(الوطني) و(زيرو فساد).. هجمة مُرتدة!
تقرير: هبة محمود سعيد
في هَجمةٍ يُمكن وصفها بالمُرتدة، أعلن حزب المؤتمر الوطني، تشكيله لجنة قانونية لمُقاضاة منظومة “زيرو فساد” في التُّهم التي وجّهتها حيال الحزب وعضويته، في أعقاب إعلان الأخيرة حصولها على مستندات تُدين بعضاً من قادة النظام السابق والمُنتمين للمؤتمر الوطني.
لجنة كشف عنها القيادي بالحزب والوالي السابق “أحمد عجب الفيا”، الذي أكّد في تصريحاتٍ له أنّ كل التُّهم التي ساقتها “زيرو فساد” سَتتم مُواجهتها بالإجراءات القانونية، وقال إنّ الحديث عن امتلاك المليارات والممتلكات سَيتم حَصره، وإنّ جهة قانونية سَتُدير الملف بتوكيل عددٍ من مُحامِي الحزب لمُباشرة القضايا وتَحريكها، لتصبح بذلك “زيرو فساد” في مُواجهة هجمة شرسة من الوطني عقب الهجمات التي وجّهتها له!!
توالي الهجمات
لم يكن أكثر المُتشائمين في حزب المؤتمر الوطني يتوقّع توالي الأحداث بالشكل الذي سَارَت عليه منذ ديسمبر إلى أبريل ليصبح الحزب الحاكم خَارج المشهد، بل ومُغضوباً عليه.
فبالأمس القريب كان الحزب في أوج قُوته قبل أن تُطيح به ثَورة شَعبية ومن قبلها صِراعاتٌ مَكتومةٌ، ليصبح في مُواجهة هَجمات كَثيرة مُتنوِّعة واِتّهامات في مناخٍ ملائمٍ لها، فتاريخ الثورات جَسّدَ لنا حَالَ الأحزاب الحاكمة في السودان عقب سُقُوط حكمها، فمنها من تلاشى، ومنها من دُمج، ومنها من أكلته السنون فلم يعد يذكره أحدٌ، لكن الأمر مع حزب المؤتمر الوطني ربما يأتي مُختلفاً بعض الشيء إن لم نقل كثيراً، فالحزب ظل قابضاً على سلطة البلاد ثلاثين عاماً، ذاق فيها المُواطن السوداني الأمرين، ولذلك تأتي الهجمة بحجم مُعاناة الشعب!!
صُكُوك غفران
ظَلّ الوطني وعُضويته خلال الأشهر الستة الماضية في مُواجهة التُّهم، أبرزها على الإطلاق تلك التي تُواجهها به منظمة “زيرو فساد”، التي تتحدّث بالأرقام والمعلومات.
ووفقاً للقيادي بالوطني “أحمد عجب الفيا” لـ(الصيحة)، فإنه لم يَعنِ بحديثه عن تكوين لجنة قانونية لمُقاضاة “زيرو فساد” فقط، لكن كل من يُوجِّه تُهماً حيال الحزب، مُعتبراً أنّ الأمر إشانة سُّمعة، مُشيراً إلى أن الدولة دولة عدالة وقانون.. وقال: الهجمة كبيرة، وأنا مع العدالة ومُحاسبة أيِّ شخصٍ أجرم في حق الوطن، وأيِّ شخص تولى الحكم ليست لديه صكوك غفران، لكن التعميم مَرفوضٌ، وأضاف: الحزب الآن أصبح تاريخاً، الذي أحسن يجب أن يقال له أحسنت، والذي أساء يجب أن يُقال له أسئت، لكن جميعنا شرٌّ، فهو أمر لن نقبله، وزاد: نحن كُنّا وفي ظل حصار دولي نعمل وفعلنا الكثير.
عودة إلى المشهد
يرى كثيرٌ من المُراقبين، أنّ حزب المؤتمر الوطني بدأ يستعيد قواه مُجَدّداً عقب زوال حكمه في أبريل الماضي، سيما بعد تكوينه الجديد بقيادة د. إبراهيم غندور.
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية، الأستاذ الرشيد محمد ابراهيم لـ(الصيحة)، فإنّ التصريحات الأخيرة، خَاصّةً التي أطلقها وزير المالية البدوي بمصادرة أُصول الوطني أعادت في الحزب الحياة وجعلته يعود إلى المشهد بقوة، وقال إنّ الدُّور لا تُصادر إلا بإذنٍ قضائي، لأنّ قانون ملكية الأراضي لا ينزع أيِّ أرضٍ إلا بقرارٍ قضائي والمؤتمر الوطني يعلم ذلك، وأضاف أنّ الوطني الآن يتكئ على قاعدة قانونية.
أمّا فيما يتعلّق بمنظمة “زيرو فساد”، فيتساءل الرشيد عن تفويضها، وما إذا كانت تتبع لوزارة العدل أم أنها واجهة من واجهات الحزب الشيوعي، وقال: الوطني حزبٌ له تجربة وخبرة ومازال يحتفظ بحرارة المعركة، ويعرف كيف يدير هذا الملف، وأضاف: “زيرو فساد” قدّمت للوطني هدية وهي العودة إلى المشهد من جديد.
“زيرو فساد”
وكانت منظمة “زيرو فساد”، قد أعلنت مُؤخّراً تدوين بلاغات في مُواجهة (37) مسؤولاً من قيادات المؤتمر الوطني في قضايا فساد مالي من بينهم حرم الرئيس وداد بابكر.
وتُعتبر “زيرو فساد” مُنظمة مُهتمة بالكشف عَن فَساد أفراد النظام ومُلاحقته.. وكانت (الصيحة)، قد علمت من مصادر مُقرّبة من أسرة الرئيس السابق، شروع أسرته في فتح بلاغ في مُواجهة “زيرو فساد” ومعرفة السند في التُّهم التي وُجِّهت في حق حرم الرئيس السابق وداد بابكر.
وبحسب المصدر، فإنّ أسرة الرئيس السابق أكدت عدم صحة التُّهم، وأن “وداد” لا تملك سوى قطعتي أرض في حي كافوري بمدينة بحري، وقال المصدر إنّ نيابة الأراضي قامت بمُخاطبة سجل الشركات بخُصُوص شركات حرم الرئيس، إلا أنّ المُسَجِّل التِّجاري أَكّدَ عدم ملكيتها لاسم عمل أو شركة أو حتى مُساهمة في إحدى الشركات، وقال المصدر إنّ نيابة الأراضي تقوم بمهام نيابة الثراء الحرام.
عبث وفوضى
ويرى عضو الوطني د. ربيع عبد العاطي أنّ الاتّهامات التي تُوجِّهها “زيرو فساد” غير مُبرِّرة ومن قبلها تصريحات مسؤولين في الحكومة وقِوى الحُرية والتّغيير – بحد تعبيره، التي وصفها بالكاذبة والحديث عن أن مليارات أعضاء الوطني في ماليزيا وغيرها، وقال هذا حديث “مسخرة”.
وأكد ربيع للصيحة تشكيل لجان قانونية لوضع الأمة في نصابها حتى يستقيم الأمر وحتى لا ينطلي الكذب على الناس، وأضاف: المُعارضة ينبغي أن تكون مسؤولة وتنتهج نهج الإصلاح، وأن لا تكون مُعارضة هدّامة تُدَمِّر البلاد، ووصف ما يحدث بالعبث والفوضى ووضع القانون تحت الأقدام، وقال: لسنا ضد الثورة، لكن هناك فرق بين الثورة والفوضى.!