الشيخ عبد الحي VS بت البوشي
ومن جهة أخرى فإن جدل الفايدة المرجو من (ضقيل) البنات بالكورة أو الضرر المنتظر.. أشبه بما فعله (غابريال غارثيا ماركيز) في بطل روايته (لا أحد يكاتب الكلونيل) حين جعله مُزِيحاً لكل العالم المُحترِب لصالح ديكه المصارع .. ليصبح العالم كله ديك..
مصيره وجل اهتمامه..
الانصراف عن المهم من الأمور لا يفعلها إلا من كان يمشي مُكِبّاً علي وجهه.. (المشتغلين بالفارغة والمقدودة) لا يصنعون دولة ولا يحمون وطناً..
وإنما يستنزفون حيواتهم بين (الغرز) و(المغارز).. لا تنتابهم تلك الانتباهة الضرورية لماهية الحال وتوقّعات المآل وكأنهم من مغرم مثقلون..
عندهم الساعات مُضاعة والشهور والسنوات.. لذا فلا فروقات بين لازم ومتعدي وبين ما هو ضروري وثانوي.. ترتيب الأولويات قضية مهزومة.. وكل ذلك تحت سقف الشعار الأكثر شعبية:
(عيش اللحظة)!!
وتلك نصيحة للفريقين..
كل الظن أن ولاء البوشي ارتقت مرتقىً صعباً حين قرّرت مُنازلة الشيخ عبد الحي يوسف في ساحات القضاء.. أرسلت عريضتها إلى نيابة الخرطوم الجديدة شاكية الشيخ.. وتلك فرصة لا تُعوّض بالنسبة للشيخ وثلة من المغتاظين من صعود نجم محمود محمد طه وتنامي تلك الدعاوى التي يعدونها من الأباطيل والفتن، بل هي عندهم زندقة وخروج من الملة بالكُفران البائن.. فرصة عبد الحي يوسف وزمرته، يمتلكون حججها وهم على استعداد مقيم لخوض أوارها.. هي معركة فكرية بامتياز، ستخسر فيها ولاء البوشي بصرف النظر عن قرار النيابة وقرار محكمة الموضوع الموقرة، وقرارات المحاكم الاستئنافية.. فهي شهور مُتطاوِلة ومُرهقة لا تملك فيها ولاء نفقة فلا ينبغي أن تعد أيامها.. وإن حشدت كل ذلك الصف الطويل من زملائي المحامين الأجلاء غير المدربين على مثل هذه القضايا المنبرية ذات الصوت والإيقاع والصدى الممتد خارج الردهات.. وفي ذلك يقول الصديق الدكتور عصمت محمود:
(إعلامياً ومن ضربة البداية سينجح خصوم الوزيرة في حشرها في أضيق دائرة وهي الانتماء الحزبي وليس باعتبارها وزيرة اتحادية قومية لكل السودانيين)..
أعلنت البوشي مخاصمتها لإمام مسجد (خاتم المرسلين) ببيان للشعب السوداني مُرفقة صورة من العريضة..
ولأنها اختارت إخطارنا جهراً فإن الواجب الذي لا يتم الواجب إلا به هو قراءة العريضة جيداً ومن ثم التعليق…
الملمح الأول أن عريضة الاتهام ركبت سرجين كلاهما على طرفي نقيض.. قالت في سرجها الأول إن شيخ عبد الحي اتهمها بالارتداد عن ملة الإسلام ثم ركبت سرجاً آخر حين دافعت في فقرتين من المرافعة -المنشورة إسفيرياً- عن الفكر الجمهوري ومحمود محمد طه بادعاء صحيح أن المحكمة العليا ألغت قرار الحكم بردة محمود وإعدامه ذلك القرار الذي انبنى على بطلان الإجراءات وبعد رد النائب العام عمر عبد العاطي على عريضة الطعن بالآتي:
1- نعترف بأن المحاكمة لم تكن عادلة ولم تتقيّد بإجراءات القانون.
2- إن المحاكمة إجهاض كامل للعدالة والقانون.
3 – لا نرغب في الدفاع إطلاقاً عن تلك المحاكمة.
انتهى…
صعب أن تركب ذات السرجين في وقتٍ واحد.. ولها لو شاءت أن تُغرق الشيخ في لجة الإدانة والتجريم أن تتخلى عن محمود محمد طه وله رب يحميه.. وأن تنأى بنفسها عن ذلك الالتباس وتُعلن صراحة أنها ليست (جمهورية) ولا يحزنون.. وأن كل ما يربطها بالجمهوريين علاقة القربى التي لا تمثل وشيجة فكرية أو عقدية..
وسؤال ليس ببعيد، إذا كان من حق الناس ومنهم (محمود) أن يتزندق أفليس حقاً للآخرين الإشارة إليه كزنديق والإبانة للعامة عن الحكم الشرعي وإقامة الحجة والدليل على زندقته ليحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
حرية التعبير لنا ولسوانا