أكتوبر… الشهر العالمي لمكافحة سرطان الثدي… فكم منكن توجهن طائعات لإجراء الفحص الأولي والاطمئنان على خلوهن من هذا المرض الغادر؟….. وهل تعلمن أن الإحصائيات الرسمية المتاحة تشير إلى أنه أصبح يشكل نسبة 30-33% من إجمالي الإصابات السرطانية بالسودان؟ علماً بأن حوالي 90% من حالات الإصابة تقع ضمن المرحلة الثالثة من المرض والتي تعد – بحسب المنظور الطبي المتخصص- حالات حرجة ومتأخرة جداً!!!
* كل المتخصصين والمهتمين يراهنون على أن التوعية بالمرض والكشف المبكر هي الركائز الأساسية لمكافحته والسيطرة عليه والحد من انتشاره. ويطالبوننا بالتعاون معهم من أجل إحداث نفرة توعوية كبرى بضرورة الكشف المبكر الذي يؤدي قطعاً إلى ارتفاع معدلات الشفاء الكامل لنحو 97% وهي النسبة التي حققتها العديد من الدول التي اعترفت بانتشار المرض وواجهت حقائقه بتجرد وشفافية ووعي.
* المشكلة الأساسية التي نعاني منها هنا على الصعيدين الرسمي والشعبي تتمثل في الهروب!! فالمعنيون بالأمر يهربون من الإحصاءات الحقيقية ويلوذون بالعبارات الأنيقة التي تشيع الاطمئنان بينما ينخر المرض في جسد الأمة!!! والمواطنون –النساء تحديداًــ يهربن من احتمالات الإصابة ويقنعن أنفسهن باستحالتها وكأنهن معصومات!! والمجتمع لا يزال ينفر من الحديث المباشر عن السرطان ويمارس ضد من ابتلاهم الله به الكثير من السادية والقسوة، وقد يعمد لعزلهم على اعتبار أن السرطان مرض ناقل للعدوى أو ما شابه!!
* الآن.. لم يعد سرطان الثدي قاصراً”على السيدات…. فنسبة استشرائه بين الرجال تتزايد دون أن يكون في الأمر انتقاص للرجولة…… ويلزم لفت أنظار عموم المجتمع المدني لمعدل الانتشار المتزايد لسرطان الثدي بكل ما يترتب عليه من تهديد للحياة لا سيما حياة الأمهات العظيمات…. وهو التهديد الذي يطال السيدات في مختلف الأعمار دون تمييز لا سيما ما فوق الأربعين، وهو ما يجب وضعه في الاعتبار دون مكابرة وبواقعية مطلقة.
وتكمن أزمة سرطان الثدي الحقيقية في قلة عدد المؤسسات العلاجية، وعجز المهتمين عن تحقيق ما يصبون إليه من توعية وتدابير علاجية تعين المجتمع كما يجب…. ورغم تزايد عدد الجهات الشعبية والخيرية الناشطة في أمر المكافحة والتوعية، فلا تزال العديد من السيدات يقعن تحت طائلة المرض ويجهلن ما لهن وما عليهن…. والحكومة الموقرة لا يقع أمر السرطان ضمن قائمة أولوياتها!!!
* ويبقى المهم في الأمر… أننا كنساء لا بد أن نعتني بأنفسنا أكثر… وأن نوفر لأنفسنا الحد الأدنى من الاهتمام… ونحرص على وضعنا الصحي طالما لم يلتفت الآخرون لنا بالقدر المطلوب… فإن لم يكونوا هم مدركون لكوننا العمود الفقري للحياة، فيجب علينا أن نتمسك بهذه الفكرة ونعطي أنفسنا حق قدرها….. ونتعاون في بث التوعية والمؤازرة فيما بيننا لنحفظ أنوثتنا ووجودنا.
فلنحرص جميعاً على الكشف الدوري واتباع الخطوات المنزلية الأولية للاطمئنان على ذاتنا, وعلينا أيضاً أن نتوجه للمراكز المتخصصة ونخضع للفحوصات الطبيه لا سيما فحص (الماموجرام) الذي يعطي نتائج مضمونة وقطعية. وعلينا أن نحارب خوفنا من المرض… فاللون (الزهرى) – الذي اتخذ عالمياً كشعار أنيق للخلو من سرطان الثدي – يليق بنا … ونستحق أن نحيا أنوثة معافاة ودافئة ومعطاء…. نستحق شكلاً جميلاً مكتملاً دون بتر… ونستحق ألا نكابد معاناة (الكيماوي) وتداعياته من تساقط وإنهاك وإعياء وغثيان.
وإن حدث وتأكدت إصابتنا – لا قدر الله- فإننا نستحق علاجاً مبكراً بنسبة شفاء عالية.. ونستحق تضامناً اجتماعياً وإنسانياً ورحمة.. ومثلما قررت الكاتبة الرائعة (أحلام مستغانمي) لكل امرأة أن (الأسود يليق بك) فإننا نستعير العنوان لأننا نستحق أن ننظر للحياة بمنظار لونه (زهري) متفائل يليق بنا….
وقانا الله وإياكن شر العجز والمرض وغلبة الدين وقهر الرجال.
تلويح:
عزيزي الرجل…. كل امرأة في حياتك تستحق بعض وقتك وعنايتك…. فتوقف دقيقة لتحث إحداهن على ضرورة الكشف الدوري لتكتمل أهمية رجولتك.