إقالة د. عقيل.. الحقيقة كما هي!
الخرطوم: ابتسام حسن
فجّرت مُشكلة دفن جثامين (3) من شُهداء فَضّ الاعتصام بمشرحة بشائر، مُشكلة بعد أن تمّت إقالة كبير اختصاصيي التشريح د. عقيل سوار الذهب من قِبل مدير هيئة الطب العدلي د. هشام زين العابدين، غير أنّ المُشكلة تفاقمت بعد التهديدات التي أطلقها د. عقيل بإفشاء أسرار حال تنفيذ أمر الإقالة، وبدأت المُشكلة شبيهة بالصراع بين الطرفين، إذ أنّ مدير هيئة الطب العدلي تَحَدّى عقيل أمس عبر مؤتمر صحفي، حاثّاً له بأن يخرج كل ما في جوفه من أسرارٍ، فيما شدد مدير إدارة خدمات المشارح بهيئة الطب العدلي د. خالد محمد خالد، على أن الهيئة منوط بها الإشراف على إجراءات وحفظ ودفن الجثث مع الجهات المُختصة مُمثلةً في النيابة والشرطة، وأضاف بأن الهيئة مسؤولة عن جميع المشارح بكل كوادرها ومُمتلكاتها، وقطع خالد الطريق أمام د. عقيل وما ذهب إليه من تبعية مشرحة بشائر إلى جامعة النيلين، نافياً الأمر جُملةً وتفصيلاً، وقال إنّ المشرحة تتبع لإدارة الطب العدلي، فيما لَوّحَ زين العابدين بأنّه بإمكانه سحب أرض مشرحة بشائر وتحويل ملكيتها إلى هيئة الطب العدلي بمُوجب القانون، غير أنّه عاد وقال إنّه يترفّع عن المُهاترات الشخصية التي دارت في الصحف من الحديث عن أنّ الهيئة من العهد السابق، مُستنداً في ذلك بأنّ كُلّ مُؤسّسات الدولة أُنشأت في العهد السابق.
انتهاكات
اتّهمت هيئة الطب العدلي، أشخاصاً، منهم سياسيون ومحاميون، وأشخاصاً يتبعون إلى منظمات المُجتمع المدني بانتهاك القانون، مُؤكِّدة أنّهم قاموا بفعل غير قانوني بدخولهم المشرحة وتقديم مُساهمات دُون مشورة الهيئة، وهَدّدَت بمُقاضاة كل من يسيئ إلى سُمعتها، واستنكر مدير الهيئة في مؤتمر صحفي أمس فعل مدير مشرحة بشائر د. عقيل سوار الذهب بدفن جثامين (3) من شُهداء فضّ الاعتصام بحجة عدم وجود سعة في المشرحة وتغاضيه عن دفن مجهولين آخرين تعدّت فترة تواجدهم بالمشرحة (3) أشهر، وشَدّدَ على عدم وجود جهة تُؤثِّر على قراراتهم.
نبش
لم يستبعد زين العابدين إعادة نبش جثامين فض الاعتصام الـ(3) الذين تم دفنهم مُؤخّراً بتوجيهات من مدير المشرحة المُقال د. عقيل، في حال فقدان الحامض النووي أو اختفاء بروفايل الجثث، واتّهمت الهيئة حسب مديرها العام د. هشام زين العابدين، عقيل سوار الذهب بالتّصرُّف الفردي ومُخالفته لقانون الهيئة، وقال زين العابدين: “قُمنا بالاتّصال بعقيل قبل دفن الجثامين ولكنه تَجَاهَلَ الرّد على المُكالمة”، مُشيراً إلى أنهم اتّصلوا بالمدير الإداري للتحدث إلى مدير المشرحة السابق، كاشفاً عن مُكالمة وردت من أحد وكلاء النيابة بيّن فيها اكتمال إجراءات الجثث، وأضاف مدير الطب العدلي: سألنا وكيل النيابة المُتّصل هل بطرفكم أمر من النائب العام؟ في حين أن هُناك جُثثاً لشهداء فَضّ الاعتصام ما زالت موجودة في مشرحتي أم درمان والأكاديمي.
استعراف
يبدو أن هيئة الطب العدلي وجدت صعوبة كبيرة للتعرُّف على جُثث فَضّ الاعتصام بما تُسمِّيه بالاستعراف، لذا اعترفت بأنها اتّبعت طريقة تعاون مع جهات لم تكن لها صفة قانونية في سبيل التعرف على المفقودين، سيما أن المعلومات لم تكن متاحة، لذا لجأت إلى منظمات المجتمع المدني للتعرف على جثث المفقودين، مؤكدة أنه تم التعرف على الشهيد قصي حمدتو وفقاً لتطابُق الصُّور، كما تمّ التعرُّف على أحد الشهداء عبر فريقٍ من الأطباء بالمَلابس وتَطَابُق الأسنان مع بعض الصور، وأكّدت أنّ كل الإجراءات التي قامت بها كان بشكل علمي.
رفض
وَأَكّدَ د. خالد، رفضهم تداوُل المعلومات الواردة عن تقارير الطب الشرعي عبر الأسافير قبل أن تصل المحاكم وذلك حفظاً للحقوق.
وكشفت الهيئة عن استقبال 87 شهيداً من فَضّ الاعتصام، وإغلاق المتاريس وقتلى من العصابات المُتفلتة. وأكدت أنّ عدد الجثامين التي تستقبلها مشارح الخرطوم سنوياً 3 آلاف و600، المجاهيل منها تتراوح ما بين 800 إلى 900 جثة.
وصنّفت الهيئة طبقاً لمديرها العام د. هشام زين العابدين، الجثامين المُرسلة، بعضها من دور العجزة، ومجاهيل من المُستشفيات أسماؤهم معروفة، لكن ليس لديهم أقارب، وآخرون يلقون حتفهم في الشوارع وليست لديهم أوراق ثبوتية، فَضْلاً عن حديثي الولادة الذين تتراوح جثثهم ما بين 400 إلى 450 في العام، كما أنّ التّردُّد الشهري في الجثامين ما بين 75 إلى 80 جثة مجهولة الهوية.
تحت الإنشاء
وكَشَفَ هشام زين العابدين عن مشرحة تحت الإنشاء، وأنه تم الاتفاق والتنسيق مع الجهات الجنائية، وقال إنّ مُنظّمات المُجتمع المدني والمُنظّمات الدولية مُستعدة للمُساعدة في إنشاء المشرحة التي تحوي ثلاجات تحفظ مجهولي الهوية أكبر فترة مُمكنة.