لا يفوتكم هذا المنطق !!
* لست موافقاً لرأي عبد الحي يوسف بأن ولاء البوشي على عقيدة محمود محمد طه.. ولا أظن أن الجمهوريين قد اختاروها لذا المنصب.. بل أعتقد أنها تنتمي لروح أخرى ولـ(أبد الآبدين) ستبقى منافحة مجالدة لا يضرها من خذلها أو خالفها حتى يأتي أمر الله..
ولأن هذه الثورة ثورة وعي فإن من المهم الترفع عن احتياجات الجسد الفاني، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. المهم فعلاً هو التثوير المفاهيمي وغسل الوعي الذكوري السوداني و(جلخه) حتى الاندغام في فصيل واحد متناغم وأنثاه..
البداية كانت كرة القدم النسوية والتي كنا سنعدها بداية عبقرية لولا أن القائمين عليها تقدموا الصفوف ومهدوا لقبول الشارع تلك (الشورتات والفنايل) ولبسوها.. يا سلام يا ولاء لو اخترت بديلاً لذلك (الشوال) ، زياً رياضياً يماثل أزياء الفرق المتبارية، لتحقق فعلاً معنى القيادة الحقة، وحتى لا يقول متبجح:
(الما بترضاهو لي نفسك ما تقبلوا لي بنات الناس).
– غايتو إلا تقرموا دولتكم دي وتتخارجوا بيها خارج بلدنا المتخلفة دي!!..
* اخي حمدوك نحن نناهض معك المثل السوداني (المرا كان فاس ما بتقطع الراس) ولا شك يزعجنا قولهم (المرا شاورها وخالفها).. ولكننا أيضاً لا نرضى لك ان تتصدى بكل هذه الحماسة الدافقة المريبة لإزالة (كل أشكال) التمييز ضد النساء..
وكلها يعني كلها…
ليس في عمرك الانتقالي ما يكفي لمخاطبة كل تلك الجذور كما أن دخول أعشاش الدبابير كلها ودفعة واحدة ستضر وبقية الملفات التي بيدك.. سترج قاعدتك التي بدأت في التشكك من قدرتكم الدخول في (العمق) وحلحلة المشاكل المتفق في أنها مشاكل، (مقطوعيتك) معروفة إحفظ (لوحك) وركز في ورقك، ولا تمد عيناك إلى ما لا تستطيع له صبراً وليس مناط التكليف… تعامل بذات (البراجماتية) التي وعدت بها ولا تجتهد في لملمة مزيد من العداوات لدى قطاعات واسعة من الشعب السوداني لا زالت ترى (أن الزول البقعد في العربية ويرسل (مرتو) لصف العيش) مشكوك في صحته.. بل إن الموازنة التي آل إليها هذا الشعب قائمة على فرضية (القوامة والولي) ومن أراد أن يتخارج منها فالقضاء باب مخارجته. لكن أن نمسح كل ذلك بجرة قلم, فذلك تجديف لا يعرف الواقع ولا يفي بالمتوقع،وإلا فإن من الواجب أيضاً أن نزيل معه كل المقابل الموضوع لخلق التوازن. فالنظام القانوني السوداني – وكذا الاجتماعي- يقوم على أن الرجل ملزم بالإنفاق على أمه وزوجه وأخته.. وكم حشروا في السجون لحين سداد النفقة المقررة…
حكت لي (بت جبرالله) عن مشوارها وهي طفلة مع والدها للسوق العربي.. كانت هي ووالدها يستقلان (تاكسي طرحة) وكان يرافقهما امرأتان لا معرفة بهما… انخرط النسوة في قطيعة ملسنة .. أوقفها (عم جبر الله) على نحو حاسم واتبعها بموعظة ونهرة… فما كان من الامرأتين إلا أن اعتذرتا بخجل واضح وأسف مبذول… عندما توقف التاكسي منعهما من دفع أجرة التاكسي وهو يردد مبتسما :
(القوامة دي تلزمها نفقة).
دع المجتمع ينظم نفسه ويختار مثلما تركتك (الدبيبات) لتختار وتمضي بعيداً عنها وهي تتأسف:
(نحنا برضو العزة فينا).
ثمة تحفظات مجتمعية مقدرة أنت لا تستمع لها ولا تستطيع أن تستجيب لها بحكم التجائك الطويل وابتعادك عن (لماتنا).. فلا يصلك حوارنا الوطني المنصوب على مدار اللحظة في كل سرادق ونفير..
دائرتك محدودة الرؤية.. عينها إلى الخارج، وجدانها مسموم ومنبت..كما أن الدنيا ليست كلها (مني) و(أحلام).