تقرير: صلاح مختار
ربما تفاجأ رئيس مجلس الوزراء الانتقالي د. عبد الله حمدوك عندما نظر إلى الأوراق التي بمكتبه لا توجد من بينها ورقة البرامج والخطط التي تحدد أولوياته، كيف يبدأ وكيف ينتهي حسب ما تريد قوى الحرية والتغيير من الحكومة للفترة الانتقالية، رغم أن الرجل بعلمه وكاريزميته وخبرته وجد نفسه مشتتاً ومبعثراً بين الملفات الكثيرة منها المُلحّة ومنها العاجلة ومنها المؤجلة, ليقف في حيرة من أمره أمام رأي عام داخلي وخارجي يطالبه بالمستحيل، فما كان منه إلا أن يبرئ ساحته وهو في السعودية أمام الجالية السودانية ليقول لهم إنه طالب قوى التغيير بتسليمه برنامجاً لكنهم لم يسلموه البرنامج الإسعافي للفترة الانتقالية، مشيراً إلى أنه لا يود توجيه اللوم لأي طرف. مما يعني أنه لا يريد لحكومته أن تحلق بدون أجنحة.
إظهار الحقائق
حمدوك أوضح في لقاء مع الجالية السودانية في العاصمة السعودية أمس الأول أنه اجتمع مع المجلس المركزي لقوى التغيير وطلب منه برنامجاً إسعافيا وبرنامج السياسات للفترة الانتقالية، لكنه لم يتلقّ أي رد، مضيفاً أن مجلس الوزراء لجأ إلى وضع برنامج من الوثيقة الدستورية وإعلان الحرية والتغيير . وبيّن أنه طلب من وزير الإعلام التطرق إلى السلام في الأجهزة الإعلامية باعتبار أن إنهاء الحرب يمثل أولوية الحكومة الانتقالية .
وكشف حمدوك أن اجتماعاً مشتركاً بين السيادي ومجلس الوزراء سيجيز هذه السياسات لإعلانها قريباً لأن المجلسين يتوليان مهام المجلس التشريعي إلى حين تشكيله .
وتابع حمدوك: (لا أود إيقاف العمل ولابد من الإسراع وما داير أي وزير يشوت براهو لابد من التناغم).
مستجدات جديدة
ويبدو أن قوى التغيير شعرت بخطورة الموقف بترك رئيس الوزراء دون برامج محددة ، ولذلك سارعت بعقد مؤتمر صحفي أكد فيه الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير وجدي صالح أن الحديث عن عدم وجود برنامج للتحالف للفترة الانتقالية غير صحيح، وقال إن ميثاق قوى الحرية والتغيير في حد ذاته يعد برنامجاً شاملاً. بيد أنه عاد وأقر بعدم تسليم حمدوك برنامجاً اقتصادياً مفصلاً أُعد قبل سقوط النظام، وعزا وجدي عدم تسليم البرنامج لظهور مستجدات اقتصادية اقتضت تعديله ومن ثم تسليمه لرئيس الوزراء.
برامج ملحة
وأراد صالح من خلال المؤتمر الصحفي الإفصاح عن بعض البرامج منها على سبيل المثال أن قوى الحرية والتغيير توافقت على تمديد فرض الطوارئ، معلناً أن تعيين الولاة سيكون الأسبوع المقبل كما أعلن عن موافقة قوى التغيير على تمديد حالة الطوارئ بالبلاد، وعزا السبب لما تمر به البلاد من ظروف لا زالت استثنائية على حد قوله، وأضاف أن من ينتقدون التمديد نقول لهم إن النظام السابق حكم به البلاد لـ(30) عاماً. معلناً تعيين ولاة مدنيين بالتكليف الأسبوع المقبل لإدارة شؤون الولايات تلافياً للفراغ الدستوري.
العمل في صمت
ونفى صالح الدعوة للخروج في 21 اكتوبر الحالي رغم أنه أكد وقوفهم مع حق التظاهر السلمي، معلناً عن احتفالهم بالمناسبة بإقامة تأبين لشهداء ثورة ديسمبر. وكشف عن وجود جهات خارجية (لم يسمها) وداخلية تسعى لإجهاض الثورة بمؤامرات تنفذها قيادات بالنظام السابق، وأشار إلى أن النظام السابق لا يزال يسيطر على الولايات، وقال بأنهم يعملون في صمت ليجد قادة النظام السابق ما يستحقونه حتى لا يعودوا للمشهد في البلاد لاسيما المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
قيد النظر
من الملفات المنتظرة أمام الحكومة التي لا يمكن أن تغض الطرف عنها قضية المحاكمات التي تمثل للفترة الانتقالية وللشارع الثائر أولوية، ولذلك أعلن رئيس الدائرة القانونية بقوى الحرية والتغيير عمر الجميلابي تدوين بلاغات ضد الرئيس السابق البشير وقادة النظام البائد الأسبوع المقبل، وقال إن الدائرة رصدت كل الانتهاكات والتجاوزات التي حدثت في العهد السابق، داعياً المواطنين لتبليغ الدائرة بأي تجاوزات لفاسدين لدى مكتب الدائرة بتجمع المهنيين في المركز والولايات.
ليس عيباً
ويرى المحلل السياسي د. صلاح الدومة لـ(الصيحة) أن رئيس مجلس الوزراء يريد مساحة من الوقت حتى يعمل، وقال ليس من العيب أن يضع برامج، ومن الممكن ذلك أن يزاوج بين برنامجه مع برامج قوى الحرية والتغيير ودعا إلى عدم الضغط عليه.
توقيتات محددة
ولم يستغرب المحلل السياسي د. أبو بكر آدم في حديثه لـ(الصيحة) من كلام حمدوك لأنه لا يريد كما قال الخروج عن خط الثورة، مبيناً أن قوى التغيير ذكرت أن لديها برامج حددت في الـ(200) يوم من تولي حكومة حمدوك، ولكنه تساءل هل كل تلك البرامج يتم تنفيذها فوراً؟ ورأى أن كثيرا من تلك المطالب تحتاج إلى وقت بجانب أن قوى التغيير لم تدفع ببرامج تفصيلية محددة بتوقيتات، ولذلك يجد رئيس مجلس الوزراء نفسه في صراع مع الوقت، وأكد بالإمكان أن يستخدم حمدوك خبراته في إدارة بعض الملفات المهمة خاصة الاقتصادية، ولكن في كل الأحوال يحتاج إلى وقفة قوية حتى يحقق النجاح .