابق، ثم دمغ الشيخ بالفساد المالي والتمويل من قبل النظام السابق، غير أنه ولسوء حظ تلك الحملات الإعلامية الكثيفة التي استخدمت فيها منصات التواصل الاجتماعي، اتضح أن قناة طيبة قناة وقفية خيرية وليست مملوكة لشيخ عبد الحي يوسف، كما أن فطرة الأمة السودانية المسلمة السوية لم تعد قابلة للتعاطي مع تهمة فساد الشيخ، ومن ثم تحول القوم إلى مربع الإرهاب بعد أن أبطأت بهم فرية الفساد.. و… و…
* على أن الخطة لا زالت مستمرة بالعمل على تفكيك قدسية منابر المساجد ونزع هيبة الشيوخ وجرجرتهم إلى منابر العامة/ بحيث سار في ركاب هذه الحملات المصنوعة المخدومة بعض الذين اختطلت عليهم الأمور.
* وتكمن أهمية هذه الحملات عندهم في تصورهم بأن الشيوخ يمثلون واجهة (للدولة الرجعية) التي يفترض أن تقوم دولة السودان التقدمية الجديدة على أنقاضها، بحيث لا يمكن لقاطرتهم أن تمر دون أن تزاح من أمامها كل أشكال النخب الرجعية ويأتي على صدر هولاء الأئمة الرجعي الكبير بطبيعة التأثير القوي الشيخ عبد الحي يوسف!!
* لكن ثمة سؤال يستدركه العارفون، لماذا لا يدرك كبار القوم بأن شغيلتهم السياسية الصغار يسوقونهم بعير وعي إلى المعركة الخطأ في التوقيت الخطأ بالقضية الأكثر خطيئة، إن لم تكن الأقدار هي التي تسوقهم سوقاً إلى هذا الميدان الذي يشهد تجمعا مضطرداً للإسلاميين، هل يعيد التاريخ نفسه، بحيث يقاد القوم إلى العدوة القصوى والركب أسفل منهم….. وليس هذا كل ما هناك