القيادية الاتحادية إشراقة سيد محمود لــ” الصيحة”
الوضع الحالي أفضل مما كان في (الإنقاذ) ولا يمكن المقارنة
خطاب (حمدوك) حسّن صورة السودان التي شوّهها النظام السابق
الاتحاديون ليس أمامهم خيار سوى أن تلتقي كل صفوفهم
لا أتوقّع رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بسهولة
الحكومة الحالية من مهمتها التمهيد للإصلاح الحقيقي
الولاة يجب أن يأتوا بالكفاءة والولايات لن تتحمل أي صراعات
النظام السابق أوجد صراعات قبلية في شرق وغرب البلاد
الوحدة الاتحادية قادمة ولا بديل لها
مهمة محاسبة المفسدين ليست سهلة وغير مستحيلة
القضاء على الدولة العميقة يحتاج مجهوداً وسنساعد على ذلك
حاورتها: شادية سيد أحمد
بشّرت القيادية بالحزب الاتحادي الديمقراطي التي تقود تيار الإصلاح داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي، إشراقة سيد محمود بوحدة جميع الكيانات الاتحادية، وقالت آن الأوان لأن تتوحد هذه التيارات لمجابهة العمل خلال الفترة القادمة، خاصة فيما يتعلق بالانتخبات التي ستقام بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
تحدثت إشراقة عن قضايا شتى من خلال الحوار الذي أجرته معها ” الصيحة”، تحثت عن خطاب رئيس الوزراء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وأثره والوضع الحالي في السودان، والأزمة الاقتصادية، والوضع داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي، وغيرها من القضايا وضعتها ” الصيحة” على منضدتها.
* كيف تقرأين خطاب رئيس الوزراء الأول دكتور عبد الله حمدوك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
– خطاب رئيس الوزراء في تقديري خطاب جيد، غطى كثيراً من القضايا المهمة، وطالب المجتمع الدولي بالوقوف مع السودان خلال الفترة المقبلة، وتطرق كذلك لقضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتقديم الدعم للسودان. واستطاع الخطاب عكس صورة جيدة عن الشعب السوداني تسبب النظام السابق في تشويهها، ويشكل خطاب رئيس الوزراء أمام الجمعية العامة بداية لتصحيح هذه الصورة الشائهة في أذهان العالم.
*في تقديرك إلى أي مدى يمكن أن يجد هذا الخطاب استجابة من العالم الخارجي خاصة فيما يتصل برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، والديْن الخارجي وتقديم الدعم؟
– لا أتوقع أن يتم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب في الوقت القريب، ولكن سوف تكون هناك خطوات إيجابية نحو الرفع من قائمة الإرهاب، كما أتوقع أن يكون هناك عون فني يُقدّم للسودان، وإعفاء أو جدولة الدين الخارجي، وقد لا يكون هناك إعفاء كامل للديون، وربما تتم تسوية وإعفاء جزئي أو معالجة .
*الرحلات الخارجية التي بدأها رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، هل يمكن أن تؤتي أُكلها من خلال مد يد العون للسودان؟
– زيارات رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك تؤخذ في إطار التواصل مع العالم، وهي حكومة جديدة، ولابد لها من التواصل مع العالم، وتطرح نفسها وبرامجها ووضع السودان، تؤتي أُكلها الآن أو لاحقاً ليس الآن، الأهم أن يتم تنوير العالم والتواصل معه، ومن ثم هناك خطوات لاحقة قد تقود للدعم والمشروعات والاستثمارات.
*الوضع الحالي بعد أن تم تشكيل الحكومة…. رسم للصورة؟؟
– في كل الأحوال السودان اليوم في وضع أفضل مما كان عليه في السابق دون شك، ولا يمكن أن نُقارن الوضع الحالي بالوضع في النظام السابق الذي وصلنا فيه أسوأ الدرجات في كافة المجالات دون استثناء، اقتصادياً وسياسياً، والفساد والإدارة والتمكين وإهدار المال العام، وانهيار الخدمة المدنية، والممارسات والأساليب الفاسدة التي أضرت بالعمل السياسي، وتقييد الحريات وانهيار العملة السودانية مقابل الدولار.
*الحكومة الانتقالية الجديدة وبمكوناتها لحالية في تقديرك هل ستؤسس لفترة قادمة تساعد على انتشال السودان من الوهدة الحالية؟
لا أعتقد أن أي نظام أو حكومة تأتي بعد حكم الإنقاذ أن تكون بيدها عصا موسى وتعمل على تغيير الأوضاع إلى الأفضل ما بين ليلة وضحاها، وأن تأتي بنتائج سريعة وعاجلة، والمطلوب من الحكومة الانتقالية العمل على الترتيب والتمهيد للإصلاح الحقيقي خاصة فيما يتصل بالاصلاح القانوني مثل قانون الانتخابات، والخطوات نحو الدستور الدائم، ومفوضية العدالة الانتقالية التي تعمل على المصالحات وجبر الضرر ومحاسبة رموز النظام السابق واسترداد الأموال، يمكن أن نسمي ذلك إدخال الدولة والمجتمع غرفة إنعاش خلال هذه الفترة الانتقالية، والفترة التي تليها هي فترة عودة الحياة إلى طبيعتها في كافة المجالات، ويجب على القوى السياسية والمواطن السوداني ألا يُحمّل الحكومة الانتقالية فوق طاقتها، وعلبها أن تعمل خلال هذه الفترة على استقرار الوضع السياسي والتأسيس للإصلاح وليس الإصلاح، لأن السنوات الثلاث كافية للتأسيس وليس للإصلاح نفسه.
*ولكن الوضع أصبح مقلقاً والضائقة المعيشية ارتفعت وتيرتها، وهناك أزمات في كل شيء، ألا يمكن أن يكون للحكومة الانتقالية دور في هذا الوضع؟
– كل هذه المظاهر الحالية من أزمة في الوقود وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وفوضى الأسواق لن تتغير هذه المظاهر إلا عقب إجراء إصلاحات جذرية في الإدارة والاقتصاد، وهذا لن يتم بين يوم وليلة، وهناك أشياء يمكن أن تعالج على المدى القصير مثل غلاء الأسعار وعدم استقرار الأسواق والمعيشة وأزمة الوقود، كل هذه القضايا يجب أن تدخل غرفة الإنعاش عن طريق طلب المساعدات الدولية نسبة لتوقف الإنتاج وتدهور الوضع الاقتصادي، وحتى لا نعتمد على الاستيراد الذي يحمل المواطن أعباء إضافية، وأخرى تترك للمدى البعيد.
*عفواً أستاذة، هناك سلع ليست لها علاقة بالعملة الحرة وهي سلع محلية، إلا أن اسعارها في ارتفاع جنوني مثل الحليب والطماطم والخضروات، فوضى تعرفة المواصلات.. هل هذه الأزمات مفتعلة ويوجد ما يسمى بالدولة العميقة كما يقال؟
– إلى جانب عدم الإنتاج وتوقفه، وهذه تركة ثقيلة من النظام السابق، ولكن لا أستبعد أيادي الدولة العميقة في افتعال هذه الأزمات، ونبهنا إلى أن من مهام الحكومة الانتقالية التخلّص من الدولة العميقة والتمكين خاصة وأن عناصر النظام السابق موجودة في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها والوزارات والأذرع المحلية والتنفيذية، وفي استطاعتهم تعطيل أي قرارات فوقية تصدر كما كان يحدث في النظام السابق من نفس عناصره.
* وزارة المالية حدّدت مئتي يوم للنهوض أو إنعاش الاقتصاد خلال المرحلة القادمة.. هلي هي كافية؟
– مئتي يوم ليست كافية، والوعود الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، مئتي يوم لا تستطيع أن تصلح ما أفسدته الإنقاذ في ثلاثين عاماً، الدمار الذي حدث خلال الثلاثين عاماً يحتاج إلى خطة هادئة ومدروسة وقوية توضع بطريقة لا تحتمل أي خسائر، تُجاز بطريقة ديمقراطية من قِبل كافة السودانيين .
* الوثيقة الدستورية لديكم عدة تحفظات عليها رغم استيعابها الكثير من رؤاكم؟
– نعم، تقدمنا بوجهة نظرنا قبل الوثيقة حول كيف يمكن أن يكون الاتفاق الدستوري، واشتملت خارطة الطريق التي تقدمنا بها على عدة نقاط، صحيح معظم هذه النقاط التي تقدمنا بها في خارطة الطريق ضُمنت في الوثيقة مثل حكومة الكفاءات، مستقلين، الكوادر والعناصر التي فاوضت لا يجب أن تشارك في الحكومة، وتم ذلك بشكل مقبول، ونحن أول قوة سياسية طالبت بذلك، ونرى أن أكثر من 70% من رؤانا ضُمّنت في الوثيقة، وتتماشى مع أهدافنا.
* إذاً ما هي نقاط الخلاف وفِيمَ التحفظ؟
– هناك نقاط لها خطورتها وأهميتها لم تدرس بالصورة الكافية، وربما تقود إلى إشكالات في المستقبل، مثل الحكم الفدرالي، وهي من النقاط الخطيرة تحدثت الوثيقة عن تعيين الحكام، ولم يتم الحديث عن الكيفية، هل يأتون بالكفاءة أم عن أي طريق، وكان ينبغي أن يتم النص على التعيين بوضوح، ويجبب أن يأتوا عن طريق الكفاءة لأن الولايات لن تتحمل أي صراعات سياسية في ظل عدم وجود انتخابات، قد تكون المحاصصات السياسية في المركز أهون من الولايات ولها خطورتها في الولايات، إضافة إلى هيكلة الولايات والتعامل مع المجلس التشريعي ومجلس الوزراء، وضبط الحكم في الولايات، كل ذلك لم ينص عليه بصورة واضحة في الوثيقة، ولذلك نتوقع حدوث إشكالات بالوثيقة في مقبل الأيام عند تعيين ولاة الولايات، وكذلك قضية النظام البرلماني الرئاسي لا يمكن أن تنص الوثيقة على نظام برلماني 100% في ظل عدم وجود انتخابات وبرلمان معين، ويجب أن تخضع تجربة النظام البرلماني والرئاسي إلى الدراسة كما قال رئيس الوزراء، وهذا له خطورته أيضاً، النسب يجب ان تعدل بحيث تكون هناك مساواة بين القوى السياسية، ويجب ألا تتحدث الوثيقة عن برنامج معين، البرنامج يجب أن يُترك للبرلمان الذي من واجبه إجازة برنامج الحكومة الذي يقدمه مجلس الوزراء .
* إذا ما تمت معالجة النقاط الخلافية هذه هل يمكن أن يلحق حزبكم بإعلان قوى الحرية والتغيير؟
– بدأنا معهم قبل سقوط النظام، وحدث خلاف حول الإعلان، كنا ننتظر تعديله لكي يشمل الجميع، الآن نحن كقوى سياسية لم نوقع على إعلاق قوى الحرية والتغيير، ولكن تم تكوين الحكومة، وسيتم تكوين البرلمان، وبالتالي الحديث عن تكتلات وأحزاب سياسية، وسوف نضع أيدينا مع الحرية والتغيير فيما يلي بناء الدولة خلال الفترة الانتقالية والقضاء والحرب على الدولة العميقة والذي يجمعنا معهم الآن الفترة الانتقالية، وفترة الانتخابات فترة قائمة بذاتها، وهذه أهداف يمكن أن نلتقي حولها، وهي مشتركات وما دون ذلك لكلٍّ حزبه ونضالاته خلال فترة الانتخابات والوصول إلى صناديق الاقتراع.
*بدأ المؤتمر الوطني في إنعاش حزبه وتكوين هياكله وأماناته… في إي إطار تنظرين لذلك؟
– كنت أتوقع أن يكون إبراهيم غندور داخل السجن، وهذا دليل على أن الدولة العميقة لم تذهب بعد، وغندور مسئول مسئولية كاملة عن الفساد الإداري والتمكين مسئولية كاملة ونحن شهود هذا، وهو مسئول عن أكبر كارثة تمت في السودان وهي التمكين، ويجب ألا تمر هذه الجريمة مرور الكرام، بدل أن يكون غندور في السجن نجده يتحدث عن تكوين حزبه ولملمة أطراف حزبه، نحن لسنا مع الإقصاء ولا نريد أو نطالب بإقصاء الإسلاميين من الساحة السياسية، ولكن لا يمكن لهم أن يقدموا إبراهيم غندور، يجب أن يكون داخل السجن ليُسأل عن دوره في التمكين .
*هل التمكين جريمة جنائية تتطلب المساءلة والمحاكمة؟
– نعم.. جريمة جنائية كاملة، والأخطر من ذلك أنها جريمة سياسية، الجريمة الجنائية لها عقوبة محددة أما السياسية ستلاحقه مدى الحياة، وغندور قام باستغلال نفوذه السياسي حسب القانون الجنائي، وهو كان رئيس نقابات عمال السودان، وتم على يده تعيين الكثير من الموظفين الفاسدين، وهو يعلم ذلك، ومكّن كوادر التنظيم الذين ليست لديهم كفاءة، وإنما ولاء سياسي فقط، يجب أن يأتي إلى المحكمة ويجيب على كل ذلك، لذا عليه الابتعاد عن الساحة السياسية إلى أن تتم محاكمته .
*عقب الزيارة التي قام بها حزبكم لشرق السودان الأيام القليلة الماضية، كيف وجدتم الوضع في ظل الصراعات القبلية التي بدأت تطل برأسها في الشرق” بورتسودان”؟
– التقينا بقيادات الحزب الاتحادي ولم نلتق قوى سياسية أخرى، ولكن ملف الشرق يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من الحكومة الحالية، وتأخير مقعد الشرق في الحكومة سبّب كثيراً من الإشكالات، وعلى قوى الحرية والتغيير معالجة هذا الملف، وتأخير مقعد الشرق أعطى إشارات سالبة لأهل الشرق، على رئيس الوزراء والمجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير أن تقوم بمراجعة الشرق بأسرع ما يمكن.
*هل هذا يؤدي إلى مطالبة أهل الشرق بحق تقرير المصير كما هو شائع هذه الأيام؟
الشرق مثله مثل كثير من الأقاليم تعرّض للتهميش المتعمد والإدارة السيئة من قِبل النظام السابق، وهذا يحاتج إلى معالجة سريعة خاصة المشاكل القبلية التي ورّثها النظام السابق الذي أوجد الصراعات القبلية في كثير من أنحاء السودان، لذلك يجب الإسراع في تكوين مفوضية العدالة الاجتماعية ومفوضية السلام والتحرك العاجل لحسم هذا الملف حتى لا تظهر صراعات قبلية في أنحاء أخرى من السودان. النظام السابق أوجد صراعات قبلية في الشرق وفي الغرب، ويجب أن تُفرَد لهذ الملف مساحة واسعة حتى لا تنتقل الصراعات إلى أجزاء أخرى من البلاد، ولمنع أي إشكالات في المستقبل يجب العناية بالملف.
*لا زال السؤال قائماً هل التهميش مدعاة للحديث عن المطالبة بحق تقرير المصير؟
– لذلك قلت لكِ إن ملف شرق السودان يحتاج إلى عناية خاصة، ولابد من محاربة الفقر في الشرق والنهضة بإنسان الشرق، وإقامة مشروعات تنموية وصيانة الطرق الرئيسية خاصة طريق بورتسودان والذي يربط بين كسلا وبورتسودان وهو غاية في الخطورة، ويؤدي إلى القتل .
*الوضع داخل الحزب الاتحادي بصورة عامة؟
– الآن كافة التيارات الاتحادية تجد نفسها أمام سؤال مهم وكبير، ويحتاج إلى إجابة سريعة، وهي الوحدة الاتحادية وليس أمامهم خيار سوى أن تلتقي كل الصفوف الاتحادية بكل التيارات لأجل الانتخابات، وآن الأوان لذلك، وفي حال توافقت كل القوى السياسية ونسّقت مع بعضها لن تكون هناك قوى تعمل على منافستها في الانتخابات القادمة.
*هل يمكن أن يتم ذلك، أو هل من أمل للوحدة؟
– آمل وأعلن لكِ هذا الآن .
*هل من خطوات؟
– نعم، هناك مجهود ضخم وكبير يتم في هذا الإطار تعمل عليه كثير من التيارات الاتحادية والتقينا الأسبوع الماضي في هذا الشأن .
* يمكن أن القول إن الساحة السياسية موعودة خلال الفترة المقبلة بالإعلان عن حزب اتحادي ديمقراطي واحد؟
نتمنى ذلك، وهذه أشواق كافة الاتحاديين .
*ماذا عن الدور الذي يمكن أن يقوم به الحزب الاتحادي الديمقراطي خلال الفترة الانتقالية؟
– القضاء على الدولة العميقة يحتاج إلى مجهود عظيم فيما يلي دعم الحكومة في كل خطواتها في التخلص من كل أذيال النظام السابق، وهذا يحتاج منا دعماً ووقفة قوية مع الوزارات التي تنفذ هذا، ونحن كقوى سياسية سنساعد الحكومة في تنفيذ أي ملف يتعلق بمحاسبة رموز النظام السابق، وحل مشاكل الخدمة المدنية، ومحاربة التمكين، ونحن بادرنا بذلك، ولدينا الكثير من الملفات في هذا الشأن.
*الحديث عن الفساد ومحاسبة المفسدين، هل بالأمر الهيّن؟
– نحن نطلب من الجميع، كل من يستطيع مد يد العون في هذا الملف أن يقوم بذلك دون تردد، وأن يقدم المساعدة، ويجب ألا يفهم من سياق حديثنا أن هذا إقصاء للإسلاميين، وهناك إسلامييون لم يكونوا جزءاً من الفساد، ولم يشتركوا في جرائم، وهذه المهمة ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة إذا كان هناك تعاون، والحكومة قدمت تجربة قوية تكون جديرة بالوقوف معها ستنجز المهمة وستجد الدعم المطلوب.