البرنامج الاقتصادي للحرية والتغيير.. انعدام الرؤية والشفافية
تقرير: إنصاف أحمد
كثيراً ما علّق المُواطنون آمالهم بمُعالجة المشاكل الاقتصادية بعد الإطاحة بالنظام السابق، حيث اكتوى العديد منهم بنار غلاء الأسعار لتوفير أبسط مُتطلبات المعيشة، ولكن بعد الانتقادات التي أطلقه رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لقِوى إعلان الحرية والتغيير بعدم طرح برنامج اقتصادي، أن يؤدي إلى تباطؤ أو عدم الوصول لمُعالجة المشاكل الاقتصادية، مشيراً لتماطلهم في تسليم البرنامج والذي تمّ إعلانه منذ فترةٍ من الزمن والتي تخص الفترة الانتقالية للسنوات الثلاث، باعتبارها خُطة إسعافية، وقال: لم نَستلم أيِّ برنامج رغم اجتماعنا معه، مِمّا يؤدي لتعليق البرامج خاصةً ذات الأولوية والتي تشمل التنمية الاقتصادية والخدمات والإدارة.
وعقب تَسلُّم الحكومة الانتقالية مقاليد الحكم، أكّدت تركيز جُهُودها في مُعالجة الوضع الاقتصادي بالبلاد، خَاصّةً وأنّه كان السبب الرئيسي في انتفاضة الشعب خلال الحكم البائد الذي تمّت الإطاحة به، حيث أعلن وزير المالية بوضع خُطة الـ”200″ يوم التي سيكون لها دورٌ فعّالٌ في حل الضائقة المعيشية، فالكثيرون يرون أن حديث رئيس مجلس الوزراء بعيدٌ عن الواقع وهذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي د. حسين القوني بأنّ مجلس الوزراء يُعتبر السلطة التي تُقرِّر سياسات الحكومة حسب ما تراها مُناسبة، بالتعاون مع الأجهزة ذات الصلة، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة)، إنه ليس مُلزماً بتنفيذ خُطط وبرامج الحرية والتغيير إذا كانت لا تتناسب مع الأوضاع والإمكانَات والقوة البشرية أو الزمن، مُضيفاً أن الخُطط يجب أن ترتبط بفترة زمنيةٍ مُعَيّنةٍ، وتساءل: إذا لم تُقَدِّم قِوى الحرية والتغيير خُطة للفترة المُتّفق عليها هل يعني ذلك أن تقف الحكومة مكتوفة الأيدي؟ أم تتحرّك بالإمكانَات المُتاحة مع العمل على تنفيذ ما يُمكن تنفيذه حسب الأسبقيات الموضوعة، لافتاً إلى أنّ وزارة المالية حدّدت أولويات حكومية في المرحلة الانتقالية خاصّةً فترة الأشهر الستة الأولى، مُضيفاً بأنّها كافية بأن تسرع الحكومة في تنفيذها والعمل على تذليل الصعاب كَافّة التي تعترضها، وأضاف: في حال اختلاف مُقترحات الحرية والتغيير عن السِّياسات الحَكومية في الفترة الانتقالية، هل يلتزم رئيس الوزراء بالسياسات التي قَرّرَها المجلس أم الحرية والتغيير، مُشيراً إلى أنّ الحكومة لها أجهزة قادرة على وضع خُطط وبرامج مرحلية، ولا أعتقد أنّها عاجزة عن الحركة وتنفيذ الميزانية المقرّرة، وأردف: إذا لم تقدم له الحرية والتغيير مُقترحات، لا أعتقد أن رئيس الوزراء عاجزٌ عن تنفيذ السياسات الحكومية خاصةً لما يملكه من خبرات وتجارب وعلاقات وصلات بالجهات المُختلفة التي أبدت استعدادها لدعم السودان في هذه المرحلة، وقال: يُمكن البدء في تَطبيق السِّياسات التي أعلنتها في الفترة المَاضية وعلى رأسها تَخفيف العبء المالي والمعيشي على المُواطنين، وفي هذا الإطار نُنَاشِد رئيس الوزراء بضرورة تَطبيق القانون القومي لحماية المُستهلك عن طريق إنشاء نيابات وشرطة ومحاكم حماية المستهلك، فَضْلاً عن دعم الجمعية السودانية لحماية المُستهلك والتي تَهتم بحفظ حقوق المُواطن وتنفيذ سياسات الحكومة في مجال التّبادُل التجاري والخدمي، وهذا الأمر الذي من المُتوقّع أن يحس من خلاله أيِّ مُواطن بالحفاظ على حقوقه كما نص عليه قانون حماية المُستهلك.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي بروف عثمان سوار الدهب، إنّ رئيس مجلس الوزراء يُعتبر الجهة المُفوّضة لوضع برنامج اقتصادي وتحديد ملامحه، مشيراً إلى حديث وزير المالية بوضع خُطة إسعافية لمدة ستة أشهر وهي من ضمن البرامج المتفق عليها لإيجاد الحُلُول للاقتصاد السوداني، أولى هذه الخطوات وضع برنامج إصلاحي لمُعالجة الأزمات وهذا ليس بالضرورة وجود برنامج مُفصّل بمُعاونة الجهات المُختصة، مُنوِّهاً بضرورة أن يتصدّى رئيس الوزراء للمشاكل الحالية بوجود العزيمة وإيجاد البدائل، لافتاً خلال حديثه لـ(الصيحة) إلى أنّ الجهات كَافّة خلال الفترة الماضية اتّفقت على خُطُوط معيّنة بمُعاونة الفنيين لوضع الحُلُول اللازمة، وأعتقد الآن الفُرصة ما زالت مُواتية لرئيس الوزراء لوضع الحُلُول التي تُساعد على استكمال الحراك الاقتصادي عبر دَعمٍ خارجي أو داخلي، ولا بُدّ من وجود الجدية للمُعالجة، خاصةً وأن مُشكلة الاقتصاد السوداني معروفة (عايم)، وطالب بضرورة الإسراع بمُعالجة المشاكل عبر تكليف وزير المالية وتحريك الجهات كَافّة لتقديم مَا هو مَطلوبٌ للشعب السوداني في الوقت الحاضر.