مستشفيات بلادي (2)
تطرقنا أمس لأمر مستشفيات الولايات وما تعانيه من تردٍّ في خدماتها مما يدفع مواطني تلك الولايات للهجرة للخرطوم طلباً للعلاج.
*وحتى الخرطوم التى يقصدها أهل الولايات للعلاج، فإن الخدمات الصحية فيها تشهد تردياً مريعاً ولا يجد العلاج إلا أصحاب المال الذين يقصدون المستشفيات الخاصة التي تهتم “بفندقتها” في الغرف أكثر من الخدمة العلاجية.
*إن مشكلة العلاج في السودان تبدأ من البيئة السيئة ثم التشخيص الذي يعاني منه الكثير من المرضى، وفي الولايات تزداد المعاناة لأكثر من ذلك بانعدام الكادر البشري الذي يقبل العمل في المدن البعيدة.
*من قبل كتبنا كثيراً عن ضرورة اهتمام الدولة بتحسين بيئة العمل في الحقل الصحي بدءاً بالبيئة العامة، مرورًا بالأجهزة الطبية ثم تحسين أجور العاملين في هذا المجال من أطباء وفنيين حتى يقدموا عصارة خبرتهم وجهدهم في علاج المرضى.
*يجب أن تضع الحكومة الانتقالية مستشفيات الولايات في مقدمة أولوياتها لإحداث الاستقرار المطلوب في هذا المجال ويبدأ الاهتمام هذا بتحسين البيئة واستجلاب الأجهزة الحديثة التى تكفي المواطن عناء السفر للعاصمة المثلثة.
*وذكرنا من قبل فكرة رئيس الجالية السودانية بالقاهرة د. حسين والتي تقوم على إنشاء بنك للأطباء يوفر التمويل للأطباء بمختلف تخصصاتهم لإنشاء مستشفيات حديثة بأجهزتها ومبانيها لتوفر على أهل السودان بصفة عامة عناء السفر للقاهرة أو غيرها من المدن لتلقي العلاج.
*ومن الضروريات جداً والتي تقع على عاتق وزير الصحة الانتقالي هو الاهتمام بالمراكز الصحية في أطراف الخرطوم وأريافها وتوفير الخدمات العاجلة لهم حتى لا يرهقهم “بمشوار” وسط الخرطوم لتلقي العلاج.
*هناك الكثير من المراكز الصحية بإمكانها أن تريح المواطنين في أطراف الخرطوم في تلقي العلاج ولكنها تجد الإهمال المريع، وعلى سبيل المثال في قريتي السليمانية شرقا وغرباً يوجد مركزان صحيان بإمكانهما توفير كافة الخدمات العلاجية لمواطني هاتين القريتين وما حولهما من قرى إن وجدا الاهتمام من وزارة الصحة الولائية.
*مركز شرق هذا ينصف بأنه نموذجي، ولكن الوزارة لم تهتم به كثيراً ولا توفر فيه المستلزمات الضرورية للمرضى هناك وظل مواطنو القرية يدعمونه ذاتياً من أجل تقديم الخدمات العلاجية لهم وما يجاورنهم.
*أما السليمانية غرب فهذا قصته تطول، حيث بأ تحديث مبانيه قبل سنوات عديدة ولا زال العمل جارياً بسبب إهمال وزارة الصحة والمحلية، مع العلم أن هذا المركز بإمكانه أن يكون مستشفى ريفياً يخدم الكثير من قرى الجموعية، ولكن إهمال أهل الصحة بالخرطوم جعل هذا المركز في مكانه دون أن يشهد اهتماماً من السادة المسئولين.
*هذان مثالان فقط لمرفقين في الخرطوم العاصمة “المثلثة” ولكم أن تتخيلوا كيف هو الحال في بقية ولايات السودان خاصة البعيدة من مركز الحكم في الخرطوم.
*إن اهتمام الحكومة الانتقالية بالمرافق الصحية في الخرطوم وبقية الولايات يجب أن يكون أولوية قبل كل شيء من أجل توفير خدمة هي في الأساس مسئولية الدولة، ولكن الحكومة السابقة جعلتها مسئولية من يدفع أكثر من المواطنين دون مراعاة للأسر الفقيرة ومحدودي الدخل الذين يصارعون من أجل لقمة العيش.