تقرير: النذير دفع الله
أصبحت القائمة الأمريكية السوداء هي الهاجس الذي أرهق وما زال، كاهل الدولة السودانية منذ أن وُضع اسم السودان في العام 97، بينما سعت الإنقاذ التي تعاملت مع هذا الملف بكل استخفافٍ للخُرُوج من هذا النفق ولكنها لم تلفح لما ارتكبته من أخطاءٍ كبيرةٍ، وما بين الخروج من القائمة والبقاء، فَقَدَ السودان الكثير من المصالح، وواجه جُملَةً من التّحديات الاقتصادية، فيما سعت بعض المُؤسّسات الأمريكية المُناهضة لقرار القائمة السوداء أنّ وجود السودان في تلك القائمة ربما يؤدي لفشل الدولة السودانية، وبالتالي استنساخ التجربة الليبية والسورية واليمينة التي تؤدي لتفاقُم الأوضاع في المنطقة وهو ما لا يَرغب فيه الرأي العام الأمريكي.
الخروج من القائمة
وبحسب التقرير الأمريكي الذي حذّرت خلاله منظمة بحثية أمريكية ونشرته (الصيحة)، تخوُّف بعض المؤسسات الأمريكية والمناهضة للقرار الأمريكي من انفلات الأوضاع في السودان واستنساخ التجربة الليبية والسورية واليمينة، حيث أوضح التقرير أنّ السودان مُعرّضٌ لخطر الفشل إذا لم يُرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي قال التقرير إنه يجب الخروج منها في الوقت الذي تغيّر فيه النظام الحاكم في السودان تلقائياً، وقال التقرير: إذا فَشل السُّودان فإنّ تداعيات المنطقة سَتكون أسوأ من تأثير الوضع في ليبيا أو سوريا أو اليمن، وأوضح التقرير أنّ الرجال والنساء خاطروا بحياتهم من أجل الخُرُوج من الأزمة والتطلُّع لوضعٍ أفضل لتحقيق العدالة والسلام والحُرية، بينما بعث التقرير برسالة مُبطّنة مفادها أن نجاح الثورة السودانية والفترة الانتقالية مرهونٌ بإزالة ورفع اسم السودان من القائمة السوداء.
التنازُل من السيادة
الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء (م) يونس محمود أكد لـ(الصيحة)، أنّ الحديث عن القيود على السودان ووضعه في اللائحة السوداء المُتعلِّقة بقائمة الإرهاب ليست مُرتبطة بِمَن يحكم السودان، مُشيراً إلى أن الذي كان يحكم السودان قد ذهب بملامحه وبقيت القيود في مكانها وظلّت القيود كما هي، مُضيفاً أن مسألة القائمة السوداء متسلسلة، لأن الدول الغربية والولايات المتحدة رهنت تلك العقوبات بتنازُل الدولة عن جزءٍ من سيادتها والخُضُوع بطريقةٍ كاملةٍ لتمرير أجندتها، بل والتنازُل عن الملامح الثقافية وعلاقات السودان الخارجية ومواقف وموارد وصداقات وأحلاف دولية، وشدد يونس أن إزالة السودان من القائمة ليس قراراً ادارياً، بل هي مُعقّدة أكبر من ذلك، كاشفاً أن المطلوبات الأمريكية مرتبطة ببعض الأسئلة هل أمريكا مطمئنة أن الحكام الذين سيحكمون مؤهلون من الجانب القانوني أو الحق الدستوري، وأن المنهج الذي يحكم الفترة الانتقالية تسير عليه الحكومة المُنتخبة بعد الانتقالية باعتبارها الحكومة الشرعية، والتي من حقها أن تضع الخطط والبرامج في علاقاتها وطريقة حكمها وإدارتها للبلاد، وطالب الحكومة الانتقالية بمُعالجات مُؤقّتة، وعاب يونس، على الانتقالية بأنها وضعت برنامجاً اقتصادياً لفترة عشر سنوات، وقال: ليس مِن حقّها باعتبار أنّها الفترة الانتقالية مدّتها ثلاث سنوات فقط، وأقرّ بأنّ الانتقالية لديها الكثير من الإشكالات في عدم وضوح الأهداف والاِرتباك الذي يتملّكها وأنّها وقعت فيما وقعت فيه الإنقاذ في سنواتها العشر الأخيرة لعدم وجود مؤسسة حقيقية للدولة، وإنما يوجد أشخاص يُصرِّحون تصريحات مُضحكة، وأحياناً مبكية، وأحياناً مشفقة ولا يمكلون جُملاً أو عبارات تكتيكية، لذلك ستبقى الأوضاع على ما هي عليه، وأن الخروج من القائمة السوداء بالمنطق الوارد والحقيقي غير متوفِّر الآن إذا كانت العبارات بشاكلة (أكسح وأمسح) وغيرها!!
الجنسية والإرهاب
القيادي بقِوى إعلان الحرية والتغيير حسن عبد العاطي قال لـ(الصيحة)، إنّ تغيير النظام السابق في السودان لديه تأثيرٌ كبيرٌ في رفع اسم السودان من القائمة السوداء، مُضيفاً أن الإرهاب ارتبط بالدولة من النظام السابق، إما بواسطة إجراءات اتّخذها في هذا الجانب لمجموعات مُحدّدة أو بتقديم حماية لجهات مُحدّدة، وكشف عبد العاطي أن منح جنسيات لأفراد في مجموعات إرهابية، فضلاً عن التعاون الذي كان يُقدِّمه النظام البائد، لذلك فإن تغيير نظام الدولة السابق سيُغيِّر الأوضاع للأفضل، مشيراً إلى أن قِوى إعلان الحُرية والتّغيير قد حصلت على بعض التطمينات من جهات أجنبية للرفع من القائمة السوداء، ولكن ربما هذه الخطوة ستأخذ وقتاً يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وقال: عبد العاطي يجب من الحكومة الانتقالية الحالية أن تبحث عن قائمة تلك الشخصيات التي مُنحت الجنسية السودانية وتَطابُقها مع القائمة الأمريكية والعمل على سحب تلك الجنسيات، أو البحث عن الشخصيات في النظام السابق، كانت تتعاون مع الإرهاب وإبعادهم من مراكز القرار إن كانوا موجودين حالياً في أيِّ منصبٍ، مُشدِّداً يجب إبعاد الشخصيات التي ساهمت في موضوع الإرهاب أو عزلها، سيما وأنّ أمريكا تُحاول أن تطمئن على مصالحها، بل يجب التعاون من المطالب الأمريكية وتوازن الخطاب العام للدولة، وأضاف عبد العاطي: يجب كذلك التّعامُل مع اللوبيهات الأمريكية ومحاولة الضغط على الكونغرس الأمريكي لرفع اسم السودان من القائمة السوداء، قائلاً إن الانتقادات التي واجهها رئيس الوزراء حمدوك من عدم ذهابه الى واشنطن كانت صحيحة، إذ كان من الجيد ذهاب حمدوك الى واشنطن عندما قام بزيارة أمريكا، ولكن لا ندري، لم تتح الفرصة أم هناك أمر آخر؟ وقال عبد العاطي: إذا كان لأمريكا أيِّ طلبٍ واضحٍ يتعلّق برفع اسم السودان من القائمة السوداء عليها أن تُوضِّح ذلك، مُؤكِّداً أنّ رفع العقوبات أمرٌ ضروريٌّ لنجاح الحكومة الانتقالية، وأنّ مجموعات الضغط وحدها ليست كافية، ويجب على الحكومة أن تسعى بصورةٍ جادةٍ لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.